nine

656 65 43
                                    

خيال9
.
.

لهيب النيران كان ينتشر بقوتِه في المكان ، ملتمسًا للستائر يلتهِم ما فيها بسرعة ، حين فتحت عيني بصورة واهنة مشوشة لسقف الميتم الذي أصابه الانفجار ، و بصورة شبه بطيئة انفصل يهبط فوقي ، فزعت و حاولت التحرك لكن جسدي لم يقوى على التحرك حتى جُذبت بقوة باللحظة التي سقط ذلك الجزء الصخري على جثة دهستها جعلتني أغمض عيناي أخفيها بصدر من أنقذني ، ربت على ظهري و حملني على ظهره فـ رُحت متشبثًا به رغم ألام جسدي و شعوري بحروق شديدة منتشرة به .. كان يسير بي ، فرغبت أن أرى صورته لذا فتحت عيني و رأيت خصلاته البنية المتفحمة قبل أن تلتقي عيناي بتلك الجثث التي التهمتها النيران ، خنقتني العِبرة بعد صدمة نفسية غلَّفت قلبي و أنا أرى زملائي ، أطفال الميتم كبارًا و صغارًا فتيانًا و فتيات! .. كلهم بلا استثناء مُلقون أرضًا ، هناك من سقط فوقه كتلة صخرية من السقف أو عامود كان يحمل أسقف الميتم ، و أخرون التهمتهم النيران حتى رأيت المربيات بشكل أسوأ ، لأسمعه يهمس لي بارهاق :
" خيال ، أغلق عينيك حتى نخرج من هنا ."

و بالفعل فعلت و دموعي تنزلق بقوة ، كيف نجونا ؟ .. لا أعلم حقاً ، لكننا أنا و أخي أحياء !! .. رغم انفجار المبني كاملًا بمن فيه الا أن عُمرنا لم ينتهي بعد ، قدرنا أن نحيا معًا ، لكن ذلك قبل أن نفترق!!

حين فتحت عيني عن تلك الذكرى ، قابلني سقف غرفتي ، نهضت بتعب تمتد يدي لأبعد الغطاء عني ، تاركًا سريري دالفًا إلى الحمام .

بعد ساعة قررت النزول للأسفل ، قبل سبعة أيام أرغمني خالد على البقاء دون الذهاب للمدرسة و أنا لم أعترض فأنا لا أعرف أي شخص هناك يُحببني بالمدرسة مما يجعلني أذهب لرؤيته دونًا عن غيرِه .

مشهد السقف يسقُط فوقي يتكرر أمام عيناي ، و ذكرى تميم تُخالجني ، كنت أتناول طعامي بصمت مع أبي قبل أن أتذكره و تفسد شهيتي للطعام ، فجلست أمسك بهاتفي و اتصلت عليه و ليس لدي أمل أصلًا برنين هاتفه و لا سماعي لـ صوته ، حتى ارتفع الهاتف بالرنين و قد تجدد فيَّ الأمل و أنا أنصب اهتمامي للهاتف منتظرًا سماع الصوت الذي اشتقت له ثم أجاب عن الهاتف ، في مشهد دراميّ مؤثر أخذت أسمع ضربات قلبي و الأخر يخاطبني :
" مرحبًا؟ من أنت ؟ .."

و اختفت الضربات بقلبي و اختفى أملي و أنا أجيب بضيق :
" أليس هذا هاتف أخي تميم؟ "

" لا ، الهاتف لي ، هذا رقمي ."

" حسنًا ، شكرًا .."

همس باختناق و قد لمعت الدموع بعيناه ، باللحظة التي أغلق الخط فيها ليبقى يناظر الهاتف حابسًا دموع الخيبة و الأكبر ينظر إليه في حزن .. ماذا عليه أن يفعل؟

" لما تخلى عني ؟ .. ألست أخيه ال..."

" تميم لم يتخلى عنـك.."

ترك المقعد و غادر متجاهلًا ما ود خالد قوله ، دلف إلى غرفته و رمى بنفسه على السرير متضايقًا تمامًا ، فهل مات؟ أم أنه ما زال حي؟ .. و ان كان حيًا لما لم يُحاول أن يتصل به و لو لمرة ليطمئن عليه؟ .. أو يسمع صوته حتى!

خَيَالْ! [مكتملة]Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora