" فصـل 16 "

2.5K 119 4
                                    

- فصـل 16 -

فجر..
تعيش ليالي فجرية لا نهار فيها..
منذ ذلك اليوم واخر مقابلة جمعتهم وهي حزينة لا تصدق ان عرض كهذا عُرض عليها..
ومن هذا الذي تعلم عنه كل شناعاته بل هي مَن فضحتها، لكنها هي مَن تستحق..
هي مَن اعطت له فرصة ليتقرب ويجرؤ لفعل ذلك الشئ المشين و.. الاسوء انها تحزن!
الاسوء انها صُدمت به بعد ان ظنت انه قد يكون تغير حيث انه و بطريقة ما آثار شيئًا فيها
محت دموع قد سقطت دون شعور وهي تردف بقوة " لا فجر، لن اسمح بمشاعر غبية ك تلك ان تؤثر عليِ، سأتابع حياتي وسأطرده من أفكاري "
وهل تفلح؟
ربما تفلح!
***
كانت الكاميرات تحاوطه من كل مكان والعيون المتسائلة..
منتظرة تأكيد الخبر او نفيه..
كان ما سيخرج من لسانه الأن هو الحد الفاصل..
هو ما سيُبني عليه كامل حياته القادمة وهو كان مستعد لشيئًا ك هذا بل ومجهز لها منذ زمن..
كان قد اتخذ قراره..
لا يمكنه العيش في أكاذيب ومشاعر منفعلة أكثر من هذا..
قبل وجود الطفل كان مقرر ان ينهي تلك الذبذبات التي تلخبط له معيشته وبعد معرفته بوجوده بات يضع له خطط لـ الحاضر والمستقبل..
لا يمكنه ان يكون اناني وغبي لبعد تلك اللحظة..
عليه ان يضع النقاط علي الاحرف
لذا.. تنهد قبل ان يقول " روجينا تمزح معكم ياشباب، بالحقيقة نحن اتفقنا علي انهاء الخطبة حالًا، افكارنا ليست متشابهة وهي مؤيدة القرار وبشدة "
وتطلع لها محذرًا بعيناه بأن تؤيده فأؤمات بنعم وهي تبستم بصدق " انا وطيف اصدقاء ولا يمكن ان تجمعنا علاقة اكثر من ذلك.. "
" لكن.. " تحدث طيف ثم صمت حتي التفتت الكاميرات له وثم فجر قنبلته " بالفعل يوجد كتب كتاب بعد اسبوع من هذا اليوم.. كونوا بالقرب "
تابعت روجينا بمرح وهي تغمز " ليست انا العروس.. خمنوا مَن ياتري؟ "
وابتسمت بأيحاء..
وقبل ان تتفاعل الكاميرا وتتكاثر الاسئلة ساعد الأمن روجينا وطيف علي المغادرة
وبقي السؤال.. مَن العروس؟
***
أطاح عمر بهاتفه علي التلفاز ليسقطوا الاثنان متهشمين..
بعد ان سمع ذلك الخبر وبعد ان فشل في الوصول لجده الذي ذهب هو وجدته في رحلة استجمام قاربت علي الدخول الي خمسة اشهر..
ولا يستطيعون الوصول لهم الا اذا شاءوا وارادوا ذلك
العالم يخرب هنا والاخرين يجددون شبابهم..
لعن تحت انفاسه وهو يأخذ الغرفة ذهابًا وأيابًا..
دخل له اويس " ما زلت غاضب؟! "
" وسأظل "
جلس اويس علي فراشه " لن يجدي غضبك بشئ، طيف أخذ قراره وبرأي انه صائب "
" ماذا تقول بحق الله؟ "
" اقول الحق.. عمر يكفي التفكير بأنانية وفكر قليلًا بجدية "
صاح " انا افعل "
" كلا.. لا تفعل، انت لا تفكر ب طيف ولا بمشاعره، طيف يحبها..
