'الرسالة الاولى'

854 38 3
                                    

"تغاضوا عن الاخطاء الاملائية.."
رسالة المنتحر رقم 1..
الاسم: لا يوجد اسم.
سن الانتحار: 20 عاماً.
سبب الانتحار: الوحدة والاكتئاب.
القصة؟
ولدت وحيدة وعشت وحيدة ومت وحيدة.. كنت الطفلة الخامسة لوالداي لكنهم لم يهتما بي قط كنت فقط شخص يطلبونه عند احتياجه اما عند احتياجي لهم لا اجدهم.. لم اعرف معنى الاحضان الدافئة او الشعور بالأمان لكنني اعتدت ذلك مع الوقت حتى عندما ارتدت المدرسة لم يكن لدي اصدقاء اجلس وحيدة بعيداً عن التجمعات اكرهها بشدة واكره هذا الصخب الذي يصدرونه وضحكاتهم العالية اكره التجمعات البشرية عامةً!!...لم احب يوماً ان يقترب احد مني او ان يصبح صديقي لم احب مفهوم الصداقة هذا لأنه لا توجد فيه اي ايجابيات فقط سلبيات ستبدأ قصتك مع صديقتك جيدة جداً ثم ستسوء بالتدريج وتتحسن قليلا لكنها تسوء اكثر فأكثر وفي النهاية تنتهي الصداقة هكذا هي جميع الصداقات فأنا اؤمن بفكرة أن الجميع في حياتنا فترات والقرب من البشر والاختلاط بهم ليس إلا اذى لهم ولي فأصبحت افضل البقاء وحيدة بلا اصدقاء في مدرستي... حتى في العطلة لم احب الخروج خارج غرفتي اعشق الظلام وهذا الهاتف الذي دائما ما في يدي لا احادث احد لكنني اتصفح بعض المواقع ثم اغلقه واعود للنوم فالنوم هو ثاني شئ اعشقه بعد الظلام...لم احب عائلتي ابداً كانت صاخبة جداً على عكسي افضل الهدوء .. اه نسيت ذكر ان الهدوء هو ثالث شئ اعشقه!.. كانت صاخبة دائما اشقائي يتصارعون فيما بينهم ويتشاجرون ويتجادلون كثيرا لا احب هذا لا احبه ابداً لذا اضع السماعات في اذني واشغل موسيقاي المفضلة بينما انا موجودة غصباً بينهم كي اتناول الطعام او اجلب شئ من الخارج ثم اعود سريعاً لغرفتي واغلق الباب خلفي واجلس على هاتفي او انام .. اعشق الليل فهو رابع شئ اعشقه لذلك كنت اسهر ليلاً وانام نهاراً في العطلة .. احب غرفتي للغاية واحب الاربع حوائط من حولي قد يراه البعض سجناً لكنني اراه راحة وانعزال عن العالم الصاخب الخارجي...كنت اكره الخروج خارج الغرفة فكل شئ يحدث خارج الغرفة مهما كان صغيراً اشغل نفسي به واستمر في التفكير به اذا وقعت ملعقة على الارض استمر في التفكير كيف وقعت؟! ولما وقعت؟! هل كان يقصد احدهم فعل هذا؟! هل يريد احدهم لفت الانتباه؟! في النهاية انا اعتبر نفسي مريضة تفكير لذا افضل البقاء في الغرفة التي لا يحدث بها أي شئ جديد حتى امنع نفسي من التفكير... لم اكن من هؤلاء النابغين في دراستهم كنت عندما ارسب في مادة ما كانوا يتذكرون _ والداي _ حينها ان لهم ابنة وينادوني من غرفتي لمعاقبتي على هذه الدرجة السيئة ويستمروا بإخباري بأشياء ك "كم انتِ فاشلة!! حمقاء!! لا فائدة منك!! كيف نُري وجهنا للناس!!" حقاً كان كل ما يهمهم نظرة الناس لهم اتلقى هذه الكلمات بتجاهل تام وفي شرود منتظرة جملة "اذهبي الى غرفتك ستظلين هناك لأسبوع ولن تخرجي!"
