_ أحجية ! _

17.4K 621 10
                                    

( 66 )

_ أحجية ! _

قد يسعها الانكار قليلًا بأن الحنين إلى وطنها و مسقط رأسها لم يكن قوي الوطأة على فؤادها... و لكن قطعًا لا يسعها أن تنكر حجم شوقها و توقها لرؤية أفراد عائلتها فردًا فردًا

في تمام الرابعة و النصف فجرًا وصلا كلًا من "فادي" و "هالة" إلى أراضي الأسكندرية سالمان.. إستقلا سيارة أجرة، و في غضون نصف ساعة من المطار إلى طريق شمال المدينة كانا أمام قصر عائلة "البحيري" ...

ترجلت أولًا دون إنتظار و ركضت تحت خيوط البزوغ الوردية التي تجلل السماء العاصفة بهواءٍ خفيف.. فتحت البوابة ببطاقة مفعَّلة إلكترونيًا خاصة بأصحاب المنزل فقط، بينما كان "فادي" يدفع للسائق.. أنزل الحقائب و ساعده الأخير بنقلهم إلى الباحة الداخلية ثم رحل

ليلحق "فادي" فورًا بزوجته... أو طليقته !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°

تخيّلت "هالة" بأنها ستلج لتجد السكون و الهدوء يسود الأجواء بالداخل، و لكن اتضح بأنها كانت مخطئة.. إذ لم يكن الجميع نيامًا كما ظنّت، فها هي ترى وسط الظلمة الطفيفة جسمًا هلاميًا لم تتمكن من تبيّن ماهيته، أهو رجلًا أو امرأة

إتجهت نحو أقرب لوحة مفاتيح لتضيئ قسمًا من مصابيح قاعة البهو

لحظة إنتشار الضؤ، تنظر "هالة" بصورة جيدة الآن، فتكتشف بأن ذاك الجسم المعتم لم يكن سوى زوجة عمها السيدة "فريال" !

في نفس الوفت.. يرتفع رأس "فريال".. و تحدق بعيناها الجميلتان ذات النظرات الملأى بالبؤس ...

-هالة ! .. برز صوت "فريال" الذاهل كتعابير وجهها في هذه اللحظة

بدت عليها المفاجأة لرؤيتها الآن، قامت من مكانها بتباطؤ، بينما تقبل "هالة" عليها بخطوات مهرولة و هي تهتف بتلهفٍ  :

-أنطي فريال ! يا حبيبتي يا أنطي. وحشتيني أوووي ..

و لم تمهلها حتى لترد عليها، إرتمت من فورها بين أحضانها و عانقتها بقوة.. بادلتها "فريال" العناق بدورها مفرغة عليها دفقات من حنانها الأمومي الذي حُرمت منه المسكينة في سن مبكرة للغاية، و قد أضحت الآن يتيمة الأم و الأب ...

أخذت تربت عليها و تمسح على شعرها متمتمة برقتها المعهودة :

-حمدلله على السلامة. نورتي بيتك.. طمنيني عليكي يا هالة. و إللي في بطنك يا حبيبتي إن شاالله يكون بخير !

ترتد "هالة" للخلف قليلًا كي ما تتمكن من النظر إليها، و ترد بلهجة تفيض امتنانًا :

-أنا كويسة و البيبي كويس الحمدلله. إطمني عليا خالص ..

ثم إستحال صوتها متوترًا بطرفة عين و هي تستطرد :

-المهم طمنيني أنا.. إيه الكلام إللي سمعته منك على التليفون ده. إزاي عثمان يطلق سمر ؟ إزاي يعني ده حصل ؟!!!

سل الغرام... ج٢ عزلاء أمام سطوة ماله... للكاتبة مريم غريبWhere stories live. Discover now