لو لم يحبها لكان قطع علاقته معها منذ زمن..
هو فكر بالطبع بكل الذي دار بخلدك وخلدي..
فكر بكل شئ قبلنا وبصور أفظع لكنه تابع السير لها رغم هذا لانه يحبها..
طيف بسببنا يعيش في تذبذب معها..
دعنا نفكر فيه قليلًا ونتخلي عن ايمانات فارغة لا اساس لها من الصحة "
" انت مجنون؟ تريدنا ان نرضي بأن تكون راقصة.. كنة لهذا البيت؟ "
" كانت ولم تعد.. لما لا تغفرن للبشر!
الله بعزته يغفر عما هو ابشع وانت؟ مَن انت لتحكم علي البشر!
مَن انت لتنظر لهذا او هذة بدنيوية!
عمر انت فعلت اكثر ما فعلته هي.. رغم انك كنت تملك رفاهية الاختيار.. فلا تعاقبها وهي لم تجد طريقًا الا هذا وسلكته بالاجبار "
اؤما بالنفي " لا تحاول.. "
" بل سأحاول.. ربما بالماضي كنا لننجح بأنهاء الامر، لكن بعد ان علمت بخبر حملها فأنا سأكون ثاني مَن سيقف في وجهك ان حاولت ايذائها..
هي الان ام ابن اخي.. أي ابني.. فكر في ما قلته وحاول ان تصل لبر الامان قبل ان تخسر طيف بغباءك "
وعلي سيرة طيف سمعوا صوته بالأسفل وهو يقول لـ الخادمة " جهزي الجناح الذي يجاور جناحي.. سيكون لـ ليالي مَن بعد اليوم "
خرج اويس ونداه من اعلي السلم " طيف.. "
اشار له بالوداع " سأذهب لأحضر ليالي وأتي "
وكان يركض وليس فقط يخرج..
خطواته كانت مليئة بالنشاط بعد ان نزع همومًا كالجبال مَن اعلي كتفيه
وبعد ان وصل اخيرًا لبر الامان..
***
ومنذ الصباح الباكر.. وهم يتفتلون بالمزرعة بالحصان، تجلس هي امامه وهو خلفها يحكم لجام يده حولها.. ان كان قد قال من قبل انه اقترب منها الي حد كبير.. فأنه الان قريب منها الي حد الالتصاق وان حاول الابتعاد فهي كلماوتخاف تعود لتلتصق بها وخو يظهر التمنع والضيق وبداخله.. بداخله دقات قلبه تتراقص فرحًا علي انغام الطبول ولا يعلم لهذا سببًا
ابطئ من سير الحصان فأستكانت بين ذراعيه تستمتع بنسيم الهواء البارد الممزوج بدفء احضانه وعندما استراحت علي صدره مال هو ليستنشق عبيرها بلهفة باتت تتملكه.. من علي بُعد ان طالعت حالته تلك لوصفته بعاشق مجنون.. لكنه عاشق ضال.. غير مدرك لحقيقة مشاعره بعد بل وان ادركها سيستنكرها بكل جحود!
فاق من حالته فانتفض كعادته وهو يقول " يكفي الي هذا الحد "
ضمت شفتيها بحزن " لنبقي قليلًا بعد "
وهل كان يرفض بعد ان طالع نظرتخا تلك؟
بالطبع لا.. وبقوا قليلًا بعد..
الي ان اكتفت وهبطوا اخيرًا، اخرج هاتفه ليتابع مع اويس ما يحدث في المنزل ليجد الاخر يخبره ان طيف ذاهب ليجلب ليالي
انتفض وهو يقرأ الخبر..
