الفصل الثاني

85 9 7
                                    


للعشق قيوده القاسية لا تدري ماذا فعلت بنفسها
؟!! .. كيف هرولت خلف نزوتها القديمة في الإرتباط بعنان .. العشق له شطرها .. ضيعت أحلامها جميعاً.. عندما أجبرها أبيها على اختيار لم يكن لها .. تم العقد على جاد ، رغماً عنها .. على أمل الخلاص منه قبل أن يعود عنان من أسفاره التي لا تنتهي .. وجدت عنان يعاجلها بطعنة نجلاء عندما حضر في أحدى حفلات أمها مع زوجته .. ظلت تنتظر أن يصارحها بأنه لم ينساها فلم يحدث سوى نظرات منتصبة التسلط عليها .. اضطرت مع الوقت إتمام الزواج من جاد .. تناست كل شيء من أجل نزوة الحب المتمكنة من مشاعرها ، وقابعة برسوخ في قلبها .. زوجها الذي تبغضه .. لا تغفر له بروده نحوها .. عشقه لعمله كان يخنقها .. منزله العادي تمقته .. تمقت كل زاوية به .. كم تمنت الحياة في قصر العزازي .. لكنه اعترف لها :" هنا منزلي .. حيث أشعر بالحرية .. أنسي القصور .. فأنا ضابط أجره محدود .".
عقبت في سخرية سليطة :" هذا الراتب يسعد أي فتاة من أسرة فقيرة .. تلك الأسر التي تطمح في الزواج من أحد له سلطة .. لأنهم يفتقرون للسلطة أصلاً".
في لحظتها عقب بابتسامة سخيفة جعلتها تدرك كم هو يتفوق عليها بما يغضبها :" اذهبي لأبيك ، وأذكري له أنك لن تستطيعي الحياة مع شخص مثلي .. محدود الدخل ".
جالسة تفكر كيف أوصلت نفسها لهذا الوضع .. ترتجف خلف الباب كفأر يخشي هجوم الهرعليه .
كيف لها أن تذوب في بوتقة كلمات ضالة من شفتي عنان عندما حدق بها في حفل توديع العزوبية الخاص بأحد اقرابائها .. وعندما وجدته بمفرده أدركت أنه قد عاد إليها .. عام كامل يلتقيان في منزل أبيها .. فقد أصبح يتواجد باستمرار .. بل يتقصد التواجد عندما تكون في منزل العائلة .. كان يقترب منها بينما يبتعد جاد أكثر .. كل اهتمامات جاد منصبة على طفلته الصغيرة .. كان يحملها طوال الوقت الذي يتواجد به في المنزل .. لدرجة أن البنت قد نسيت وجودها تمامًا.. لم تكن تجيد التعامل معها .. عاملتها كما كان أمها تعاملها بالضبط .. وفرت لها مربية حازمة تجيد إطعامها وتمارس عليها حزم شديد حتى تأوي لفراشها في موعدها .. كانت تغضب عندما يعترض جاد عليها أنه مازال يريد المكوث مع طفلته .. تظل هي تصرخ حتى يمتثل الجميع لأمرها ، فترضي المربية التي تأخذ الصغيرة لغرفتها في صرامة العجائز.
حتى حضر عنان اليوم عند أبيها في وقت كانت الحيرة تأكل قلبها تتأرجح بين جاد الذي لا يعيرها أدنى أهتمام بل دوما يسخف طريقتها في الحياة ، وهذا الذي شغفت به منذ صباها .. لكنه لم يكن شخص جاد .. أحب الحياة أكثر منها .. اللعب والسفر مع الأصدقاء.. حتى عقد قرانها على جاد .. عاد يلومها بقوة :" لماذا لم تنتظريني ؟!!.. كنت أريد الزواج منك ".
لم تجد غير الإحتكام لتدبير العقل ظناً منها أنها ستنسى هواه فلم يتسنى لها .. عاد في وقت كانت تتأرجح فيه أختارت صداقته حتى أدركت أنها لم تنسى ولا يمكن ان تنساه.. خططت لوضع عقدة حياته أمام منشار المواجهة لتطالبه بالطلاق كحل بديل عما هي فيه .. كان لابد لعنان أن يكون خالياً حتى تنتهي من جاد فتكون الموافقة سهلة على طلاقها من جاد طالما هناك فرصة أخرى لتكون مع رجل أرفع شأنً من ابن العزازي الموظف الحكومي .
