'الرسالة الثالثة'

302 17 1
                                    

"تغاضوا عن الاخطاء الاملائية..."
رسالة المنتحر رقم 3 ..
الاسم: ليس مهماً ولن يشكل فرقاً.
سن الانتحار: 18 عاماً.
سبب الانتحار: التنمر.
القصة؟
ولِدتُ ببعض العيوب الخلقية كان وجهي مشوه جزئيا واملك يد اكبر من الاخرى قليلا تقبلت فكرة انني قبيحة وسأظل كذلك حتى موتي! لم يكن لدي اي مشاكل ابداً حتى دخلت المدرسة في عامي الرابع لم أسلم من التنمر لم يقترب مني احد وكانوا يتهامسون ويضحكون عند رؤيتها .. احببت الحياة وحدي بدون اصدقاء كانت حياة خفيفة لم احب المدرسة قط فعندما اصبحت في الثانية عشر من عمري حاولت احدى الفتيات التقرب مني لم اطمئن لها من قبل لكنني وافقت ان نصبح اصدقاء وفي يوم اخبرتني انه عيد مولدها وسيكون هناك حفلة كبيرة في منزلها و دعتني إليها حاولت الاعتذار لكنها اصرت ان آتي رغم انها تعلم انني لا احب التجمعات لكنني ذهبت في النهاية وليتني لم اذهب...طرقت الباب وكنت ارتدي فستان طويل و قناعاً لأنني لا احب ان اكون موجودة في التجمعات بوجهي القبيح هذا انتظرت لثوان قبل ان تفتح هي الباب لي ورحبت بي وكانت ابتسامة خبيثة تعلو وجهها .. دخلت الى غرفة واسعة بها العديد من اصدقائها من المدرسة امسكت هي من ذراعي وجذبتني الى مائدة متوسطة يتوسطها "تورتة" كبيرة واقترب الجميع من المائدة وانطفأ النور واصبحت الغرفة مظلمة عدا هذه الشموع التي اضائت ضوءاً خافتاً وبدأ الجميع بغناء اغنية العيد ميلاد وحين انتهوا اضائت الانوار مرة اخرى وطلبت _ صديقتي _ مني ان اقوم بتقطيع "التورتة" بدلاً عنها نظرت لها في تعجب ثم ناولتني السكين واخرجت يدي من جيبي وامسكت السكين وحاولت تقطيعها لم استطع بيد واحدة لذا كنت مضطرة لإخراج اليد الاخرى من جيبي نظرت هي الى يدي الاخرى قائلة "هيا قطعيها!" اخذت نفساً عميقاً قبل ان اخرج يدي واضعها على يدي الاخرى في محاولة مني لتقطيعها لكن ما إن وضعت يدي على يدي الاخرى ظهر الاختلاف في حجمهما وبدأ الجميع يهمس ويضحك حتى كان الضحك اعلى صوت سمعته نظرت حولي ثم تركت السكين و وضعت يداي في جيبي مرة اخرى و حاولت الابتعاد عنهم لكنها اقتربت مني وحاولت جذبي من القناع حتى يسقط وبالفعل سقط ونظر الجميع لي لثوان قبل ان ينفجروا ضاحكين لم استطع وضع يداي على وجهي لأخفيه لأنهم كانوا سيضحكون اكثر اكتفيت بمحاولة الابتعاد عنهم وعدم البكاء امامهم حتى قام احد الموجودين بالحفلة بدفعي ومن ثم قام شخص اخر بدفعي حتى سقطت على الارض تمزق فستاني و اخذ ابكي و صوت الضحك يعلو اكثر اقتربت واحدة كانت تتظاهر بمساعدتي لكنها قامت بجذب العقد من رقبتي بشدة وهي تضحك بشدة نهضت بسرعة محاولة اخفاء دموعي ثم توجهت الى الباب وفتحته وركضت في الشارع وسط المطر الغزير وقعت كثيراً واختلطت دموعي بماء المطر حتى وصلت الى بيتي ودخلت لغرفتي ابكي طول الليل لم اجرأ على الذهاب الى المدرسة مرة اخرى فأخذت اجازة مرضية لمدة شهرين!..لحظة تخرج التلميذ من المدرسة والتحاقه بالجامعة تعد افضل لحظة له وخاصةً إن كان يحب الدراسة لكنني لم أكن كذلك .. كلما كان يقترب موعد التحاقي بالجامعة زاد خوفي وتوتري كلما اتذكر انني سأتعامل مع بشر اكثر يزداد خوفي من التنمر وقلقي لكن كل هذا لم يستطع ايقاف الزمن اصبحت الان في الجامعة ادرس في كلية.. ليس مهم التخصص .. كنت ارتدي قناعي الذي لا يفارقني ابداً مرت اول ايام الجامعة بسلام حتى قابلت ذلك الفتى كان اسمه .. لا يهم الاسم لا يهم ابداً.. احببته كثيراً رغم عدم تحدثنا سوياً رغم انه لا يعلم حتى بوجودي لكنني احببته وفي يوم جاء وجلس امامي في الكافيه تفاجأت فهذه اول مرة يقوم احد بهذا لكنني اصطنعت عدم الاهتمام واعدت يدي اليمنى الى جيبي وامسكت الكتاب بيد واحدة اقترب هو اكثر لكنني لم اشعر به الا عندما اخرج يدي اليمنى من جيبي واخذ الكتاب من يدي وامسك يداي الاثنان ووجهي يعتليه دهشة واحمر وجهي من تحت الكمامة السوداء لم ادرك ماذا كان يفعل بيداي كان يتحسسهما لم افهم لكنني سحبت يداي من بين يديه نظر لي وقال
"لمَ تخفيهم!!"
"اظهرهم حتى يتنمر الجميع عليّ؟!"
"ممم ولمَ الكمامة؟!"
"وجهي قبيح لا اكثر"
"وتخافين التنمر طبعا!"
"ومن لا يخشاه؟!"
لم يجب علي وشردت اتأمل وجهه هذه المرة الاولى التي اراه فيها عن قرب ولم اشعر بيده التي ازاحت الكمامة عن وجهي
"لستِ قبيحة!"
افقت من شرودي وتحسست وجهي ثم حاولت اخذ الكمامة من يده لكنه كان يبعدها اكثر فصحت في وجهه
"اعطيني اياها سيتنمروا علي الان!!"
اقترب مني وطبع قبلة على وجهي قبل ان يعطيني اياها احمر وجهي للغاية ثم ابتعدت عنه وارتديت الكمامة مرة اخرى
"تبدين جميلة بدون الكمامة"
قالها قبل ان يقف ويذهب
"تبدين جميلة"
"تبدين جميلة"
"تبدين جميلة"
تعمقت في هذه الجملة وظلت تتردد في عقلي بصوته واعتلى وجهي ابتسامة .. كانت المرة الاولى التي يخبرني احد انني جميلة! ومن الذي اخبرني؟! الذي احببته بصمت لفترة ليست بقليلة! .. كم هي جميلة هذه الجملة "تبدين جميلة!" ظللت مبتسمة وشاردة بذهني لدقائق حتى افقت من شرودي وتوجهت للمنزل اريد الصراخ من الفرحة التي كنت بها! دخلت غرفتي واغلقت الباب واخذت ارقص واقفز من الفرحة حتى توقفت وخلعت الكمامة ونظرت للمرآة اتأمل وجهي القبيح لكن استطرد هذه الفكرة واتذكره وهو يقول انني جميلة! ثم نظرت ليداي واتذكر لمسته لهما واشرد بذهني قليلا ثم اعود لعالمي مرة اخرى...
في اليوم التالي كنت جالسة في نفس الكافيه وأتى مرة اخرى وجلس امامي فوضعت الكتاب من يدي ونظرت له فقال هو
"لا ترتدِ الكمامة وانتِ معي اتفقنا؟"
جززت على اسناني ثم رفعت يدي وخلعت الكمامة واجبت
"حسناً"
ظللنا نتحدث طويلاً عن اشياء كثيرة تمنيت ان نظل نتحدث للأبد والا ينتهي الحديث لكن الوقت يجري سريعاً في الاوقات الجميلة ... كان ينظر لنا اشخاص ويتهامسون فيما بينهم لم اكترث لهم فأنا معتادة على ذلك .. انتهى حديثنا و ودعني وعدت للمنزل ودخلت غرفتي وظللت احتضن الوسادة واصرخ من الفرحة لم اصدق قط ما يحدث كيف حدث ولماذا؟! اهو يحبني؟! .. ظل هذا السؤال معلقاً في ذهني دائما.. اصبحنا نتقابل كثيراً ونتحدث كثيراً احببته اكثر من البداية بكثير واحببت عندما كان يخبرني انني جميلة وان التشوه في وجهي ليس بيدي وانني اجمل مما يرى البشر السطحيين الذين يهتموا بالمظهر ليس إلا! .. تجرأت كثيرا واصبحت لا اخفي يداي في جيبي واوقاتاً كثيرة لا ارتدي الكمامة السوداء عند خروجي من المنزل ولا اكترث للناس عندما يتهامسون .. في يوم اعترف لي بحبه فأخبرته انني ايضاً ابادله نفس الشعور! ... اصبحنا نتقابل اكثر ونتحدث اكثر والناس يتحدثون ويهمسون حولنا اكثر! .. كان كل شيئا مثالياً .. حبي لنفسي عاد كثيراً..احببت وجهي القبيح..احببت كل شئ قبيح بي واحبه اكثر من كل هذا!..كل شئ كان جيد ومثالي حتى هذا اليوم.. دخلت امي وبجانبها والدي تعجبت كثيراً من دخولهم الغرفة فجأة هكذا كنت اجهز للذهاب للجامعة وقتها ..
"اريد انا و والدك اخبارك شئ"
قالتها امي ثم سكتت لبرهة واكملت
"اخبرتيني منذ فترة انكِ عرفتي فتى في الجامعة وانه يحبك وانكما في علاقة صحيح؟"
نظرت لهما بعدم فهم ثم قلت
"صحيح"
ذمت امي على شفتيها وحاولت التكلم لكنها لم تفعل فقال والدي
"هذا الفتى...غير حقيقي"
صُدمت من هذه الجملة التي لم افهم معناها فسألت
"ماذا؟ ماذا يعني غير حقيقي؟!"
اردف والدي
"انه كان فقط من صنع خيالك ليس إلا .. ليس حقيقياً!"
نظرت لهما ثم قلت
"اين دليلكما!!"
قالت امي التي كادت ان تبكِ
"رأيتك تجلسين في كافيه الجامعة وتحادثين الهواء والجميع ينظر إليك ويهمس ويضحك اردت الذهاب لأسألك ماذا بكِ؟ لكنكِ وقفتي وذهبتي بعيداً.."
اضاف ابي
"وانا رأيتك تسيرين وحدك وتحادثين الهواء"
لم اصدق ما يقولونه بل صرخت في وجههم قائلة
"انتم كاذبون!!!"
"نحن لا نكذب لكننا سنتركك وحدك قليلا"
قالها ابي ثم خرجوا خارج الغرفة واغلقوا الباب خلفهم اخذت ابكي لكنني لجأت الى النوم..
استيقظت اليوم التالي وعزمت على الذهاب للجامعة للتأكد من كل هذا .. جلست على نفس المائدة الموجودة بالكافيه ولاحظت انه يوجد العديد من الاشخاص بالكافيه بالقرب مني لكنني لم اكترث ونظرت حولي لم يأتِ .. انتظرت ساعة واثنين ولكنه لم يأتِ بدأت بتصديق كلام عائلتي.. نظرت حولي رأيته واقفاً يتحدث الى مجموعة من اصدقائه وبينهم فتاتان شعرت بالغيرة الشديدة وتوجهت نحوه وجذبته من ذراعه وصحت في وجهه
"لماذا لم تأتِ لقد انتظرتك!!"
"لحظة هل اعرِفك؟!"
نظرت له بصدمة واخبرته بأسمي
"ماذا هل فقدت الذاكرة!!"
"اه..انتِ الفتاة صاحبت مقاطع الفيديو"
عقدت حاجبي ثم قلت
"مقاطع فيديو؟! لم افهم"
ضحك هو واصدقائه والفتاتان
اقتربت فتاة منه و وضعت ذراعها على كتفها ثم قال لها
"اريها الفيديو!"
ناولتني الفتاة هاتفها ونظرت به .. كنت انا التي بالفيديو و....كنت جالسة في كافيه الجامعة وحدي احادث الهواء بل وامسك يده!! ليس هذا فقط بل اتجول وحدي في الشارع واعترف له بحبي والجميع يضحك بشدة حولي ويتهامسون! وجهي القبيح كان ظاهراً بشدة في المقاطع .. ابعدت الهاتف وناولته للفتاة ونظرت له ثم قلت محاولة عدم البكاء
"لم اكن احادث الهواء ... بل كنت احادثك .. اجل انا احبك انت وتخيلتك في اوهامي!"
تحولت ملامح وجهه للصدمة بينما انا ركضت واتناول الكمامة من حقيبتي لأضعها واخفي وجهي القبيح ذاك!...لا اعلم حتى الان هل الذي حادثته هذا كان هو الحقيقي ام الخيالي.. اسير في الشارع والجميع ينظر لي ويضحك ويتهامس .. سرت في شرود تام..حاولت تهدئة نفسي وشردت بذهني اتذكر كل مقابلتنا سوياً كل كلامه "تبدين جميلة؟" هاه؟! حقاً بل ابدو مجنونة ومختلة!! تساقطت دموعي على قدمي ونظرت لمرآة في حقيبتي وتحسست وجهي ونظرت ليداي *"لست جميلة بل قبيحة ومختلة عقلياً!!"* ظللت افكر هو ليس حقيقياً! هل تخيلته فقط لأرضي نفسي واوهم نفسي انني جميلة وانا لست كذلك؟! هل كنت احتاج فقط ان يخبرني احد "تبدين جميلة بدون الكمامة" ؟! لكنك لست كذلك انتِ قبيحة بشدة ولا احد يريد رؤية وجهك الكريه هذا!! انتِ اقبح مما تظنين وترين! لا فائدة من اي شئ اخر مميز بكِ و وجهك قبيح وكريه!!..الجميع يكرهك بمجرد رؤية وجهك!...من هم مثلك محكوم عليهم بشيئين فقط..العيش في حياة مليئة بالتنمر والاوهام والوحدة..او الموت والتخلص من هذه الحياة البائسة.. نظرت حولي وجدته ينظر لي ويقترب مني ابعدته عني لكنه كان يقترب اكثر ركضت هرباً منه حتى وصلت المنزل صعدت و ودخلت غرفتي اخذت ابحث عن بعض الاقراص المهدئة والمسكنة التي اضعها في مكتبي كي اتناولها عندما اشعر بالصداع واقراص المنوم التي اتناولها عندما اشعر بالأرق.. افرغت علبة المنوم بأكملها في يدي وقبل ان اتناولها ودعت هذا العالم القبيح اجل هذا العالم اقبح من وجهي نفسه!! .. ولا يوجد حياة لشخص مثلي في هذا العالم .. الى اللقاء ايها البشر العنصريين .. والعالم القبيح!.
•••••
لماذا العالم يهتم بالمظهر الخارجي فقط؟
لماذا البشر لا يهتمون بما في داخل الشخص؟
لماذا يعاملون الوسيم/ة بطريقة حسنة والقبيح/ة بطريقة سيئة بينما جميعنا بشر؟
أليس القبيحين بشر ايضا ويملكون قلباً ربما من انقى القلوب؟
لمَ العالم قاسي لهذا الحد؟.

رسائل منتحر| suicide's messagesWhere stories live. Discover now