سألته نايا بقلق " ماذا حدث؟ "
" طيف ذاهب لاحضار ليالي للعيش معانا "
صاحت هي الاخري " ماذا؟؟ "
" يجب علينا المغادرة حالًا.. "
اؤمات بتفهم.. وذهبوا لتجهز انفسهم.. هي من خلال الفترة التي عاشتها في القصر.. علمت ان ليالي بالنسبة لطيف خط احمر.. وعمر لا يطيق ليالي..  ان طيف يحضر ليالي الي الفصر فهذا يعني ان هناك شيئًا عظيم حدث او سيحدث
وهي.. كلها فضول لمعرفة ما حدث
***
تحتضنه وتقبله وهي تبكي..
وحمزة من علي بُعد يراقب اللقاء الاخوي هذا الذي بات يتكرر كثيرًا في الأونة الاخيرة ببسمة حنونة..
يفهم حالتها التي تشبه حالته..
فهو مَن رَبـى شقيقته ومعها نايا بعد ان توفت عائلاتهم..
حمل علي كتفيه كامل مسئوليتهم.. كان يعشقهم لحد كبير ويري في راحتهم راحته..
نايا شقيقته ك شمس بالضبط..
بل لانها ضعيفة كان يخشي عليها اكثر من شمس التي كانت قوية
لذا ظنت شمس بغباء ان حمزة يحب نايا!
هتفت ناريمان وهي مازالت تحتضن اخيها " لا اعلم كيف اشكرك حقًا سيد حمزة.. انا لم اقابل شخص طيف القلب مثلك "
ابتسم وهو يرد " وجهي هذا لا اظهره سوا للابرياء امثالك وحقا اعتذر ان هذا كل ما استطيع تقديمه "
" هذا ما يكفيني " قبلت وجنة شقيقها متابعة " ان يكون اخي بخير هذا كل ما اريده "
غرقت في موجة الاخري من القبلات والضحكات مع الصغير غير منتبة للاخر الذي راح يرمقها ويرمق حنيتها وبرائتها الواضحة ببسمة..
تزداد تدريجيًا مع مرور الايام وتكرار المشهد..
و تكرار مقابلتهم سويًا
ليت بيده الكثير ليفعله!
***
منذ الأمـس وهي تجلس متحفزة..
تنتظر حضوره لتعلم خلاصها..
لم تشعل التلفاز كالعادة..
لم تجلس في الشرفة معظم يومها ليمر الوقت..
لم تفعل اي عادة من عاداتها التي تفعلها ليمر الوقت بل هي كانت لا تريده ان يمر تلك المرة..
هي خائفة من تلك المقابلة التي حقًا ستكون هي الحد الفاصل في حياتها..
وضعت يدها علي معدتها..
شئ كهذا.. معجزة ك تلك..
لم تكن لتصدق انها قد تحدث..
تنفست بخوف وقلق عندما انفتح الباب واقتربت خطوات طيف منها..
جلس امامها وطال بينهم صمت طويل..
هو الذي جهز خطابًا ليلقيه امامها بحماس يحدثها عن مستقبل وحاضر مشرق سيجمع بين ثلاثتهم..
اختفت الكلمات من شفتيه ما ان طالعها.. كالعادة!
سألته بخوف عندما طال الصمت " غيرت رأيك؟ ستجعلني اجهضه؟! "
اؤما بالنفي " لن اسمح ان يمسه سوء بأي حال من الأحوال "
اطمأنت وسكنت.. وصمتت حتي تابع هو " تم انهاء الخطبة "
و.. تلغبطت مشاعرها..
ما بين الحزن والسرور..
هناك سعادة كبيرة تملكها وحزن طفيف علي فتاة مثلها يغطي علي سعادتها تلك..
كأنه يفهمها فراح يطمنها " روحينا اكثر من مرحبة بذلك.. بالاساس هي لا تحبني.. كما افعل.. قلبها مشغول بأخر.. ك قلبي.. "
وهمس بأخر كلمة بخفوت.. لم تسمعه..
وصمت ثانيةً!