هكذا ظنت .. أنها بإرسالها رسالة لزوجة عنان الذي تحصلت عليه منذ اكثر من عام .. لكن تالا لا تعلم رقمها .. ولا تظنها تستخدم الأساليب التكنولوجيا الحديثة .. هكذا أقامت مخططها على سذاجة الأخرين .. كانت مستعدة لإفتعال مشاكل .. تصرخ وتتنمر عليها حتى قد تمتد يدها نحوها بشجار عنيف ، فتجعله يصل لحد السعار مع زوجته ، فيكون الطلاق كما أرادت .. القصة معها حرب إرادات .. تستعيد حبيبها الذي غضبت منه عندما أهملها وسافر تاركاً إياها في مواجهة أهلها .. لكن وجود جاد أفسد عليها كل شيء .. مخططها صار هباء .. هاهي تجلس على الأرض في أرتجاف .. تنكمش على نفسها .. تسند باب الغرفة المغلق حتى تمنعه الولوج واكتشافها .. نعم تريد كل شيء من الدنيا .. لا رتريد الخسارة فقط الإنتصار الكامل حتى كرامتها تريدها وكبريائها الشامخ فهي ابنة رجل من كبار العائلات ذات التاريخ الأرستقراطي .
**************

تهاوت قدميه أسفل ثقل جسده يكاد يجلس أرضاً .. الخيانة تقتلع كرامته لتلقيها داخل جذوة النيران الملتهبة داخل قلبه.. عدة ساعات قد أطاحت بكل حياته ..ما هذا اليوم الذي انهار فيه عالمه ؟!!.. صار بلا جدران تحميه .. لكنه عاد يقف في شموخ ثلجي هاتفاً في عنان الذي عيناه تراقب الردهة الفاخرة .. يتمنى من جاد الرحيل فوراً :" لا تنس أن ترسل لي ورقة طلاق زوجتك منك .. حتى أضمن تنفيذك للأمر .. لا تنس إيصال الأمانة معي .. لن تناله إلا إذا صار الطلاق بائن ".
انتفض عنان .. مشيحاً بيده نحو جاد :" من جعلك تصدق أني سوف أطلق تالا ؟!!، وأتركها لشخص مثلك ".
كمن أطلق نكات هزلية جعلت جاد يضج بالضحك .. قهقهة عالية صدحت فجأة ثم وقفت بغتة .. مع ارتفاع سبابة جاد بتحذير جدي :" هل تظن الجميع مثلك !!.. لهم مساكن خاصة يستقبل فيها عشيقاته!! ".
صدح صوت عنان في غضبة شعواء :" هل أنا من أقتحمت حياتك حتى أجعلك تطلق زوجتك ؟!!".
نظرة حمقاء اندفعت من عينا عنان نحو الرواق حيث الغرفة تتصدر جداره النهائي .. جعلت جاد يحترق لمجرد معرفته ان زوجته المصون تختفي داخل غرفة نوم رجل أخر .. لن يتردد في قتله لو ترك لنفسه العنان مطلقاً غضبه .. ربما وظيفته هي التي أفادته في هذا الموقف .. فعقله قد رتب مراحل انتقامه .. لن يغادر بدون الآدلة الدامغة على الخيانة حتى يجبرها على الوضع الذي يريده منها .. همس في تودد جامد :" لا .. لا تستطيع أقتحام منزلي من الباب مثلما فعلت معك .. أنت من مرتادي النوافذ .. تلك الفئة الرخيصة ".
اندفع عنان نحوه يصراخ :" هيا للخارج .. لن أرسل لك شيئاً.. وسوف اتمكن من طفلي .. ساعيدها لتخدمني فقط حتى تعلم ان لا شخص يستطيع إنقاذها ".
ابتسم جاد .. مشيحاً بيديه خلفاً.. هامساً بهدير خافت :" لو مستني اصابعك سأحطمهم لك .. ولا تنس صرت خارج الخدمة ".
التهديد جعل عنان يتراجع القهقرى للخلف خطوة .. مستفسراً بسؤال يسلخ أغشية عقله بالحرارة المستعرة :" كيف حضرت اليوم ، وفي هذه اللحظة ".
اجابه جاد بهدوء يريد أكبر استفادة من الموقف :" الصدفة هي ما جمعتني مع زوجتك هنا أمام منزلك .. أما أنا فقد علمت ما حضرت من اجله .. عملي مقابل كل شيء تملكه ".
رفع الورقة البيضاء التي خطها عنان في سلام شرطي رسمي كما أعتاد وكأنه يعلن أن القادم إنتقام رسمي .
خفت صوت عنان بخزي:" أبوك".
ثم أرتفع صدى صوته بغل حاقد شق حجب الجدران :" أبيك هو السبب وقد مارس علي ضغطاً .. كان سيوقف تعاقدي في قراكم السياحية .. ذات النتيجة عملي مقابل عملك ".
منحه أولى خطوات الإنتقام .. لن يظل هنا اكثر .. لابد له أن يحصل على الآدلة الحقيقية على الخيانة .. تقهقر للخلف ناظراً لهاتفه المطفيء الشاشة الموضوع تحت الأوراق على المنضدة التي كان يستند عليها وقت التوقيع .. تمتم جاد بصوت ثابت لا يلين :" مازال عملك وحياتك مقابل عملي ".
خرج مغلقاً الباب بقوة تخترق الرواق حتى الداخل لم يدرك أحدهما أن مفتاح الباب في قبضة يده .. مدركاً ما سوف يتم .. ستخرج من مكانها الآن بمجرد مغادرته المكان .
****************

بالفعل وقفت ما أن انتبهت أن الباب قد أغلق .. فتحت الباب لتطل رأسها للخارج .. تراقب مثل أي جبان الأحداث ، ومن بالخارج !!.
شاهدت عنان جالس مكانه في المقعد القريب من الباب الخارجي للشقة الفارهة .. ينظرللباب في ضياع .. تحركت للخارج تهمس في ضعف :" عنان.. هل غادر؟!!".
اجابها بصوت عادي :" نعم .. غادر بعد ان تسبب في فقدي لأسرتي ".
غمغمت في تبرم وكأنها لا تملك أي شعور بالخوف الذي كانت ترجف منه من لحظة :"أي أسرة عنان .. أين الندم والحب الذي لك عام تتحدث به .. ألم تكن تتحدث بانك مختنق منها .. ألم تحضرني هنا حتى نتحدث بعيداً عن البشر عن حبنا ".
ضج صوت عنان بالضحك .. حتى كاد يختنق بضجيجه :" هل أنت ساذجة وصدقتي هذا ..أم تراك قد اخترعتي الكذبة وصدقتيها .. ألم تكوني أنت من قذف طعم الخوف أمامي .. سيرانا الناس ياعنان .. أريد الحديث باستفاضة يا عنان ..أحب حبك لي يا عنان .. حتى أجد خلوة .. وأنا رجل افهم الإشارات جيداً".
اقتربت من عنان ترفع كفها حتى تصفعه .. هاتفة :" لقد أضعت حياتي من أجلك ".
صوته الضاج بالضحك انطلق حيث جاد جامد في الخارج ينصت خلال الباب لأحاديث الخيانة :" انا من ضاع وأضاع كل شيء .. زوجك لم يعلم بوجودك .. عليك الخروج من هنا فقط .. ثم لا تنوحي كثيراً..ألم تعترفي بأن زوجك لا يعيرك أي إهتمام وأنك لم تبغضي رجلاً مثله ".
غمغمت في ارتياح ضائق بذات الوقت :" احضر حقيبتي من الداخل ".
تحرك خطوتين .. انصت لصوت المفتاح يدور بالباب محدثاًصوت الفتح .. جعله يرتد بعينيه للخلف .
اندفع باب الشقة بغتة .. فتح على مصرعيه ليدخل جاد بطوله الفارع .. ثم ركله بعقب حذاءه حتى أغلقه بقوة .. التفت للخلف حتى يحكم إغلاقه بالمفتاح ثم دسه في جيبه.. شعر عنان بالعجز .. لا يعلم متى نال المفتاح من الباب .. وكيف لم يلاحظ من قبل إختفائه.. مؤكداً الشراب لم يكن قد أختفى أثره بعد .
اندفعت مع عودته قدميها للهرولة للداخل فراراً من المواهجة المحتومة .. بينما ساقان طويلتان تهرعان خلفها .. ويدان قبضتا على شعرها المرسل للخلف ..يمسك به هاتفاً في سباب مع جذبها لتعود حيث الإستقبال :" أين تذهبي يا حقيرة .. لن تغادري من الباب الأخر ".
ادراك عنان أن جاد علم بوجود باب أخر، ووعي بأمكانيات الرجل أمامهما شلت حركة كل منهما .. جذبها نحو المقعد الأخرالصغير في مدخل الشقة .. ذات المقعد الذي تركه عنان الصائغ لتوه .. دفعها لتجلس على المقعد فشعرت بدفئه مستدركة أنه دورها .. امتدت يد جاد نحو هاتفه الموضوع على المنضدة الصغيرة .. ذاك الذي لم يلحظه إيهما .. غمغمت في توسل :" أنا هنا للحديث يا جاد .. لقد تعبت من ..".
