[ عدمُ إتزان ]

781 51 121
                                    

_________

منتصف عامِ ١٨٥٥.

خطوةٌ تلاها خطوة، مشتْ بوتيرة بطيئة ومُترددة ريثما تَشُدُّ قبضتيها بقوة وتُحاول قمعَ دموعها من الإنهمار قبل تأكدها من ما سيحدُث. كانتْ عالمةً بماهيةِ ما ستراهُ لو أكملتْ مُلاحقة ذلك الباب. مهما كانت عدد المراتِ التي هربت فيها منه....المصيرُ نفسُه.

ورُغم عِلمها لم تتوقف.

لأنهُ سبق وحدث. لأنهُ القدر.

تمكنتْ من الوصول إلى البابِ الخشبي ذو الدفتين فتسللتْ شهقة من صدرها الذي ينبِضُ بسرعة. أرستْ يدها فوق المُقبض ولم تستطع منع بكائها بعد الآن فتركت قطراتها تنسدل فوق وجنتيها بحرية.

فتحتهُ بهدوء ودفعتهُ مُقتحمةً الغرفة الملكية. لم يسرق نظرها الأثاث الذهبي ولا الزخرفات التي مستْ كُل إنشٍ من السقف والحيطان بل ذلك الستار البنفسجي الشفاف الذي كان يتحركُ بخفة جراء الرياح اللطيفة.

إتخذتْ خطواتها نحو الشرفة بينما شهقاتها قد إزدادتْ علواً ونحيباً. وضعت يدها على قلبها كي تواسيهُ على ما سيشهدهُ ثم سحبت الستار جانباً ووجدتُ والدتها هُناك. جالسةً فوق حافة الجدار النصفي الذي من المفترض أن تكونُ ورائهُ لا فوقه.

تقدمتْ صوبها وحاولت إحتضانها لكن ذراعيها مرتْ عبر جسمها مرور الكِرام. أعادتْ الكرة مُجدداً ومُجدداً وكأنها لم تُجرب من قبل وفشل. رغم خيباتها لم تتوقف عن المحاولة لكن هذه المرة لم تقدِر على التمسُكِ بأملٍ زائف.

إنزلق جسدها للأسفل وجثت على ركبيتها باكيةً بصخب كطفلٍ تم ولادته للتو. رفعت خضرواتيها نحو والدتها وصرخت عليها بسخط " ارجوكِ توقفي. إنزلي ماما."

لم تلتفتْ لها ولم تستمع حتى. وكأنها شبح.

سمعتْ صوت مقبض البابِ وهو ينفتح فعضتْ على شفتها السفلية وإستقامت مُتحركةً صوب زواية الشرفة . وقفت هُناك وإنتظرتْ الزمن يُعيد نفسه.

" ماما ! مالذي تفعلينه ؟" رنَّ صوتٌ أنثوي قلق ومستغرب بالأنحاء فإنهارت كالينور مُجدداً تنوح بصمت، مسحتْ وجهها وحدقتْ بوالدتها وهي ترمي بنفسها من على الحافة بعدما إستدارتْ وتفقدتْ وجهَ إبنتها للمرة الأخيرة.

صدحتْ صرخة قوية من داخل الغرفة بعدها بثانية بانتْ تلك الفتاة التي تكلمتْ منذُ قليل. خصلاتٌ فحمية تُنافس إبليس بلونِ قلبه، بشرة شاحبة وحدقتين خضرواتين بهُتتْ من صدمةِ ما رأتهُ.

أحكمتْ الفتاة على الحافة وألقتْ نظرة على جسد والدتها بالاسفل فإتسعتْ مقلتيها وإقشعر شعر بدنها. تراجعتْ بضعة خطواتٍ للوراء وكادتْ أن تسقط بسببِ فستانها المخملي.

|| كالينور هيليوڤان ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن