الفصل| 09

6.1K 713 650
                                    

أعلَم أنَّ الماضي سيُلاحِقني مهما اختبَأتُ مِنه، لأنَّ الماضي مِثل الموت، لا أحدَ قادِرٌ على الفِرارِ مِن قضائِه إذا ما كُتب، ولكِنَّه أقسى مِنه، سيُعذِّبُ روحي، ويزهِقها ألمًا، ثُمَّ يبعثها مرَّة ثانيةً مِن أجلِ أن يُزهِقها ندمًا لا غير

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

أعلَم أنَّ الماضي سيُلاحِقني مهما اختبَأتُ مِنه، لأنَّ الماضي مِثل الموت، لا أحدَ قادِرٌ على الفِرارِ مِن قضائِه إذا ما كُتب، ولكِنَّه أقسى مِنه، سيُعذِّبُ روحي، ويزهِقها ألمًا، ثُمَّ يبعثها مرَّة ثانيةً مِن أجلِ أن يُزهِقها ندمًا لا غير.

كانَ عليَّ أن أحسِبَ للسُّقوطِ حِسابًا مُذ بدأتُ في تشييدٍ حُبٍّ غير عقلانيّ مِثلي، على أرضٍ مُحرَّمة، ربَّما لأنِّي لم أعتقِد أبدًا أنَّنا سنلتَقي خارِج حُدودِ الأحلام، ما وعيتُ على فساد قواعدي، إلى أن وقعت الفأس بالرَّأس، ونزفتُ بشدَّة.

ما أزالُ طريحَة الفِراش، جفنايَ متضافران بخُمول، والرُّطوبةُ تُعاضِد خديّ، أتوسَّلُ النَّوم ليقبَلني على متنِه، ويبحِر بي في عرضِ النّسيان، فالواقِع لن يبيعَه لي مهما عرضتُ عليهِ مِن دموع، سأظلُّ أتذكَّر التِحامَنا الآثم، ستقرّ عيني لنظراتِه الَّتي لم تُسطَّر باسمي قطّ، سأنتَشي برائِحته الرُّجوليَّة، واهتِمامِه الخالِص، ثُمَّ سأتفطَّنُ إلى أنَّه ذنبٌ لم أتُب عنه بعد، رغمَ أنَّه كسَر قدميّ، ولن أقِف باستِواءٍ قريبًا، وربَّما لن أقِف إلى الأبد!

سمِعتُ للتوِّ هديرَ سيَّارةِ الكولونيل الفخمَة وهِي تُغادِر رصيف القَصر، تخيَّلتُه جالِسًا على مقعدِه الاعتِياديّ، وبينَ يديه جريدة، يتصفَّحُها بحاجبينِ معقودين، مِن حينٍ إلى آخر يميلُ رأسُه نحوَ النَّافِذَة، فيظهَر فكُّه المنحوتُ على المِرآة، تخيَّلت لحظة نزوله بالثَّكنة واعتِماره للقبَّعة العسكريَّة الَّتي تُلائِمُه، هناك حيثُ يغدو كشخصٍ آخر يضجّ بالهيبَة. تشبَّثتُ بالمُلاءَة، وضغطتُ جفنيَّ ببعضِهما، مُعاتبةً نفسي، ما يُؤلِمني أنِّي أُمارِس الخِيانَة حتَّى وأنا بعيدةٌ عنه، حتَّى بعدَ أن أعلنتُ النَّدم، واعتَرفتُ بأنَّه خطأ، أنا تائِهة، لا أدري ما الَّذي عليَّ فِعله، كما لا أستطيعُ السَّيطرة على فِكري.

انفرَج جفنايَ بدهشةٍ حينَما فُرِع البابُ، ودخلَ الغُرفة شخصٌ ما، في بادِئ الأمر ظننتُ أنَّه جينوو قد نسِيَ غرضًا مِن أغراضِه، فما أعرتُه أيَّ اهتِمام، ولكِنَّ الفِراش اهتزّ، مُعلِنًا عن حُلولِ طرفٍ ثانٍ بِه، وراءَ ظهري تحديدًا.

جسَد || BodyWhere stories live. Discover now