الجزء العاشر(مهمة الألم )

56 22 4
                                    

نجحت في تلك المهمة بالنسبة للكبير و نجحت فيها بالنسبة لنفسي أيضًا لأنني لم ألوث يدي بقطرة دماء واحدة، وكنت كل تلك الفترة أحاول أن أُخفي هذا الجانب المظلم حتي لا يتكرر مثل ذلك الموقف، حتي لا يجعلني الكبير أن أكمل أي مهمة إشباعًا لرغبتي و تنفيذًا لأوامره، ففي كل مرة لن أستطيع أن أخلص المهمة بدون أي دماء، لذلك صِرت أتعلم فنون القتال وكيفية تعزيز تلك الظلمة التي بداخلي ، و استمريت علي هذا طوال تلك الفترة ، أحاول إخفاء هذا الجانب .
كبرت و تعلمت أكثر كيفية إستخدام جانبي المظلم و كيفية التحكم به، متي أترك هذا الوحش الذي بداخلي يخرج ومتي أحبسه بداخلي.
لكن ذات يوم من الأيام، كان أشد الأيام صعوبة وألمًا ، جعلني أشعرت بتغلل الألم في أعماقي بشدة ، لم أكن أضع لهذا اليوم حسبانًا أبدًا.
أرجوك و أنت تقرأ أريدك أن تشعر بذلك الألم الذي أصابني، هذا السكين الذي وضع في قلبي ، ذلك الشعور الذي فتتني إلي إربًا ولم أستطع لم شملي مِن وقتها.
سأقص أحداث هذا اليوم عليك الآن.
في يوم ما بعد تدريب عنيف طوال اليوم ذهبت إلي غرفتي و بدلت ملابسي و قررت الخروج لرؤية أمي، فمنذ أن انضممت لتلك المدرسة المظلمة لم أري أمي و لو لحظة ولكن كان الخروج في تلك المدرسة يتطلب إذن من الكبير، لذا لم أجد أي عذر فلم يوافق الكبير علي خروجي مِن المدرسة بدون مهام لذلك ظللت أنتظر أي مهمة حتي أخرج و أري أمي، فكل تلك الفترة كنت أتجنب الخروج و أتجنب المهام خوفًا مِن اقترافي أي ذنب، ولكن ذات اليوم استعددت لمهمة وحاولت إظهار جانبي المظلم وحاولت أن أكون وحشًا متعطشًا للدماء، فأخبر معلمى الكبير بهذا و كان الكبير سعيدًا و أمر المعلم أن يأخذني إليه و عندما ذهبنا إلي غرفته طرد الكبير معلمي و قال لي:
-انتظرت تلك الظلمة طويلًا، انتظرت ذلك الشر الذي يلمع في عينيك طويلًا، وآخيرًا قد جاء، ستكون بطلي يا إستيڤين، استعد لمهمتك!
-في أتم الأستعداد يا كبير، فقط أخبرني بمهمتي من فضلك!
-أحب هذا الحماس، إصغ إلي جيدًا يا ولدي، سأرسلك إلي فتاة قوية، إنها مِن فصيلة الخارقين، ولكنها تتمرس السحرو تحاول أن تواجه سحري وقوتي، لذلك أريد مِنك أن تقطع رأسها و تأخذ قلبها و تضعهم في هذا الصندوق و تُغلقه بإحكام ثم تأتي إلي بِهم لأضعهم في غرفتي.
-ما هي قوتها الخارقة؟
-لم تظهرها لي حتي الآن و لكن يبدو أنها متعددة القوي.
-حسنًا يا سيدي.
-أكمل مهمتك علي أتم وجه.
-أمرك يا كبير.
خرجت من غرفته لا أعلم ماذا أفعل، أأذهب إلي أمي و أخبره أنني أخفقت، أم أذهب و أخبر الفتاة و بعدها أذهب إلي أمي وأخبره أنني أخفقت، ولكنني إذا قلت ذلك سيعاقبني بِشدة، يا إلهي لا أعلم ماذا أفعل.
خرجت مِن باب المدرسة وحاولت أن أتجه إلي العنوان الذي أعطاني إياه الكبير، ذهبت إلي هناك حتي وصلت إلي منزلها و نظرت من النافذة لأري تلك الفتاة الشابة الصغيرة، كانت صغيرة و كأنها تبدو في سن الثامنة عشر، كانت ذات شعر وردي و عيوني زرقاء، كانت تبدو في غاية الرقة، انجذبت إلي رقتها بمجرد أن رأيتها، حاولت أن أمضي دون أن أقول لها شيئًا و لكنني لم أستطع، ذلك الجزء الأبيض يخرج و يجعلني أتجه نحوها و أطرق باباها، طرقت الباب عدة مرات حتي فتحت لي و قالت:
-مرحبًا، أيمكنني المساعدة؟
-علي الدخول حتي أُخبرك شيئًا ما.