رفع سبابته نحو عينيها معقباً في جمود قاض :" مني .. من الحياة الزوجية .. خائنة .. ولا يحق لك الكلام ".
هتف صوتان في ذات اللحظة :" لم يحدث شيئاً".
حدق جاد بعينين سوداوين من دوامة غاضبة تعلو فتزداد مقلتيه دكنة .. معلقاً في سواد أكبر :" لو كنت وجدت زوجتك في نفس الموقف يا صائغ ماذا كنت ستقول؟!! ".
ادرك الصائغ أن الوضع أسوأ مما كان يريد تمريره .. تمتم في خزي مكرراً في يأس مكبل الأطراف:" لم يحدث شيئاً".
دفعه جاد نحو المقعد في غضب ساكن .. مع موجة عاتية من الغضب الحار :" لأنك لا تعرف الرجولة تردد أحاديث النساء ".
سدد لزوجته عينا حملتا سواد حالك :" الخيانة فكر.. تخيل .. ليست تعري في فراش رجل غريب .. مع أن في حالتك هذه أعتبر هذا ثوب فسق وبالفعل كنت داخل غرفة نوم الرجل .. حقيبتك في الداخل ..أليس كذلك ".
لا تصدق أنها هنا لتصيد عنان فجأة أضحت هي الفريسة في يد جاد .

حاولت الوقوف بصمود فتهاوت ساقاها .. بينما دفعة غادرة من يد جاد على رأسها طرقتها كمطرقة حديدة تعيدها مكانها .. هاتفاً بجمود بارد :" كنت قد اختنقتي من الزيجة .. لأنك لم تعرفي معنى كلمة رجل .. فأبيك ظاهريا.. يحكم بقوة .. لكن الحاكم الفعلي في منزلكم هو السيدة والدتك .. لذا جميعكم ضائعون .. ولن أترك ابنتي في يدك لتضيع معك ".
انتبهت للشباك التي نصبت لها .. وقفت بغتة في إهتزاز أمومي .. لم تدركه من قبل .. ربما ما هي فيه هو خوف جديد من تلقي اللوم من جميع من حولها .. غمغمت في ارهاق :" ابنتي خارج المعادلة ".
ابتسم بوحشية بربرية لم يكن بها من قبل .. أين ذهب جاد الحليم اللطيف .. متمتماً ممرراً الكلمات مضغوطة بين أسنانه :" منذ متى ؟!!.. هل أطعمتيها يوماً بنفسك .. هل بدلتي حفاضتها بيوماً".
صدمتها من هذه الأعمال ارتفعت نحو عينيها .. وكأن الأطفال وجودوا للعب معهم لحظات فقط .. استطرد مكملاً في نفس النبرة المتهمة :" هل تعلمي أين هي الآن ؟!!.. مؤكد مربية الجيوش التي استخدمتيها لترعى ابنتي حاولت الإتصال بك .. لكنك لم تجيبي ".

كيف ادرك أنها أغلقت الهاتف بمجرد أرسال الرسالة لزوجة عنان .. تحرك بطريقة مستأسد قوي البأس في هيبة لم تراها من قبل .. ليجلب الدليل الذي يحتاجه .. تركهما خلفه في مصيدته المحاكة بقوة ...مالت على عنان تطالبه :" هل هناك وسيلة للخروج من هذا السجن ؟!! ".
رفع عينيه نحوها بتبرم :" هناك باب في المطبخ ".
ابتسمت وحاولت الوقوف .. لولا كلماته القاطعة :" مفتاحه في جيب زوجك هو الأخر ".
نظرت له بطريقته الواهنة .. تستشعر الضعف في ملامحه لا تدرك مدى خسائره .
كان قد وصل للغرفة جالباً حقيبتها .. دفع يده داخلها أخرج الهاتف .. عاد يحمل الحقيبة الصغيرة في كفه .. طوحها نحوها لتتناثر كل محتواياتها عندما خشيت أن تصدمها في وجهها .
تحدث في تبيان :" الهاتف معي .. كذلك هذا ".
امتدت يداه كضابط شرطة يحقق في جريمة .. نحو جزء مثبت في الجدار .. فتحه بقوة يقبض على الهارد الصغير الخاص بالمراقبة الداخلية .. يحتوي كل ما يريده من أدلة .. وضعه في جيب سترته العالمية التصميم متحدياً الجميع :" هذا الهارد به كل ما يدور في هذا المكان القذر ".
نظرت ميرال بصدمة لعنان الذي اسقط في يديه كمن سقط على رأسه .
غمغم جاد نحوها :" نفس الشيء وقعي تنازل منك عن حضانة ابنتي .. انا من ساربيها منذ اليوم .. هي في منزلي بالفعل .. لن ترينها بعد اليوم ".
خرج صوتها كغثاء نعجة مريضة :" لا .. يا جاد لم أفعل شيئاً".
صدح صوته في تأكيد صارم :" كرريها لعائلتك ، ولكل أهل المدينة من علية القوم أصدقاء والديك .. منهم أم سيادته ".
نظرت لعنان تلومه على كل شيء ونفس النظرة يوجهها نحوها .. وما بينهما خزي عظيم .. جعل صوت جاد يردف ما يمكن ان يفعله :" بينما أرفع محتويات هذا الهارد ليرى الناس ميرال الغرابلي تدلف شقة خاصة يجعلها صاحبها للعربدة .. ثم تخرج من غرفة نومه .. وزوجتعه التي حضرت للقبض على زوجها وعشيقته بالجرم المشهود .. وخاصة معي تسجيل صوتي لكل ما يحدث داخل هذه الحظيرة القذرة ".
رفع هاتفه لاعلى بينما تضغط ابهامه على إعادة الصوت .. سمعا معاً من بداية صوت جرس الباب حيث كان قد قرر وضعه في جيبه .
انتفضت تريد القبض على الهاتف .. بينما عنان يتحدث محاولاً الخروج من هذه المحنة بطريقته :" انصت جاد ".
هتف جاد بشراسة بينما يده قبضت على كتف المرأة التي تقاتل من أجل البقاء في صورة مميزة :" جاد بك .. وأنصحك لا تتهور حتى لا تخسر كل شيء ".
هتف عنان فيها بضيق مباغت :" اجلسي ميرال دعينا نتفق ".
هتفت فيه بلوم متزاحم الأطراف في عقلها :" أنت لا يهمك سوى صالحك فقط ".
تحدث جاد محدداً:" لا اتفاق إلا بعد توقيعها وتوقيعك شاهداً على تنازلها عن حضانة ابنتي ".
مستطرداً نحوها :" هل مازلت تعتقدين أني ساترك صغيرتي في يدك يا حثالة الأمهات .. لا تستحقين لقب أم .. هو أطهر منك ، ومن كل شاكلتك ".
كان عنان يمنحها القلم المرابط فوق المنضدة :" وقعي ودعينا نحصد الخسائر ونرى كيف نستفيد من أسوأ الحلول ".
طريقة رجال الأعمال لم تعجبها .. لا تملك حتى حق لوم نفسها في هذه اللحظة .. اخذت القلم هاتفة في استعلاء :" ستعود يا جاد لتقبل قدمي لأعود لمنزلك .. أبيك صديق والدي لن يخسره حتى من أجلك .. خاصة اني لم أفعل شيئاً .. لا أحد يجرم على التحدث ".
دفعها للتوقيع بصوته الجامد :" لم يعد هناك طريق للعودة .. انتهينا .. ثم التحدث في منزله وغرفته يختلف عن الحديث في الطريق .. أنا عندي كلاهما مجرم ".
كتبت تنازل عن الحضانة مبسط للغاية كما أملاه عليها ثم وقعت .. ودفعت الورقة نحو شريكها في جريمة لم تعترف بها .. لكن كل اطرافها محكمة .. ولا تحتاج أي اثبات لو ذاعت في الأوساط الراقية التي أغلبها من هؤلاء المدعين الشرف .. ، ولا يملكون منه قيد انملة .
سحب الورقة وطواها داخل جيبه .. ثم أطلق لشفتيه العنان حتى يتخلص من هذا العبء الثقيل الذي قيد أبيه به عنقه :" ميرال أنت طالق مني ..وسوف اخرج من هنا لأول مأذون ليكون الطلاق بائن .. ستصلك الورقة على يد محضرعن طريق قسم الشرطة ".
ثم حملق في الرجل جوارها .. في تحديقة باردة :" غداً تجد حلاً لتبرئة ساحتي .. ولا يهمني ماذا ستفعل ؟!! .. المهم غداً .. وقتها فقط قد أوقع معك عقداً جديداً لمعرضك الكبير يا صائغ الدهب المغشوش ".
فتح الباب بالمفتاح ثم غادر يشعر لأول مرة بالحرية .. ادرك عنان أن اللعب بلا شرف قد أسقطه في أوحال لن تتركه أبداً.
لعب كلاهما بنار لتحرقهما معاً بالنهاية .. خيانة مبيتة النوايا أودعتهما الحرمان الذي لن تتركهما نيرانه الآثمة .
*************

أسميتها وطن  (نصف الفصل الرابع كل اربعاء)Where stories live. Discover now