لا أعلَم !
كيف يمكنُ هذه المرَّة أن يمرَّ
(يوم عاشوراء)!!
فمشاعِر الفَقد المُرعبة
قد تفجَّرت في كُلِّ جَوارحي
بل أنَّها تملَّكت كُلّ قطرةٍ في دَمي
كأنَّ كُلُّ وجودي قد عُجنَ بروح الفَجيعة
شُعورٌ أخلسَ فكري ذُعراً وأنفذَ قلبي صبراً
ما جَعَلني أنبذُ عَيشي وبقائي حيَّاً
إنَّ وَهنَ النَّبض أفزَعَني بشدَّة
هذه المرَّة ليست ككُلِّ مرَّة
فهذه المرَّة أنا لا أعي شيئاً ولا أدرِك
سوى أنَّني؛
على وشكِ الردى أو الجُنون
وأنَّ صبري يلتقِطُ أنفاسَهُ الأخيرة
إذ لا صبرَ على مثل الحُسَين
لا صبر ..
وداع العليلة.
•بعدما عزم الحسين(عليه السلام) القصد إلى كربلاء، تاركا مدينة جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مع العيال وجميع الأولاد لم يبق في داره بالمدينة إلا فاطمة العليلة التي ما كان لها القدرة على السفر، فأودعها الحسين عليه السلام عند زوجة النبي أم سلمة وكانت حاضرة حين الوداع فلما نظرت إلى أهلها وقد ساروا عنها أخذت تزحف نحو ظعن أهلها وهي تنادي ابه كيف تتركوني لوحدي؟ ابه خذوني معكم. رجع الإمام الحسين لها، صبرها، قال: بنيه ! إذا وصلنا مكان الاستقرار أبعث إليك عمك العباس وأخاك عليا الأكبر يحملانك.
قالت لا يا أبه إن نفسي تحدثني أن لا لقاء بعد هذا اليوم، هذا آخر لقاء... اخر اجتماع إتأذن لي أن أتزود من عمامي وأخواتي فجاءت فاطمة تطوف على الهوادج تودع عمامها وأخواتها. قيل إن فاطمة العليلة بقيت تبكي ليلها ونهارها وبين ساعة وأخرى تنظر إلى تلك الدار الموحشة التي حلت من أهلها، وتهيج بها أحزانها.
إسعَ أن تكون مُخلِصاً في حُزنك
حاول أن تضع أحزانك الشخصيَّة جانباً
وتنشغِل فقط برزيَّة أبي عَبدِ الله (صلواتُ الله عَليه)
التي صغُرت عند ذكرها كُلُّ المَصائب..
تجرَّد من ذاتك وعش ذاته
إعتزل كُلَّ العوالم
واذهب بروحِكَ الهائمة نحوَ عالمِه
إنتزع ألوان الزهو ومَعالم الحياة
وارتدي لون حُزنه الداكن قلباً وقالباً..
اجعل قلبك مُجمَراً بفجيعةِ مُصابه
أغمض عينَيك عن النَّظر إلى ما سواه
وارسم بمِداد فكرك صوراً لغُربتِه قط
صُمَّ أذنيكَ عن كُلِّ الأسماع
ليدوَّي صوتهُ فقط في أعماقك
عش وتحسَّس كُل جَرحٍ من جِراحاته
إبكِ لهُ وإنفجع بكُلِّ وجودك
وأعلم أنَّك حتى لو متَّ حُزناً عليه
ما وفيتَ لحضةً واحدةً من لَحَضات
غُربته وأنكسارة
"حَسين أول بشر ما تنگضي فاتحتةً"
عظم لكُم الأجر