البارت 1

1.7K 40 5
                                    

الشوارع مظلمة ولا يضيئها سوى تلك المصابيح الصفراء الضوء الكئيبة وانوار السيارات التى يرتادها هؤلاء الشباب عاشقى السهر المتسكعين وبعض ممن انهى عمله بعد وردية فى الليل ونباح الكلاب ومواء قطط تتشاجر .قطط الشوارع لطالما كانت كابوسا لهؤلاء الفتيات المدللات اللاتى يؤمن أن تلك القطط ملبوسة بالشياطين. هذه هى القاهرة منتصف الليل. فى إحدى ليالي شهر يناير البارد الطقس أصوات إغلاق المحلات وأصوات المتثائبين هنا وهناك .لنذهب لقسم الشرطة بأحد الأحياء نجد صاحب العطارة المجاورة للقسم  العم حسن جالسا بكرسيه أمام القسم يأخذ قسطا من الراحة على كرسيه مغمضا عينيه يريد أن يرتاح قبل الذهاب العودة لزوجته المتذمرة السيدة زينب العجوز التى لا تكف عن الصراخ عليه لعودته متأخرا رغم أنها السبب فى ذلك لكن هكذا هن النساء
يخرج ذلك الضابط الوسيم ذو العضلات شاهق الارتفاع كالنخل الباسقات يتثائب أمام القسم
ممسكا كوب الشاى بيده ليساعده على اكمال ورديته
متاففا من العم حسن الذى علا شخيره قاطعا سكون الليل هذا هو الرائد حازم ذو الثلاثين عاما من أسود الداخلية المصرية رجل المهمات الصعبة له القاب والقاب لكن هل سيتحطم غروره .القى نظرة على العم حسن النائم ثم عاد متمتما بكلمات مبهمة لداخل القسم .ظل غريب تحرك فى خفة شديدة بينما يدخل الرائد القسم توقف برهة ثم نظر حوله لا أثر لأى أحد ظنها قطة فدخل بلا مبالاة .اقترب الظل من العم حسن كثيرا .....
داخل القسم ..جلس حازم على مقعده مع صديقه المقدم مازن
-بعدين يا مازن هنعمل اى المفروض نلاقى حل
-بقالنا سبع سنين مش لاقيينه خالص كأنه فص ملح وداب
-أنا واثق أنه قاصد يعمل حاجة
تنهد مازن قائلا -انت لسة عندك امل انه لسة عايش يا حازم
-انا مش بقول كدة كأن دة نابع من عواطفى ومشاعرى وانى كنت بعتبره زى ابويا انا اة فعلا واثق فيه وانه قوى وعندى امل كبير اوى انه لسة عايش بس إللى اكدلى الموضوع اننا لغاية دلوقتى ملقيناش جثته لو العصابة فعلا مسكته كانت بعتتلنا جثته على الأقل كتهديد لينا
-عندك حق بس فيه احتمالات تانية  اة صح بنته عاملة اى البنت دى
- هى مسكينة اوى امها ماتت وهى بتولدها وأبوها سابها لوحدها واخوها إللى مسافر ايطاليا مصمم يلاقى ابوه بس بجد انا مستغرب منه لأنه سايب اخته كدة لوحدها حاسس انه مبقاش فى قواه العقلية لأنه مرجعش مصر من ساعتها واما تتبعته لقيته بيقضي يومه الصبح بيزور أماكن مشبوهة وبليل فى الملاهى الليلية صعبان بجد عليا
-الموضوع صعب علينا كلنا فما بالك بابنه سيادة اللواء شريف كان مثلنا الأعلى وضحى بنفسه عشان وطنه وعشانا
بقولك يا حازم متتجوز بنته
كان حازم يشرب الشاى فأخرجه من فمه فى وجه مازن
-الله يقرفك
