الفصل الثاني عشر

2.1K 147 66
                                    

*الفصل الثاني عشر
عندما تشعر بأنك لا تنتمي لهذا المكان,عندما تشعر بأنك تريد الخروج من هنا سريعا وعدم العودة, تريد أن تمحي جميع المشاهد التي رأيتها من ذاكرتك ,عندما يصرخ قلبك بالخوف وتزداد انقباضاته ,هذا ما شعرت به ونحن نتجه الى حيّنا بالسيارة ,العمّ محمد وأبي يجلسون على المقاعد الأمامية وأنا وحيدة بالخلف أحدق بمنطقتنا التي قلبت رأسا على عقب ,أريد الخروج من هنا فالمكان يحثني على البكاء ولكنني عاهدت نفسي بأنني لن أفعل فبكائي لن يفيدني بشيئ ,وعلاوة على ذلك الألم الذي سأسببه لأبي ,توقفت السيارة بقرب موقف حافلة المدرسة التي كنت أقف بها خلال الثماني عشرة سنة أنتظر حافلة مدرستي وعبرت ذكريات يزن وانتظاره لي هنا لعقلي فأبعدتها سريعا وسألت أبي

"أبي ألن ندخل لحيّنا؟"سألت وأنا أنظر اليه عبر المرآة

"لا يمكننا.. لا نستطيع الدّخول له بالسيارة"أجابني وهو ينظر الي محاولاً عدم اظهار ألمه وتعبه وقلة حيلته ..يحاول ادعاء القوة قدر الامكان ,ابتسمت له ابتسامة حاولت زرع الطمأنينة بها وفتحت باب السيارة لأخرج ,وضعت اقدامي على الأرض المليئة بالزجاج المحطم اعتقد انه زجاج من إحدى الحافلات الفارغة التي امامنا ,رائحة المكان كان يملئها الغبار أتذكر انه كان برائحة الياسمين حاولت خنق دموعي داخل عيناي فأنا لازلت عند عهدي فبلعت الحرقة التي بحلقي واتجهت عيناي الى أبي الذي أمسك بيدي لكي لا أسقط فوق الركام وبدأنا بالسير متجهين الى حينا ،عيوننا كانت موجهة الى الأرض المليئة بالصخور واسلاك الكهرباء ,عندما شعرت بيد أبي تشتد وجهت نظري اليه كان ينظر لأعلى تبعت نظراته وأطلقت شهقة صغيرة من جوفيي وأنا أرى غرفتي المطلة على شارعنا الثقوب تملئ حوائطها المحترقة, قلبي قُبض ويداي بدأت بالتعرق,عيناي شكلتا طبقة دموع وكأنها اشفقت علي وتحاول تشويش الرؤية عني

"لم أكن أتوقع أنه سوف يكون موجودا"تحدث أبي واستطعت أن أرى الألم الذي بقلبه والذي حاول اخفائه بجملته القصير هذه, عبرنا الركام واتجهنا الى مدخل البناء او لنقل هيكل البناء ، السلالم كانت مليئة بالحجارة

"ريما ابقي هنا"هتف أبي وهو يترك يدي ويصعد وراء العم محمد حتى لم يدعني اجيبه إن صعدت سوف أنهار ولكنني على الأقل سأرى غرفتي لآخر مرة سوف أرى بيتنا و أودعه ,اتجهت سريعا وراء أبي وأنا أحاول عدم لمس أي شيء حرصا الّا يُدمر بيتي الذي أصبح هشا وكأنني أريد الحفاظ على بعض الذكريات ,دخلت البيت الذي يسمى بيتنا وملاذنا الآمن كان أبي يجلس على أحد الأرائك التي اصابها بعض من الحريق يتأمل منزلنا نظرات الألم بعينيه ويبتسم في بعض الأحيان علمت أنه يسترجع ذكرياته السعيدة

"ريما أنظري هنا كانت خطواتك الأولى"قال أبي وهو يبتسم يده تحركت مشيرة الى زاوية الغرفة قلبي قطع الى أشلاء صغيرة فأنا لم أرى أبي هكذا أبدا ولا في حياتي! كان منهارا تماما ,اطلقت الانذار لدموعي المنهمرة نسيت عهدي ونسيت كل شيء توجهت اليه وجلست على الأرض بجانبه وأصبحت أتأمل بيتنا المليء بالذكريات , كلماته تكسر قلبي وهو يتمتم بأنه هنا كنت استقبله عندما يأتي من العمل ويحملني على ظهره متجوّلا بالغرف وهو يهنئني لحصولي على أول علامة في أول سنة مدرسية ,لأنني لم أعد أتحمل كلماته ولا رؤيته منكسرا اتجهت الى غرفتي وأنا أمسح دموعي و ياليتني لم أفعل.. غرفتي الذي كان يزينها اللون الزهري وبعض الصور لبعض الأميرات جميعها أصبحت سوداء , سريري الذي كنت ارتمي فيه عند تعبي والذي ضمني عند بكائي والذي كان يدفئني عند بردي كان قد تشقق وخشبه أصبح داكنا, اتجهت عيناي الى دبي القطني الذي أسميته (يزن) فهو هدية منه كانت أذنيه متّسختان , اتجهت اليه واعتصرته وجلست على الأرضية المتسخة أتمنى لو كنت هنا يزن ! أتمنى لو أنك لم تذهب لو تعد الي.أعلم أنه لم يكن ليرجع المنزل ولكنك كنت لتعطيني بعضا من الأمل عندما تقول لي أن كل شيء بخير ,لو أنك معي لكنت قد هدأت والدي فأنا لاأعلم كيف اواسيه وأخفف عنه ,أتمنى لو كنت معي يزن أتمنى لو أنه أمكننا البقاء معا الى الأبد لتطمئنني ..لترجع أملي بالحياة فها أنا جالسة على أرضية غرفتي الغير صالحة للسكن بعد الآن .. عد لتمسك يدي وتبعدني عن الخطر عد لتمسح دموعي وتخبرني أنك أوفيت بوعدك ألم يئن أوان عودتك...

الانتظار*قيد التعديل*Where stories live. Discover now