يرون هذا عقاب لكنه كان متعة او روتين اين العقاب في ذلك؟! .. اتجه الى غرفتي وانا مبتسمة واغلق الباب خلفي واجلس بها اتذكر ما حدث في الخارج واستمر في التفكير في كل شئ بسيط حدث واضم ركبتاي اسفل ذقني واغمض عيني بشدة في محاولة مني لإبعاد هذه الافكار التي تقتلني دائما لكنني في كل مرة احاول ابعادها تلتصق اكثر لذا ادعها لا يهم لقد اعتدت لكنها حقا حقا *مؤلمة!* ... كبرت وتخرجت اخيراً كنت اذهب للجامعة مرتدية سماعاتي واشغل موسيقاي واتجنب اي احتكاك بالبشر عامةً وخاصةً التجمعات.. بعدما انتهيت من المحاضرة جلست تحت ظل شجرة كبيرة لم يكن احد بالقرب منها لذا استغليت الفرصة وجلست تحتها وشردت بذهني لكن افاقني ذلك الوغد الطويل ذو الشعر الناعم والعيون الزرقاء قائلا
"يمكنني الجلوس بجانبك؟"
جلس بجانبي مستنداً على الشجرة على الرغم من رفضي لطلبه
نظرت له بحنق لكنه لم يبالي وجلس هو الاخر شارداً بذهنه وقفت بعد نفاذ صبر متوجهة بعيداً عنه لكن اوقفتني يداه التي امسكتني من رسغي التفت إليه وعقدت حاجبي وكدت اخباره ان يبتعد عني لكنه كان اسرع مني وعانقني ودفن رأسه في شعري القصير كالطفل الصغير كأنه كان يحتاج لهذا العناق كثيراً! ..توقف الزمن وقتها هذه كانت اول مرة اشعر بالدفء في حضن احد .. كدت ارفع يداي لأبادله العناق لكنني تراجعت وظللت واقفة شاردة لا اعلم ماذا افعل فجأة اعتلى وجهي ابتسامة لم افهم لماذا وقتها .. شعرت ببعض القطرات على كتفي فأدركت انه يبكي اختفت الابتسامة عن وجهي تدريجيا وتحولت لعبوس .. ابتعد هو سريعاً بعد ان بادلته العناق ابتعد بعد دقائق قليلة مرت كأنها ساعات لي
"انا اعتذر .. اعتذر بشدة لا اعلم ماذا حل بي.. يجب .. يجب ان اذهب"
قالها وتركني شاردة فيما حدث منذ ثوان لكن عندما افقت ادركت انه ذهب .. لم احضر حينها اية محاضرة اخرى فقط رحلت الى المنزل او غرفتي دخلت الغرفة واغلقت الباب خلفي وجلست على الارض مستندة على الحائط اتذكر كل ما حدث بكل تفاصيله واطرح الكثير من الاسألة من هو؟! لماذا عانقني؟! لماذا كان يبكي؟! لماذا اختارني انا؟! بالطبع لم اجد اي اجابة للأسألة جلست افكر وافكر حتى غلبني النعاس .. استيقظت ليلاً واخذت ادرس اكثر شئ اكرهه بحياتي هو الدراسة.. لكنني لم استطع بسبب ما حدث يومها.. قررت حينها ان اقوم بالبحث عن ذلك الشاب غداً في الجامعة اريد اجابات لهذه الأسألة!..استيقظت في اليوم التالي وذهبت للجامعة لم احضر اي محاضرة بسبب بحثي عن ذلك الشاب بحثت في كل مكان حتى تورمت قدماي! بعد يأسي من ايجاده ذهبت الى نفس الشجرة وجلست تحتها وتنهدت وعقلي يدور به العديد من الاسألة لكن كان يترأسها "اين ذهب هذا الفتى؟!" جاء واختفى كالملاك؟ هذه اول مرة اكترث لشئ في حياتي هذه .. شردت بذهني وافاقت على صوت قريب من صوته بجانبي اعتدلت ونظرت بجانبي رأيته جالساً يدندن لم اشعر بوجوده قط! اقتربت منه ثم قلت له "ايمكنني الجلوس بجانبك؟"
نظر لي واعتدل في جلسته وقال "بالطبع تفضلي" وهو يحاول ازاحة نظره بعيداً
"ممم حسناً اظن انك تعلم انني يدور بذهني الكثير من الأسألة!"
هز رأسه ايجابا ثم اكملت
"لماذا عانقتني البارحة؟"
"لا اعلم لكنك ذكرتيني بأمي كثيرا وعناقي لكِ كان كعناقي لها"
"لماذا بكيت؟"
"لأنني افتقدها بشدة"
اتسعت عيني قبل ان اقل له
"اوه اعتذر بشدة"
قلتها بينما اضع يدي على كتفه
"لا لا عليكِ .. لكن لدي فضول بشأن شئ ما"
"ما هو؟"
"لماذا انتِ منطوئة هكذا؟ دائما تجلسين وحدك ؟"
رفعت حاجبي الايمن ثم قلت بخبث
"ممم تراقبني اذا؟!"
بان التوتر على وجهه ثم قال نافياً
"لا لا..لا فقط لاحظت هذا ليس إلا!"
"حسنا سأحاول تصديقك.."
دار حديث طويل بيننا وانتهى بوداع لطيف احببت اليوم واعتدت التحدث معه بل واحببت التحدث معه كان الشخص الوحيد الذي استريح بقربه اطمئن بجانبه هاتفي الذي كان فارغاً من الارقام والمحادثات امتلئ برقمه ومحادثاتي له .. مع الوقت اعجبت به .. ثم الإعجاب تحول لحب .. احببته كثيراً تمنيته في احلامي حتى عندما اخبرته بحبي له اخبرني انه يبادلني نفس الحب والاهتمام من قبل ان يعرفني لكنني لم اتفاجئ كان هذا واضحاً في اول مقابلة بيننا.. كان يُمثل عائلتي التي لم ارها من قبل كان كل شئ جيداً قبل ذلك اليوم.. ذهبت للجامعة كأي يوم عادي دخلت الى الجامعة اتصلت به لكن هاتفه كان مشغولاً لذا لم اتصل مرة اخرى ذهبت الى الشجرة لم اجده ولم يأتِ اخذت ابحث عنه لكنني ظننت انه لم يأتِ لذا خرجت خارج الجامعة و وجدت تجمع كبير لم يكن سهلا ان ادخل لهذا التجمع لأرى ما يحدث كان بداخلي شيئا يخبرني انه يجب ان ادخل اخذت نفساً عميقاً ثم دخلت واحاول ابعادهم عني حتى اصِل الى السبب الذي تجمع الجميع حوله وليتني لم اذهب ابداً!!...كان هو ممدداً على الارض بركة دماء كبيرة حوله لم اصدق ما تراه عيني .. تسارعت انفاسي لم تستطع قدماي حملي فسقطت على ركبتي بجانبه _ او بمعنى آخر بجانب جثته _ اردت الصراخ بشدة لكنني لم استطع لم استطع الكلام حتى اكتفيت بوضع يداي على وجهه ..حاولوا ابعادي لكنني لم استجب لهم كنت في عالم آخر عانقت رأسه بين صدري قبل ان انفجر في البكاء .. لحظات ثم ادركت ان الجميع ينظر إلي في تعجب نظرت حولي ثم وقفت سريعاً وركضت للمنزل لم استقل اي سيارة اجرة لم ارد ان اقابل اي بشري على الاطلاق .. لم اصدق ما رأت عيني لم اصدق قط احببته في لحظات وغير حياتي في لحظات واختفى في لحظات! افقت من شرودي امام المنزل دخلت ولم يسألني احد لماذا عدتي باكراً او ما هذه الدماء ولكن كان هذا الافضل ذهبت لغرفتي واغلقت الباب جلست على الارض واسندت رأسي على الحائط اتذكر ما حدث منذ دقائق وابكي كما لم ابكِ من قبل امسك هاتفي وانظر الى المحادثة التي بيننا واتركه واعود للبكاء ... عدت لحياتي العادية قبل ان اعرفه ... عُدت لعشقي للظلام .. الوحدة..