seven

856 78 50
                                    

خيال7

.
.

السئ في الأمر ، أنك تولد دون الاختيار ، لا أحد فينا يختار مكانه ، عائلته ، شارعه ، أو .. حياته !

و كأننا خُلقنا دون رفاهية الاختيار ، أن تجد نفسك بمكان ما كنت تتمناه ولا يخطر بعقلك بتاتًا ، لكنك مرتبط بذلك المكان ، أن تُولد بعائلة ليست دافئة ربما ، لكنك مرتبط بها. .. لا أحد يختار فينا كيف يولد و أين و متى؟ .. خلقنا الله لغاية التقرب منه ، ربما نحن نمر بكل ما يحدث لأنها ابتلاءات القُرب ، لكننا نتغافل دائمًا و نسئ للزمان ، لأنفسنا ، لإنسانيتنا ، لحياتنا .. دون أن نفهم غرضنا من الحياة !

أسير وحيدًا ، ألامس شوك الورود الحمراء ، تنغزني إحداها فأبعد يدي قليلًا ، أحدق بالدماء التي تنزلق ببطء من إصبعي .. نحن هكذا ، نكون داخل حماية خالقنا لكننا من نعبُر للأذى بأيدينا ، فتنزلق دموعنا كتلك الدماء النقية التي تلوثت ، فنصبح ملوثين بالذنب ، بالحزن .. ملوثين من قلة إنسانيتنا ، من شكوانا ! .. و كعادة فيَّ وضعت إصبعي بفمي ، و كأني سأعرف مذاق دمائي ، و لكنها باردة ، لا طعم لها كحياتي تمامًا .. نهضت فغمرني نسمات الهواء العليل ، ملطفًا حرارة وجهي ، مبعثرًا معها خصلاتي الداكنة ، فابتسمت أسير لتلك السنابل ثم توقفت و مازلت أشعر بنسمات الهواء تلامس ملامحي ، ففردت ذراعاي حولي ، ألامس بأطراف أصابعي تلك السنابل الشائكة ، ابتسمت بقلبي حينها ، هواء القرية ينعشني ، أرضها ترممني ، شمسها تحييني ، الحياة هنا تُعيد روحي للعالم مجددًا ، للشروق ، للغروب الذي يُحيُّرني ، أشاهد كل شئ بتآمل لخلق الله في كل شئ ، و كيف لأياته أن لا تجعلني أتأملها؟ و أري بديع نعمه عليّ !

خطواته الصغيرة تسارعت نحوه ، ذو الست سنوات حتى وصل إليه ليسند كفيّه على ركبتيه متنفسًا بقوة من فرط الإجهاد ثم إعتدل يناظره ، و هو منشغل ليصرخ منبهًا إياه :
" خيال! العم خالد يريدك! "

إلتفت إليه لتظهر زرقاوتيه التي تلمع بابتسامة هادئة ، تغير قليلًا خلال السنتين ، لكنه أصبح أكثر هدوءًا و إنعزالًا ، تحرك نحو الصبي ، لقد ترك إختفاء تميم ثقب أسود بقلبه ، لعامين يبحث عنه حتى يأس تمامًا من عودته ، ما ان تخطى الصبي حتى أمسك بيده ، رغم كل ذلك إعتاد أطفال الحي على إحاطته يوميًا و اللعب بقربه أو معه ، اعتادوا عليه و اعتاد عليهم .

حين عاد كلاهما ترك الصبي يد خيال مودعًا إياه ليذهب لمنزله ، فأومأ خيال ثم اتجه نظره للمنزل الذي عاش فيه لعامين ثم تحرك للداخل باحثًا عن خالد ، طوال السنتين كان يعتني به ، أحيانًا يشاركه الشركة كذلك ، فكان دائمًا ما يأخذه معه حتى لا يبقى وحيدًا ، رغم حِدة التعامل معه كان يألف حنانه و دفئه ، كان صارمًا لكنه كان رقيق معه ، حنون ، لم يتسنى له رفض طلبًا له طالما في مصلحته ، حتى اعتاد عليه .

خَيَالْ! [مكتملة]Where stories live. Discover now