4

44.8K 264 5
                                    

عندما استيقظت كانت الغرفة مظلمة تماما .. استغرقت بعض الوقت حتى أدركت أين هي..
أضاءت النور ولم تجد علا.. لم تعرف ماذا تفعل .. لأول مرة تدرك أنها لا تعرف برنامج الرحلة .. بل لا تعرف إن كان هناك برنامجا من الأساس..

أمسكت هاتفها لتتصل بعلا .. مرة واثنتين وثلاث .. لا رد ..
حفلة! .. تذكرت الآن .. هل هي حفلة شواء؟ .. هل هي حفلة شاي وفلكلور بدوي مثلا؟ .. هل أخذوهم كفوج للجبل ام في مطعم بداخل المدينة؟ .. لا تعرف شيئا وعلا لا ترد..

حسنا .. ستعتبر انها جاء بمفردها هذه الليلة وتتجاهل انها جاءت مع أعز صديقاتها وسط مجموعة .. انها هنا في دهب .. ماذا يمكنها ان تفعل إذا؟

بحثت على الانترنت على انشطة ليلية في دهب .. أتى البحث بالكثير من النتائج، ولكنها إما تحتاج ميعادا أبكر من الآن او لا تناسب فتاة وحيدة..

ابتلعت خيبة أملها وقررت أن تسير على الشاطئ.. انها تسمع أن المشي على الشاطئ ليلا نشاط لطيف .. الشاطئ واسع و مضاء ، فلا خوف عليها..

ارتدت ملابس خروج مريحة ولم تنس أن تضع غطاء رأسها، فهي ليست كالمحجبات اللاتي ينتهزن وجودهن في المصايف ليتخلين عن حجابهن.. انتعلت خفا مريحا وخرجت واغلقت الباب خلفها بإحكام واتجهت صوب الشاطئ..

فالشاطئ لم يكن بعيدا .. وكلما اقتربت كان هنا صخبا يعلو .. عندما أُتيحت لها الرؤية، وجدت الحفلة التي كانت تتساءل عنها
اكتشفت انها ساذجة بالفعل .. كانت هناك أغاني أقل ما يقال عنها أنها تلوث سمعي .. عالية الصوت لدرجة الصمم .. والجميع يرقصون أمامها..
الفتيات في ملابس شبه فاضحة، ولا حجاب واحد بالطبع .. الشباب يستعرضون أجسادهم المفتولة، الآن فرصتهم التي كانوا يستعدون لها شهورا في النادي الصحي (الچيم)..
الجميع يتمايلون في خلاعة .. أكواب الكحوليات في أيادي الجميع وكأنها شئ عادي .. جو ماجن مقزز .. كيف لبنات يحترمون أنفسهم أن يتلوون بهذه الطريقة أمام رجال..
رأت علا وهي تشير لها وتدعوها للانضمام لهم .. هزت رأسها في رفض، ودعت لها في سرها بالهداية.. بالطبع وسط هذا الصوت الذي يصم الاذان لم تسمع هاتفها وهو يرن..
إن كانت هذه الحفلة، فهي سعيدة انها نامت ولم تذهب إليها..

استكملت مشيها وحاولت ان تبتعد عن الصوت بقدر الامكان.. وضعت سماعاتها الصغيرة في أذنها .. باخ مرة أخرى عل سيمفونياته تزيل بعضا من الأوساخ السمعية التي علقت بأذنها منذ قليل..

ابتعدت بمسافة كافية حتى صار المعسكر يبدو قطعة صغيرة من الضوء..
كانت ليلة قمرية، والقمر كاد أن يصير بدرا .. ربما هم في العاشر او الحادي عشر من الشهر الهجري..

ضوء القمر ينعكس على سطح الماء .. أنسام الهواء لطيفة مع مسحة محببة من البرودة .. الكون هادئ ونغمات باخ تجعله أكثر جمالا ..

خلعت خفيها لتلمس قدميها رمال الشاطئ المبتلة .. جلست على الرمال متربعة تنظر للماء متأملة.. هل هناك من يترك هذا الجمال الرباني ليتواثب على هذه الاصوات المقرفة؟! ..
بينما هي غارقة في تأملاتها إذ بضوء أبيض يظهر وينطفئ فجأة من جانبها .. هذا ضوء (فلاش) لكاميرا .. انتفضت ونظرت لمصدر الضوء في سرعة لتجد شخصا يمسك بهاتفه مبتسما..
انعقد لسانها لثانية، ثم انفجرت فيه: من أنت؟ وماذا تفعل؟ وكيف تصورني بدون إذن؟

قال لها بالانجليزية: أنا اسف حقا.. ولكن كانت أمامي لوحة بديعة كنت سأحزن إن لم ألتقطها قبل أن تضيع.

كانت تعرف تلك الأساليب اللزجة في التقرب من الفتيات خصوصا من السياح الذين يظنون أن البنات المصريات سيقعون سبايا لكنتهم او شعرهم الاشقر.. صرخت فيه بالانجليزية -التي تجيدها- هذه المرة: امسح الصورة الآن وإلا سأفضح ما عملته وأجعلك عبرة لكل المتحرشين من أمثالك

رفع كفه مهدئا لها وقال لها: صدقيني أنا لست كذلك، لن أحذف الصورة فقط بل سأجعلك تحذفينها بنفسك لتطمئني، ولكن لي طلب واحد، انظري إلئ الصورة قبل مسحها

كانت تغلي غضبا، ولكن نبرته هدأتها قليلا.. في النهاية ستحذف هي الصورة بيدها، وهذا بالتأكيد أكثر أمانا..

أعطاها هاتفه فنظرت للصورة .. وتجمدت للحظة .. في الحقيقة كانت صورة بديعة .. لم يكذب عندما قال عنها لوحة .. كانت هي جالسة تحدق في الأفق والبحر أمامها والقمر يطل من أعلى يسار الصورة .. لم تصدق أنها هي لولا أن الجالسة في الصورة ترتدي نفس الملابس..

نظرت له بدون كلمات .. لا تعرف ماذا تقول..

ابتسم لها وقال: على الاقل إن عجبتك الصورة يمكنك أن تنقليها لهاتفك قبل حذفها..

فكرة جيدة .. تلك الصورة ستكون أفضل صورة يمكن أن تضعها كصورة شخصية لحساب (الفيس بوك) الخاص بها .. على الأقل ستكون ظفرت من هذه الرحلة المشئومة بشئ واحد جيد..

حسنا، قالت له، سأنقلها لهاتفي ثم أمسحها فورا

هز كتفيه في عدم ممانعة .. أخرجت هاتفها، فتحت خاصية (البلوتوث) -بالطبع لأنها لا تحتاج إعطائه رقم هاتفها او أي بيانات عنها- وطلبت منه أن يبعث لها بالصورة..
استقبلت الاشعار ووافقت عليه، وانتقلت الصورة لها .. ثم مدت له يدها، فسلمها هاتفه، فحذفت الصورة ، وحركت الشاشة لليمين واليسار لتتأكد انها الصورة الوحيدة.. حمدا لله لم تكن هناك اي صور اها سوى تلك التي حذفتها وما قبلها كانت صور شخصية له هو..

أعادت له الهاتف، ولم تعرف هل تشكره أم تكمل وصلة التهزيق .. لكنها قامت لتغادر وفضلت ألا تقول شيئا على الإطلاق .. بينما تنفض الرمال عن ملابسها سمعته يقول: فرصة سعيدة يا هند، أنا أجلس كل ليلة هنا إن أردت المجئ مرة أخرى

اتسعت عيناها ونظرنت له في صدمة.. قالت له: كيف عرفت اسمي؟
ضحك وقال لها: من إسم البلوتوث الخاص بكِ

كانت تتمنى لو كان في يدها عصا او ما شابه لتضربه على بساطته المستفزة .. ولكنها غادرت بدون كلمة إضافية..

هذا يكفي.. قالت لنفسها .. من هذا المجنون، وكيف بلغت به الجرأة أن يتخيل إنني يمكن أن أعود لنفس المكان مرة أخرى؟!

أنثى وسمكة +١٨ {نصف مليون مشاهدة}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن