الفصل الثالث و الخمسون

69.6K 3K 151
                                    

#الفصل_الثالث_والخمسون
#إمبراطورية_الرجال

استغفر الله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون..
اللهم صلَ وسلم وبارك على محمد ...٣مرات
سبحان الله ، الحمد لله، ولا حول ولا قوة الا بالله
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

عاد وجيه للقصر وبداخله اشتياق لرؤيتها....رغم أنه تركها منذ ساعات قليلة ولكن اتصالها جعله يقلق من شيء غامض لا يعرفه.....
أسرع حتى غرفته الذي فتح بابها بابتسامة معدة لاستقبالها حتى وجد الغرفة خالية.....نظر للشرفة المفتوحة فظن أنها تجلس بداخلها فتوجهه اليها بخطوات سريعة......
بشيء يقول أنها هجرت !
ربما هذا الشيء ظنه....أو خوفه !
لم يجدها أيضا بالشرفة فأستدار ليبحث عنها بالخارج حتى انتبه للورقة المثبت عليها زجاجة عطره......أطراف الورقة البيضاء متدلية تترنح بالهواء فجذبها اليه بتوجس.....ليجد الطعنة التي كانت طعنة قاتلة لم يسبق أنه شعر بهذا القهر قبلاً....
كلمة واحدة ولكنها كآخر الأنفاس بالحياة....كوداع الأحبة...تطلع بالكلمة وبكل حرف فيها...يريد التأكد انها تقصد معناها....حروف تفرقت وتجمعت أمام عينيه لتجمع تلك الكلمة القاتلة لآخر آماله....
هز وجيه رأسه رافضاً الأمر....بعينين التهبت من الألم والغضب...بقلب يبرم معاهدة مع الألم...وردد بذهول :- مستحيــــل ، مستحيل أصدق !!
دلفت أحدى الخادمات للغرفة ذات الباب المفتوح لتهم بالتنظيف....نظرت له بتوجس حتى استدار وجيه اليها وصاح بعنف :-
_ لِلي فين ؟!
أجابت الخادمة بتوتر :- أنا شوفتها خارجة ومعاها شنطة سفر ، مقالتش لحد فينا أي حاجة..
طاحت التيه برأسه مجددًا..وعصفت بأفكاره كل الظنون....خنق الورقة بقبضته بغضب ثم خرج من الغرفة بخطوات واسعة...
                           ********

إن الحسنات يذهبن السيئات....هكذا قال الله تعالى في كتابهِ العزيز...
بشرى لقلوب المؤمنين ، والتائبين من الذنوب....وكما أن الله يغفر الذنوب جميعـًا إلا الشرك به...إذن الأمل في الغفران قائم مقاماً مستقيماً....يلزمه توبه نصوح ،ويلزمه استغفار ، ويلزمه كفارات مثل الصدقات والصيام....
الأمل موجود برحمة الله.....
علم "جاسر" طريق الصلاة....وسار إليها بالفرض والسُنة...سجد لربه محبة وتوسل...يرجو المغفرة ، ويرجو إزاحة ظلام الماضي من الآتِ...استغفر بالسجود ....
بقلبه.....وكيانه...في حضرت الله
انتهى من صلاته ولكنه لم ينهض بل ظل جالساً يسبح على يديه....اطمئن بعض الشيء...زارته السكينة...
اقتربت منه جميلة بابتسامة وقالت :- حرماً
التفت لها بنظرة مطمئنة وأجاب :- جمعاً أن شاء الله...
أحبت رؤيته يصلي ،ونظراته الهادئة بعد الصلاة...تأملت عينيه براحة وقالت :- حضرت الغدا....يلا نتغدى بقى
نهض من موضعه وهو يطوي سجاد الصلاة وقال بصدق:- بصراحة مش جعان...
اتسعت ابتسامتها وقالت بمرح :- تصدق وأنا كمان !!
تمدد على فراشه وأشار اليها لتقترب...اقتربت جميلة بابتسامة رقيقة حتى جذبها اليه وتمددت بجانبه فوضع رأسها على صدره ثم ربت عليها برفق....قال :- ساعات من كتر ما بنحتاج الأمان بنسكت...بنحتاج بس الناس اللي بنحبهم يبقوا ايدهم في ايدينا....
احاطت يدها على صدره وقالت بصوت يشبه الهمس :-
_ حساك دايمًا محتاج للأمان ! ليه كل الخوف ده جواك ؟!
تنهدت جاسر بعمق ثم قال باعتراف :-
_ لأني غلطت كتير ، ما تفتكريش الذنب بيدي المتعة بس ، الذنب ده كتلة عذاب متغلفة بطبقة بسيطة من الشكولاتة ، بسيطة جدًا....بتختفي بسرعة وبيبان طعم المرار بعدها...مرار بطعم الندم....نكهة علقم ما بتروحش..
نفت جميلة وقالت :- بتروح بالتوبة ، ربنا ادالنا رحمته في التوبة ، والدعاء ، والاستغفار...وحاجات كتير أوي ....تعرف أن حتى الندم بعد الذنب بتؤجر عليه !
وافقها جاسر وقال :- الندم أول خطوة ، بس باقي الخطوة هو أصرارنا أننا ما نرجعش....قرار صعب وخصوصا أننا مالينا الضعف..
اسندت جميلة رأسها على صدره وقالت بلطف :-
_ الجنة مش ببلاش ، ضعفك مع توبتك بتساوي أجر كبير عند ربنا....زي بالضبط الانسان المريض اللي مش بيقدر يقف وعافر عشان يتوضأ ويصلي....هل هيبقى زي السليم اللي أتوضأ بسهولة وصلى؟!
الاتنين ليهم اجر الصلاة ولكن الأول خد ثواب الأصرار رغم الضعف....المفروض ما تخافش من ضعفك...خُد ضعفك وروح لربنا واترجاه للمغفرة......
تساءل جاسر بقلق :- طب والبشر....بيسامحوا؟
قالت جميلة وقد شعرت بما خلف سؤاله فأجابت :-
_ لو بيحبوك هيسامحوا....
تسللت ابتسامة إلى شفتيه فتسللت يده لإضاءة المصباح القريب واغلقها بواسطة مكبس صغير.....غرقت الغرفة بالظلام إلا قليلًا
                           *********

امبراطورية الرجال ... للكاتبة رحاب ابراهيمWhere stories live. Discover now