الليل..غرفتي..موسيقاي... حياتي اصبحت اسوء من قبل كرهت البشر أجمع اكثر من ذي قبل وكرهت حياتي .. فكرت في الانتحار لكنني استطردت هذه الفكرة .. مضى شهر كامل في غرفتي لم اخرج منها حتى للذهاب للجامعة...حتى استجمعت قواي وقررت الذهاب للجامعة اصبحت الجامعة اسوء بكثير احضر المحاضرة واذهب للشجرة واجلس تحتها .. هذا كان ملخص ما افعله بالجامعة لمدة اسبوع قبل ان يأتيني شاب ويخبرني انه معجب بي .. حاولت رفضه لكنني فكرت في محاولة نسيانه بإقامة علاقة اخرى مع هذا الشاب؟ .. لم تدم طويلاً كنت عندما اقابله اراه واقف خلفه وينظر لي بحزن فأحاول الهرب منه .. في كل مرة اقابل هذا الفتى اراه هو في كل مكان وينظر لي بحزن لذلك اخبرت الفتى ان ننهي هذه العلاقة وتقبل الامر... انتهت السنة الاولى من الجامعة تمنيت النجاح على الرغم من انني لم اجتهد ابداً .. العطلة كانت طويلة او هكذا تخيلت... كنت اراه في غرفتي يجلس امامي ويتحدث معي لكنه سرعان ما يختفي ... احببت تلك الاوهام التي تجعلني اراه وتجعلني احادثه وحتى اعانقه ... لاحظت امي وقتها اخيراً ان بي خطب ما لكن بدل التحدث معي وضعتني في مستشفى الامراض العقلية ... هذه لم تكن مستشفى بل مقر تعذيب! .. يدخلوني الى غرفة ويمددوني على سرير ويبدأون جلسات الكهرباء التي ارهقتني كثيرا... على الرغم من هذا مازلت اراه ومازلت احادثه واعلم انه وهم لا اكثر لكنني لا اكترث ... مضى شهر لكنني لم اعد احسب الايام وفي يوم كنت ذاهبة للغرفة لجلسة الكهرباء لكنني توقفت كانت الطرقة يوجد في نهايتها نافذة متوسطة تمعنت النظر بها جيداً وجدته جالس ويناديني إليه! .. حاولت الإفلات من قبضتهم حتى نجحت وركضت الى النافذة ونظرت من خلالها وجدته واقف فوق مبنى بجانب مبنى المستشفى ويشير لي كي آتي ابتسمت له بشدة وفي ثوان كنت قد قفزت من النافذة.... انتهت حياتي البائسة المليئة بالاكتئاب..تخلصت من البشر الذي طالما كرهتهم ...هل سأقابله؟ اريد هذا بشدة اشتقت له بحق...ربما لم يجب ان اكن في هذا العالم .. لم انتمي لهذا العالم قط!.
••••
لماذا العائلة دائما تهتم بطعامك ومظهرك فقط؟
لماذا العالم بائس للغاية؟
لماذا دائماً نفقد اعز ما نملك؟
لماذا لا يدوم شئ جميل ابداً؟
لماذا العالم قاسي للغاية؟.

رسائل منتحر| suicide's messagesWhere stories live. Discover now