٧

180 28 0
                                    

قصة 《 الباحثة عن الحقيقة 》 الجزء /7

و في الصباح اليوم الثاني، و بينما كنت أبحث عن سندس بين مجموع الطالبات، تقدم مني أحد الطلاب الجدد و سلمني رسالة، ثم اختفى بين المجموع.

فانتحيت جانباً، وقد ارتابت نفسي مما فيها؛ و فتحتها، فوجدت فيها ما يلي:( أتراكما تحسبان أنني لن أتمكن من تحطيم صروحٍ بنيتماها على أنقاض آمالي؟

إنّ لديّ ما يمكنني من القيام بأي عمل فإما أن تنسحب عن حياتها و تتركها لي من جديد، و إما أن أقدم على أي شيء؛ نعم، على أي شيء.

و أول عمل أقوم به هو إخبار أهلها بما اتفقتما عليه! نعم، إخبارهم بأنها بدأت تقضي ليإليها بين بيوت المستعوذين من المسلمين و بيتك الخالي و ارتج عليّ، و لم أعرف كيف أتصرف؛ فتركت محاولة البحث عن سندس، و جلست في زاوية منعزلة أفكر فيما يجب عليّ أن أفعل.

و لكن ماذا كان عساي أن افعل؟

و هل كان من الممكن لي أن أنسحب عن سندس و هي حياتي التي لا غنى لي عنها؟

 و لكن وجودي في حياتها سوف يعرضها للبلاء، و هذا مالا أريده لها بأي وجه من الوجوه؛ فعلَيّ أن أدبر الأمر بشكل يُجنبها من كل سوء، و لا يدع ثغرة ينفذ منها باسم إلى أغراضه؛ و ذلك لا يتم إلا إذا عقدنا زواجنا في أقرب وقت.

و لهذا، فقد صممت ألا أدع سندس تعرف بأمر هذه الرسالة، و أن أتعجل العالم الديني في إنجاز مهمته، ليتم عقد زواجنا قبل أن يتخذ باسم أي إجراء؛ ثم، و بعد ذلك، لن يستطيع أهلها القيام بأي مبادرة ما دمنا قد اجتمعنا بشكل رسمي معترف به.

و فعلا، فقد أخفيت أمر الرسالة و كان وقت المحاضرة التالية قد بدأ منذ دقائق، فالتحقت بها و أنا أحاول أن أبعد عن فكري أمر الرسالة و صاحبها.

ثم التقيت مع سندس بعد الدرس، و شعرت أنها غير مرتاحة نفسياً لما صادفته من متاعب عند الصباح من المسؤولة عن دار الطالبات لتغيبها في الليل، فطيبت خاطرها، و قلت لها أننا سوف نذهب عصر اليوم إلى العالم، و في غد يُعقد زواجنا بشكل رسمي و تنتهي بذلك متاعبنا.

فهزت رأسها بشيء من الريب، و قالت: لا احسب أن الموضوع ينتهي اليوم يا فؤاد.

قلت:  أرجو أن ينتهي، و سوف أستعجله قدر جهدي.

فقالت لي شبه مؤنبة:  كلا، أرجوك ألا تفعل، و ألا تنسى أن حاجتك مهما كانت مستعجلة لا تخوله الحق بالتهاون في مسؤوليته يا فؤاد.

قلت: نعم، إنك على حق. و على كل حال سوف نرى.

قالت:  نعم، سوف نرى.قلت: إنني سوف أمر عليك قبل الساعة الخامسة لنكون هناك في تمام الساعة الخامسة، فكوني على استعداد.و ذهبت إليها عصراً، فوجدتها تقف أمام الباب و قد ارتسم على وجهها شيء من الشحوب.

و عندما أخذت يدها وجدتها باردة كالثلج؛ فرابني منها ذلك، و قلت: ماذا بك يا حبيبتي؟

فابتسمت و قالت:  لا شيء.

قلت:  أرجوكِ أن تخبريني بما لديكِ، فأنتِ لستِ على ما يرام.فعادت لتقول بشيء من الإصرار: لا شيء! نعم، لا شيء.فنظرت إلى عينيها الصافيتين المشعتين بالنقاء والسناء، فوجدت مسحة من ألم لونت لآلئها الأخاذة. فآلمني ذلك، و قلت:

-إنك تغالطين يا سندس، فلماذا؟
ألستُ أنا و أنتِ وحدة لا تتجزأ؟
فلماذا تنفردين دوني بتحمل ألم أو سقم؟

قالت:  نعم، إنك أنت روحي المنفصلة عني و لكنني لا أشكو شيئاً.

قلت:  و لكن عينيك و شحوب وجهك يخالفان ما يقوله لسانك.

قالت:  أرجوك ألا تعرضنا للتأخير.

هيا بنا لنذهب قبل أن يسبقنا الوقت.فلم يسعني سوى أن أسير معها و الأفكار تتقاذفني يمنة و يسرة. 

الباحثة عن الحقيقة Onde histórias criam vida. Descubra agora