الفصل السابع عشر

10.3K 355 15
                                    

روايـة "اقتسـره العشـق"
"الفَصْلُ السَّابِـعُ عَشَر"

الخوف من الحرب
أسوأ من الحرب نفسهــا

جلست "ثريـا" على الأريكــة بـ جوار "شريف" الذي بدا عليــه الشرود، ظلت تحدجــه بـ عينين هادئتين مُتعجبة من حالتـهِ، فقد أصبح شاردًا.. حزينًا.. يائسًا.. وكأن هموم الدنيـا قد وقعت على أكتافـــه، تنهدت بـ حرارة قبل أن تضع يدهــا على كتفـه تربت عليـه برفق مُتسائلة بقلق:
-وبعدين بقا يا شريف، إنت هتفضل كده؟؟.. حالتك مش عجباني؟؟..

إلتفت برأســه إليهـــا ثم قـال بهدوء عكس ما بداخلـه:
-مفيش حاجـة يا ثُريـا، شويـة مشاكل في الشُغل؟؟..

أمتعضت ملامحهــا وهي تسألـــه بضيق:
-شُغل إيــه يا شريف؟؟.. إنت هتضحك عليا؟؟.. إبنك ماسك كل الشركات دلوقتـي، وإنت هنا فالقريـة كبيرهم، فـي إيـه؟؟..

وثب "شريف" واقفًا وهو يهدر بغضب:
-هو تحقيق ولا إيـه؟؟.. قولت مفيـش.

هبت واقفـة وقد عقدت ساعديهـا أمام صدرهــا هاتفـة بتبرم:
-أنا مراتك يا شريف، وبعدين إنت عُمرك ما كنت كده؟!.. إنت بقيت بتتعصب من أقل حاجة، فـ عايزة أعرف السبب دلوقتـي.

حاول أن ينهي الحديث معهـا، فـ لو علمت الحقيقة سيكون ردة فعلهـا سيئ، وهو لن يتحمل ما ستقولـه، لذلك هتف "شريف" بنفاذ الصبر وهو يسحب هاتفــه:
-يووه، قولتلك مفيش، إنتي عايزة يبقى في مُشكلة وخلاص؟!..

قال كلمتـه الأخيرة وهو يضع هاتفـه بداخل جيب بنطالـــه ثم توجــه نحو خـارج الغُرفـة منتويًا أن يذهب إلى مكتبـه كي يفكر في تلك الكارثة وكيفية التخلص منهــا، في حين عادت تجلس "ثُريـا" على الأريكـة ووضعت ساقهـا فوق الأخرى قائلة بضجر:
-ماشي يا شريف، بس مبقاش ثُريا لو معرفتش إيـه إللي إنت مخبيه عليا.

******
جلس "سيف" خلف "كارمـا" كي يضع الدهان على ظهرهــا، أغمضت "كارما" عينيهـــا بقوة بعد أن رفعت ملابسهــا قليلاً، أتسعت عينـي "سيف" وهو يرى التورم ولونـه الذي بدأ يميل للزرقـة، زادت نبضـات قلبـــه غضبًا وتمنى لو يراه مُجددًا كي يقتلـــه، أرتجفت حينمــا شعرت بـ أصابــع يده تضع الدهان على ظهرهــا بحنوٍ مُثير، وأجتاحهـــــا شعور غريب دافئ، أعتصرت جفنيهــا وهي تعض على شفتهــا السُفلى بألم، سمعت صوتـــه العميق وهو يسألهـــا:
-حاسـة بـ وجع؟؟..

لم تستطع أن ترد على سؤالـه بل أطرقت رأسهــا تتأهوه من شدة الألم، حرك رأســه مًستنكرًا تلك القوة التي تحاول رسمهـــا أمامـــه، ومع ذلك قــال لهــا بصوتٍ أجش حينما أنتهى:
-غطي ضهرك.

حركت رأسهــا إيجابيًا وهي تغطي ظهرهـا بحرص، بينمـا أعتدل "سيف" في جلستــه وقبض على كف يدهـا برفق يسحبـه نحوه كي يفرد ذراعهــا، بدأ بوضع الدهان بحرص شديد محاولاً ألا يضغط عليـه لكي لا تتألم، لم ينتبــه إلى تلك العينين التي تدرس تفاصيل وجهــه لأولُ مرة.

اقتسره العشق.... للكاتبة أميرة مدحتWhere stories live. Discover now