INTJ| 01

2K 170 173
                                    

”فانكوفر، كنَدا

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

فانكوفر، كنَدا. نَيسان، 2018.

أصدَق البَشرِ حُبًّا، هُم أولئِك الَّذين قضوا القِسطَ الأعظَم مِن أعمارِهم مُختبِئينَ مِن التَّجارُب الجَديدَة في غارٍ الوحدَة القاتِم، عَلى رأسِها الحبّ، فالنَّمير الَّذي نراهُ يَجري في عيونِ الأخلَّاء أيَّان البِدايات، يتلألأ كالصِّدق في خاتِمَة كِذبة، آسنٌ أحيانًا. نغفَل أنَّ الحَياة لَو قرَّرت إيذاءَنا، فلَن يردَعها أيُّ حاجزٍ نصَبناهُ بينَ الواقِع وأفئِدتنا، كالمَوت!

صمَّمتُ شَخصيَّتي صلبةً بحيثُ لا تهدِمها نكبَة، ولا فُراق، كبُنيانٍ مُضادٍّ للزَّلازِل، حتَّى وإن تصدَّعت قليلًا، ودكَّت طوابِقها بعضَها البَعضُ لشدَّة ظَرف أو عتوِّ خيبَة، يظلُّ قوامُها مُنتصبًا وشامِخًا أمامَ العَيان. يعتقِد البَعضُ أنِّي لا أتأثَّر، البعضُ الآخر موقنٌ أنِّي بليدةٌ، وعديمَة الإحساس، لكنِّي في الحَقيقة أحبِّذ أن أشكوَ انكِساراتِي لنَفسِي عَلى أن أوزِّعَها في مواقِع التَّواصُل الاجتِماعيّ بانتِظار رغيفٍ مِن الشَّفقَة، لأنِّي امرأةٌ متملِّكَة، لا تعرِض حسرَتها لتتَحرَّش بِها شماتةُ مَن يُكنُّ لها أحقادًا دفينَة، ولا تُدثِّرها كلماتٌ فارِغَة مِمَّن يدَّعون التَّعاطُف.

أنا أنثَى مُدمِّرة، أنحدِر مِن نمطٍ سيِّء السُّمعَة؛ INTJ أو المُهندِس، الأغلبيَّة يمقتونَه والقِلَّة المُتبقِّية تهواه لو كانَ رجلًا فقَط. لديَّ سلبيَّات وإيجابيَّات كالجَميع، لكنَّ الغُرباء لا يَرونَ مِنِّي سِوى الأولَى، لاسِيما وأنِّي شخصٌ عصبيّ قِياديّ انتِقاديّ ووحيدٌ ككُلِّ مَن تربَّع عَلى القِمَّة، يجهَلونَ أنَّ قَلبي سجنٌ من المُستَحيلِ أن يبرَحه مَن دخلَه لأيِّ سببٍ كان، لأنِّي أحبُّ بصراحَة وأكرَه بصَراحَة.

أدرُس الأدَب الإنجليزيَّ في الجامِعَة، سأتخرَّج هذِه السَّنة. ما اغتَنمتُ مِنها سِوى صَديقين؛ شابٌّ وصبيَّة، وتفوُّقٌ سُلِبَ مِنه الكَمال لرُسوبي في مادَّة الأدَب. ما انتَقلت قطُّ مِن مَنزل عائِلتي في فانكوفر، لأنَّه قريبٌ مِن جامِعتي، وما أزالُ المَسؤولَة الوحيدَة عَن رِعايتِه لأنِّي امرأة، والديَّ يُديران مطعمًا للدَّجاج المَقليّ، و شَقيقِي يعمَل كمُحاسِبٍ في أحدِ البُنوك.

Manners| آدابWhere stories live. Discover now