٣٠يوم جواز💍

2.1K 35 4
                                    

قد تأخُذك عاصِفَةُ العاطِفَة ..و قد تتعرقل قدميك في فخ الشغف تِجاه شخصٌ ما .. وقد تأخُذك الجلالة أو تَخطِفُكَ الصيحة أو تَسرِقُكَ السِّكينَ ناحِيَة فِكرَةٌ مَصيرِيَة تُغَير مسار حياتُكَ نِهائِياً و تَنتَقِل بِكَ من مرحلة إلى أُخرى ..و في تِلك المرحلة .. قد تُسلَب مِنكَ حياتُكَ القديمة..حياةُ الرفاهِيَة و الراحة ..مُنتَقِلاً إلى حياة الجدية و تحمل المسئولية ..منتقلا إلى مرحلة النُضوج الفِكري و الجَسدي و حتماً ستتجدد أفكارك و منظورك الضَيق هذا و تتغلغل في نِطاقٍ أوسع ستَخوضه بِشَخصِكَ و ذاتك.. و قد تُفاجأ بأفكارٍ لم و لن  تتوقعُها من مصدرِها هذا  المُمَثل أمام عَينَيك المُحدقتان في ذهولٍ تام ..و لوهلة تتيقن من أن كل ما مررت به على مدار حياتِكَ كُلِها حتى الآن من مواقف أو تجارُب لم تُلَقِنُكَ نِصف الدرس الذي ستتلقنهُ في مرحلتُك الجديدةِ تلك و في هذا العالم .. عالمُكَ الذي سَتُكَوِنَهُ بإرادَتِكَ و من كل عقلِك و بكامِل أهلِيَتَك ..إنهُ عالم الزواج يا صَديقي ...
        و من هُنا ستبدأ قِصَتُكَ الحَقيقيَة

               (30 يوم جواز "الجزء الأول")

" كان يوم حُبك أجمل صُدفة..لمّا قابلتك مرة صُدفة.. ياللي جمالك.. أجمل صُدفة.. كان يوم حُبك.. صُدفة "