-انت بتقول اى انا مش بفكر فى جواز ابدا منكرش انى بحميها من بعيد لبعيد ودة ممكن ميكونش كفاية بس هى كفاية عليها كدة انا ممكن فى اى وقت اموت ساعتها البنت دى تتحطم أبوها واخوها وجوزها كمان راحوا منها بسبب الشغلانة دى هى تستحق حياة عادية مش تترمل وهى لسة داخلة الدنيا لسة
ثم ارتشف بعض الشاى الذى برد من طول الحديث فوضعه جانبا وتوتر قليلا
-ثم ان البنت دى انا مش استايلها
-اوباا حازم الدنجوان بيقول اى هى البنت قمر للدرجة دى عشان تشكك فى قدراتك قولى شفتها كام مرة سنها اى لبسها اىااا اااااا
قاطعه حازم بلكمة
-انت يا غبي متتكلمش عن بنت استاذك كدة اعتبرها اختك ثم مش دة قصدى انا قصدى البنت دى منتقبة وجوانتى ومش عارف اى حتى عينيها مبتبانش منها بس إللى اعرفه عنها أنها فى تانية جامعة لسة صغيرة يعنى ها صغيرة تيجى ١٩ سنة كدة فى كلية علاج طبيعي بس دة إللى اعرفه من ساعة ما بدأت اراقبها بتخرج لسببين بس الجامعة او المسجد فأكيد واحد دنجوان زي ما بتقول زيي مش هيعجبها
-خلاص يا عم انت قفشت لى كدة بس انت مشوفتهاش قبل كدة خالص
-لا خالص كانت صغيرة اوى ساعة ما اللواء شريف اختفى مسكينة اوى
- طب يا برنس انا قايم عشان اعمل لنفسي شاى بدل منا باصصلك فى الشاى بتاعك دة واللى بياكل لوحده يزور على فكرة
قالها متهكما
-روح روح صدعتنى ثم دة مش اكل يا جاهل
ابتسم مازن بسماجة على إضافته وذهب من أمامه
راقبه حازم فى صمت وأخذ يتذكر اللقاء الوحيد بينه وبين تلك الفتاة المنتقبة الهادئة المسماة ميا
فلاش باك
-كانت تسير مسرعة كعادتها حتى اصطدمت بجدار بشري فاوقعت كتبها التفت لها
-انا ااسفة مشوفتش حضرتك
-لا ابدا اساعدك فى لم كتبك
وفعلا انحنى هذا الثعلب ليرى اسم ميا على غلاف الكتاب
-انسة ميا
-ننعم حضرتك عرفت اسمى منيي اااة من الكتاب اسفة مخدتش بالى
مد يده إليها قائلا
-الرائد حازم
-ااسفة مبسلمش
أعاد يده محرجا وعاد إلى بيته متذكرا ارتباكها اللذيذ لقد افقده التعامل مع المجرمات والبلطجيات وغيرهن من اشباه النساء الاحساس بان على هذا الكوكب أنثى غير امه العطوفة لكنها يا للذتها خجولة ولا بد انها جميلة وورثت شعر أستاذه الأحمر وعينيه الذهبيتين وأخذ يرسمها فى مخيلته كما هى عادته منذ التقاها لكنه عاد سريعا فهو لا يناسبها هو من عالم الإجرام والحوادث وهى ملاك بريئة والافضل لها ان يتركها لتحظى برجل من كليتها يجعلها تعيش حياة عادية آمنة لكنه اغتاظ من هذا التفكير وأخرج ورق هذه القضية التى لا تنتهى متنهدا يفحصه
سمع صوت ضجة بالأسفل ففتح الباب وجد شيئا يلقى على وجهه ما هذا فلفل أسود
ظل يعطس ويكح فأسرع إلى المبرد ليشرب الماء ويستطيع فتح عينيه
ثم انطلق غاضبا لمكتبه وياللهول لقد سرق الورق من على المكتب ورق القضية التى عمل عليها لسبع سنوات ثم وجد على الحائط ما يشبه خربشة القطة
وجملة لقد عاد القط أسفلها وضع يده على وجهه يريد أن ينهار هل ضاع كل ما يفعله هل ضاع حق أستاذه ماذا سيحدث لابنته ومن الذى كتب الرسالة
حيرة ودهشة سيطرت على المكان

القط ذو الأعين الذهبية Where stories live. Discover now