-تفضل.
-شكرًا لكِ
دخلت إلي منزلها لأري هذا المنزل المنظم الرائع الذي تعيش به تلك الفتاة اللطيفة و كنت أتأمله حتي قاطعت تأملي وقالت لي:
-ما الأمر يا سيد.....
-إستيڤين إسمي هو إستيڤين.
-ما الأمر يا سيد إستيڤين؟
-عليكِ أن تسمعيني بهدوء ودون أن تفقدي صوابك، فأنا هنا لمساعدتك.
-حسنًا أعدك بذلك.
-الكبير هو من أرسلني إليكِ.
و بمجرد ذكر إسم الكبير نهضت من مجلسها و تحولت كل تلك الرقة لفنون قتالية و غضب فقد كانت تطفو فوق الأرض و كأنه ليس هناك جاذبية ثم أتت إلي مسرعة لكي تلكمني و لكنني استخدمت قوتي و تحكمت بها و أوقفتها في الهواء، ظلت تقول العديد من التعاويذ السحرية حتي تتفك من بين يداي ولكن دون جدوي حتي قالت:
-كيف لا تتأثر بكل تلك التعاويذ المضادة؟
-لأن تلك القوي التي أملكها موروثة يا صغيرة ولست مسحورًا.
-أنزلني الآن أيها الغبي!
-سأنزلك ولكن استمعي لي فأنا هنا مِن أجلك.
-حسنًا
أنزلتها و أعتذرت لها و طلبت منها الجلوس و دار بيننا حديثًا طويلًا بعض الشئ فقلت لها:
-أرسلني الكبير إليكِ حتي أقتلك، لكنني لست مِن هذا النوع، لا أحب القتل ولا أريد أن ألوث يداي بِالدماء.
-أحقًا يوجد في تلك المدرسة من لا يحب القتل؟
-نعم بالتأكيد!
-لا ربما أنت الوحيد!
-لا لست الوحيد ، هناك الكثير.
-من هم؟
شعرت بالقلق حيالها، لماذا تهتم هكذا، أستنوي الإنضمام إلي المدرسة، لذلك سألتها قائلًا:
-لماذا تهتمي هكذا؟
توترت و قالت:
-لا شئ لكنني أريد المعرفة فقط!
لكن ذلك لم يكن طبيعيًا فقد تركت صلب الموضوع و حاولت معرفة من هو الخائن للمدرسة الذي يحب الخير!
لذلك فحاولت أن أخفي جانبي المنير هذا و أتجه لجانبي المظلم لاكتشاف الحقيقة فقلت لها:
-لقد أمرني الكبير بقتلك، و أنا أوشك علي فعل هذا الآن!
لم يظهر عليها علامات الخوف بل تعمدت إظهارها ، لذلك فهمت أن هناك اتفاق بينها و بين الكبير !
قالت لي بصوت يسوده الخوف المتصنع:
-ألم تقل أنك هنا لتساعدني؟
-للأسف أنا أنفذ كلام الكبير فقط، من أنا لأعصي الكبير!
-حسنًا أريني ما لديك!
حملتها في الهواء و بدأت في كسر عظام ذراعها الأيمن، كان صوت تكسير العظام يمتعني كثيرًا حقًا أحببت هذا الصوت و أحببت تألمها، صرخاتها تشبع ظلمتي و تملؤني بالراحة، ولكنها قاطعت شعوري بالمتعة هذا كانت تصرخ و تقول:
-سيقتلني، سيقتلني، أين أنت، كنت معي طوال الوقت حتي تأكدت مِن ولاءه للكبير و تركتني!
-مع من تتحدثين، قولي لي مع من تتحدثين و سأتركك.
-سيقتلني إذا تفوهت بكلمة!
-إما سأقتلك أنا الآن طاعة له أو تخبريني و أحميكِ مِنه.
-حسنًا سأخبرك ولكن أنزلني أرجوك فذراعي يؤلمني!
أنزلتها حتي بدأت في الحديث قائلة:
-أنا مِن فصيلة الخارقين في تلك المدرسة، ولكنني خارجها حتي أراقب للكبير الأحداث التي تحدث خارج المدرسة و أنقلها له و قد أرسل إلي إحدي شياطينه ليخبرني أن أستعد أنك ستأتي لتقتلني و أنه يريد اختبارك و إذا أشرفت علي قتلي سيجعل شيطانه يظهر لك و يوقفك و يخبرك بأنني صديقتك!
-و ماذا حدث الآن؟
-كان هذا الشيطان لا يراه شخص غيري لذلك عندما أظهرت حبك للكبير و مدرسته غادر المكان و غدر بي و لم يفِ بوعده و تركني لك لتقتلني!
-أقتلتِ شخصًا ما مِن قبل؟
-لا لم أفعل لذلك أقصاني الكبير خارج المدرسة وجعلني أراقب له ما يحدث خارجها وذلك لأنني أكره القتل ولكنني قوية بعض الشئ و الكبير يحب استغلال كل شخص قوي في الأرض لصالحه.
-أتعلمين لو لم تكونِ صالحة و لم تقتلي أحدًا من قبل لكنت سلمتك للكبير بنفسي و تركتك كي يقتلك و لكنني أعلم أنك في كل هذا رغمًا عنكِ.
-ماذا تقصد؟
-أنا لست بالشخص السئ، ولن أخبركِ المزيد لأنني ما زلت لا أثق بكِ.
حسنًا سألقي عليكِ تعويذة الإخفاء، تلك التعويذة لا يعلم الكبير ولا شياطينه بها ولا يستطيعون فكها ستخفيكي عن أعينهم ، لكنني علي أن أقطع رأسك و قلبك للكبير، كيف أفعل هذا دون أن أقتلك؟
-لدي فكرة، أنا خارقة  وأستطيع أن أصنع نسخ كثيرة مني، يمكنني أن أنسخ نفسي وبعدها أنت تخفيني و تقتل تلك النسخة.
-كيف هذا، إذا قتلت نسختك ستموتين!
-هذا ما تراه في الأفلام المصورة فقط، لكنني أستطيع أن أنسخ نفسي ولا أتأثر ولا أشعر بتلك النسخة.
-حسنًا فلنفعل هذا!
نسخت مارثا نفسها، أجل اسمها مارثا نسيت أن أخبرك بذلك، نسخت نفسها و لكن بعد أن نسخت نفسها قلت لها:
-لا أستطيع قتل نسختك!
-لماذا، أأنت ضعيف لتلك الدرجة!
-لا لست ضعيفًا ولكنني لا أقتل و إذا قتلت سأطلق لهذا الوحش الذي بداخلي العنان لقتل الأبرياء و أنا أحاول منع ذلك!
-لكن هذه نسخة، ليست حقيقة.
-لا تحكمي أنتِ في ذلك!
-حسنًا، أستطيع فعل ذلك، فأنا يمكنني التحكم في أي نسخة أنسخها من جسدي كما أنني لا أشعر بما يحدث بها حتي لو قتلت كما قلت لك من قبل.
نظرت مارثا إلي نسختها و في نفس الوقت وجدت الدماء تسيل من رقبة نسختها و تنفصل الرأس عن الجسد حتي سقطت تلك النسخة هاوية وبعدها خرج القلب من تلك الجثة مرتفعًا إلي الهواء ثم أعطتهم إلي مارثا و أخبرتني ألا أشعر بالقلق أو تأنيب الضمير فتلك لم تكن شخصًا حقيقيًا بالمرة بل كانت مجرد نسخة .
أخذت منها الرأس و القلب و وضعتهم في الصندوق الذي أعطاه إلي الكبير و الذي فهمت أنه سيحفظهم حتي أذهب إليه ، ثم ألقيت عليها تعويذة الاخفاء و أمرتها أن تذهب ثم سمعت صوتها وهي تقول أنا حقًا ممتنة لك ثم ذهبت.
أخذت الصندوق و خرجت من منزلها فهكذا أتممت المهمة مِن وجهة نظر الكبير كما أنني أتممتها من وجهة نظري و أنقذت فتاة آخري و عززت جانبي الأبيض المنير.
وبعد أن خرجت مِن منزل مارثا قررت الذهاب إلي مقصدي الأول و هو ذهابي لأرى أمي ميليسا، ذهبت و قطعت مسافة طويلة شيئًا ما و كان معي الصندوق الذي فيه رأس و قلب نسخة مارثا .
وصلت إلي منزل أمي وفتحت الباب، تذكرت كل شئ حدث يوم موت إليزابيث و فاضت عيناي بالدموع لتذكر كل هذا حتي سمعت صوت أمي الذي انتشلني من هذا الحزن بعض الشئ وهي تقول:
-إستيڤين أشتقت إليك.
-أمي، أين أنتِ، أريد رؤيتك.
-آسفة يا صغيري، ألقت علي إليزابيث التعويذة ولا أستطيع التحكم بها.
-اشتقت إليكِ يا أمي أرجوكي أحتضنيني.
شعرت بعناقها الدافئ، عدت كطفل صغير بين أحضان أمي، كنت في غاية السعادة، فقدت الشعور بتلك السعادة مُنذ مدة طويلة .
لكن شيئًا ما لم يكن يتوقع، شئ قطع سعادتي، شئ اقتلع بهجتي مِن جذورها فصارت نفسي أرضًا بور لا تستطيع إزهار البهجة مجددًا.
بقلم:
#منة_الله
يتبع

انفصام مُنذ الولادة (مُكتملة)Where stories live. Discover now