كانت تجلس هبة أمام شاطئ البحر تستمع إلى أغنية عبد الحليم حافظ.. مُشاهِدة تلاقى أمواج البحر و إصطِكاكِها ببعضها البعض.. تستمتع بصوته الساحر الأخاذ.. و نسمات هواءِه العليلة التي تهب على وجهها الناعم مداعبة خِصلات شعرها البني.. إذ يقطع خِلوتها و إنفرادها بذاتها شاب طويل القامةِ.. يتمتع  بحسن المظهر ولَبِقُ الهيئة.. و يمتلك من الوسامةِ ما يكفي لتُعجَبُ بهِ أى فتاةِ تراه ، إقترب منها مُلامِساً خِصلاتِ شعرها المُتَطايرة التي ينثرها الهواء على عينيها واضِعاً إياها خلف أُذُنِها  مُبتَسِماً إبتسامةٍ راضية.. فتفتح هبة عينيها المغمضتين شَهِقَة ، ثم تلتفت بسرعة ناظِرةً له نظرةِ دهشة تُصاحِبُها نظرة إستفهامية ممزوجة بِرُعبٍ من وَهلةِ ما يحدث لها في تلك اللحظة و هو مطيلاً إليها النظر ثاقِباً عيناها بعينيه و نظرتهِ المُثبتة عليها التي جعلتها تَشعُر بأنهُ يكادُ يَثقُب قَلبِها المُختَلِج من شدةِ نظرَتهُ الواثِقَة في عينيها البُنِيّتان فسألتهُ بإرتباك مصحوباً بغضب ممزوجاً بحدة : " إنتَ مين؟ "
فبادرها بإجابةٍ سريعة : " أنا مُعجب بيكي" ، و فور إجابتهُ لها صفعتهُ هِبة على وجنتهُ حتى ظهر عليها الإحمرار إثرُها مما جعل الشر يتطاير من عينيه حتى ظنت أنها سوف تَلفِظُ أنفاسِها  الأخيرة في هذه اللحظة ، ثم أمسك بذراعيها بقبضتهُ مُقتَرِباً منها تَرتَسِم على ملامحهُ إبتسامةِ إنتقام و قال لها بجمود : " ينفع ست تمد إيدها على جوزها كدة ؟ مش عيب ؟ "
ردت عليه في صدمة : " إنتَ مجنون؟ "
تابعها بنفس الجمود : " ممكن "
قالت هبة وهى تَشعُر بالغضبِ و الألم معاً من قبضتهُ : " إبعد إيدك لو سمحت وجعتني " ، و ما إن أفلت قبضتهُ عنها حتى أردفت بصوتٍ عالٍ و بِكُل ما أوتِيَت من غضب و عصبية : " إنتَ إنسان مش طبيعي على فكرة.. روح شوفلك مكان إتعالِج فيه من هَوَسَك دة.. ولا روح فوق من اللي إنتَ شاربه ربنا يهدي " .
و ما إن أنهت كَلِماتِها حتى إقترَب منها ذاك الشاب و وقف أمِامها و قال : " إنتي عارفة إنِك قليلة الأدب و لسانِك طويل كمان.. و دة من تالت عيوبِك أو يمكن رابع " ثم أردف حديثهُ بنفس لهجةِ البرود : " أوعدِك إن كل دة هيتغير أول ما تبقي في بيتي يا حبيبتي".
قالت هبة بنفاذ صبر : " إسمع يا بني آدم إنتَ عشان مش هكرر كلامي مرتين.. أنا مش حبيبتك و مش حبيبة حد.. و تلزم حدودَك كويس أوي معايا.. و لحد هنا ياريت تسمعني صمتَك و تفرجني جمال خطوتَك.. و يلا بالسلامة من هنا.. أفضلَّك من إنَّك تشوف مني تصرف يليق بواحد مختَّل زيك ".
نظر لها بعيناه الثاقِبةِ مرةٌ أخرى و تحرك تِجاهِها خُطوَتَين حتى كاد أن يلتصق بها و كُلما إقترب منها رَجِعَت هى للخلف بعدد إقتراب خُطواتِه الواثِقَة حتى لامَس بِأنامِلُهُ خِصلةُ من خِصلاتِ شعرها الناعم الطويل مما أضاف على تَوتُرِها تَوتُّراً حتى رفعت يَدِها مرة أخرى على وجهَهُ و لكن هَيهَات فَدائِماً تأتي الرياحُ بما لا تشتهي السُفُن ، فقد سَبقَها و إلتقط كفِها الصغير القويّ و قَبضهُ بِقُوةِ مما جعلها تتأوَه ألماً و إقترب منها لتتسارع أنفاسِها مع بعضِها البعض ثم قال لها بحِدة : " إنتي مبتتعلميش من أخطائك ليه؟ .. مش أنا قولت إن مينفعش ست تمد إيدها على جوزها؟ " ثم أردف حديثهُ بقوله : " عارفة؟ .. أغبى إنسان في الحياة هو اللي يغلط و ميتعلمش من غلطته و يرجع يكرر نفس الغلط بلامبالاة و كأنه مش معترف بيها.. و من غير ما يحسب نتيجة غلطته المرادي هتوديه على فين.. و من غير ما يحمد ربنا إنه نجاه من نفس الغلطة دي قبل كدة.. و يفكر إن كل مرة تسلم الجرة ". ثم أكمل بنبرة هادئة : " بس انا هسامحِك المرادي .. و دي آخر مرة عشان إنتي بس لسة مش عارفاني كويس و متعرفيش طباعي"
قالت لهُ هبة بصوتٍ خافِت و مُختَنِق و كأن دموعِها تَطرِقُ بابَ جُفونِها : " إيدي وجعتني.. ممكن أمشي؟ "
وفي هذه اللحظة شَعرَ تِجاهِها بالذنب و ترك كفِها الصغيرُ الرقيقُ قائلاً : " أيوة كدة .. أنا بحب مراتي تكون هادية و مطيعة وبتسمع الكلام و بتاخد إذني قبل ما تعمل أي حاجة " ثم أردف في حُزن : "أنا مقدرش أمنعِك إنك تمشي دلوقتي ، بس عايز أقولك حاجة مهمة قبلها.. بصي على شمالِك كدة؟ ".
نظرت هبة يسارِها فلم تجد شيئاً ، فأردف هو بقوله: " أنا كنت واقف هناك كدة.. و شوفتك من بعيد بشعرك البني الناعم الطويل و قصرك اللي خطفوني..أول حاجة فكرتك طفلة و كنت بسأل إزاي أهلها سايبنها لوحدها مش خايفين تضيع منهم؟ و وقتها حسيت إنك بنتي و إتمنيت بنتي تكون شبهك كدة بالظبط.. بس لما ركزت و قربت في ملامحك .. حسيت إني عايزك تطبخيلي.. و دي حاجة عمري ما حسيتها ولا شوفتها مع أي بنت شوفتها أو عرفتها في حياتي كلها قبل كدة"
نظرت لهُ هبة بإستنكار و عندما بدأت في تحريك شفتيها الصغيرتين وضع كفَهُ على فمها و أكمل كلماته: " قبل ما تقولي أي كلمة إسمعيني للآخِر "ثم تنهَد و قال: " أنا بحبِك.. بحبِك بِمُجَرد ما شُفتِك .. شُفتِك و إنتي في بيتنا .. و واقفة في مطبخنا و بتطبخيلي بإيديكي الصغيرة الناعمة دي.. و شوفتك و إنتي في حضني على الكنبة وعاملالنا فشار و قعدنا نتفرج على فيلم سوا و بناكل لب سوري .. أنا شوفت معاكي حاجات كتير .. و شوفتك مراتي .. و ملكي لوحدي .. عشان كدة متردتش لحظة أجيلك و أقرب من حاجة ملكي ..إنتي ملكي" .
و ما إنتهى من حديثِه حتى إبتسمت هبة و صفقت لهُ بحرارةٌ و قالت: " هايل يا فنان .. شابووو.. بس وإنت بتعمل المشهد دة كنت محتاج وشك يكون للبحر .. يلا عيد المشهد تاني وهتوكل أنا على الله بقى" ثم تَمْتَمَت بصوتٍ مسموعٍ وهي تعطيهِ ظهرها لتُغادر :" مريض نفسي و واحد مُختَّل" ، فقالَ لها بصوتٍ عالٍ: " أوعدك إن دي مش هتكون آخر مرة تشوفيني فيها يا حبيبتي .. و إسمي هيثم ماشي؟"
عادت له مرةً أخرى لتوجه له ضرباً مُبرِحاً و رَكلتهُ في ركبتهِ وسددت لهُ ضرباتِ بِكُل ما أوتِيْ فيها من قُوة فتَعرقَلَت قدَمَيها ببعضِهم البعض فسقطت على الرمالِ الذهبيةِ و هى مُمسِكة بلياقةُ قميصهِ فوقع فوقِها مُلاقياً عَينيهِ بعَينَيها

30يوم جوازWhere stories live. Discover now