لحظات حتي فجر قنبلته لها " ستتجهزين الان لننتقل الي القصر وفي نهاية الاسبوع سنكتب الكتاب وينتشر خبر زواجنا بكافة الانحاء "
وصدمتان.. كانتا كافيلتنا باصابتها بزهول كلي
والنعش الذي تجهزه منذ فترة لتضع فيه علاقتهم الي مسواه الاخير..
سقط فجأة وتهشم!
ولكن..
هناك شى بداخلها جعلها تسأل " لما غيرت كل افكارك فجأة؟ "
كانت تعلم الاجابة لكنها ارادت ان تسمع اخري..
ارادت ان يفاجئها يومًا ويخبرها بحبه..
لكنه لم يفعل..
لم يملك كل تلك الجراءة بعد
حيث هتف " لأجل ابني "
وتلك الاجابة..
الي حد ما..
كافية..
ومرضية.. مرضية جدًا
***
خرج أويس وبداخله كل الخير وفي نيته ذاهب لأحضار شئ ك هدية لتلك الضيفة التي ستنورهم بعد قليل.. لكن بدون شعور منه وجد نفسه في مركز الشرطة وامامه حمزة ويتناول كعادته عصير الليمون لان اعصابه تالفة!
" ماذا حدث تلك المرة يااويس؟ "
" لا اعلم.. كنت اقود سيارتي الحمراء العزيزة.. " وعلي ذكرها بكي وهو يتذكر اخر ما طالت عيناه منها..
لقد تم الاحاطة بها.. لم يبقي شئ سليم منها..
همس بشهقات مصطنعة " حمرائتي العزيزة.. لم تعد حمراء بل لم تعد سيارة.. اريد ان يتم معاقبة ذلك المجرم اشـد عقاب "
سأل حمزة بدهشة " اي مجرم؟ "
اشار لرجل يقف امامه " ذلك الذي دمر سيارتي الغالية "
اؤما حمزة بتفهم " بالطبع.. من حقك ان تعاقبه هو ودكانه الثابت الذي لم يتحرك عندما رأي تقدمك انت وسيارتك منه "
قال اويس " رأيت؟ الخطا خطأه.. "
" أي غبي منحك رخصة قيادة انت؟ "
" لا اتذكر اسمه.. رشيته بوجبة طعام "
حرك حمزة رأسه بقلة حيلة " هاتفت كل اخوتك.. لا احد يجيب "
همس اويس بضحكة خفيفة " عندهم من الهم ما يكفيهم الان.. كأن مشاكلي لم تكن تكفيهم ليأتي كل هذا الخراب عليهم! " وضحك بخبث وشماتة
" ستدفع له تعويض.. وتعتذر له.. و.. "
صاح " وهل هناك شئ اخر؟ "
" لو بيدي.. لحكمت عليك بعدم ركوب السيارات مرة اخري "
" ابن حماي يحبني كثيرًا " وسمعه حمزة لكنه لم يعطي لحديثه اهمية كبيرة..
فهو يدرك ان الاخر ابلة وليس كل حديث له جدي
استغل اويس انشغال الاخر ببعض الاشياء وبعث رسالة لشمسه..
محتواها صورة له مع شقيقها اخذها دون انتباه الاخر وكتب " أمسية لطيفة مع ابن حماي.. قريبًا تكون مع ابنته.. قولي أمين "
***
" ليست موجودة.. غادرت منذ قليل "
قالها رامي لعمر.. الذي عندما ضاق به الحال لجأ إليها فزفر وغادر..
بينما دخل رامي لفجر " فعلت كما اردتي "
" احسنت.. كلما سأل كلما اجبته بأني غير موجودة "
اؤما بحسنًا وغادر..
بينما تنهدت هي بتعب وأرهاق.
. انه يتسرب لها.. دون شعور..
حذرت الحميع من مكره فسقطت هي فيه سهوًا!!

نهاية الفصل السادس عشر...

' أغلال من العشق 'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن