الفَصلُ الثَاني|مُنهك

351 50 53
                                    

صُراخٌ مَكتُوم عمَّ ذَلِك الزُقاقَ الضَّيِق أينَما إِنتصَب فيهِ رجلٌ يُحاوِل بيأسٍ إِبعادَ اليدِ التي هَاجمَت عُنقه.

عينَاهُ جَحَظتَا وحَدقتَاهُ بدأتَا بالدَورانِ فِي غَيرِ إِتزانٍ فَما كَانتْ سوى لَحظاتٍ حَتى إِستلمتهُ الأرضُ بَين أَحضَانِها.

'إِنْ لَم يتحَركِ القَانُونُ الفَاسِدُ في هَذا البَلد فَـڤَايكِن سَيفْعَل!'،ورقةٌ تَموضَعت بِجوارِ الجَاثِي أرضًا والذي قَد سُلبتْ أنْفاسهُ قَبل سُويعَات.

ثَنى رُكبَتَيهِ يُواجِههُ حيثُ لا يظهَرُ مِن هَيئَتهِ غَير عَينانِ دُسَّتا بالحِقدِ وصرخَتا بإِراقةِ الدِماء.

فيمَا أشَارت ساعَتهُ للثَانِيةِ صَباحًا،ساَر بِسَكِينةٍ نحَو الشَارِع الرَئِيسِيّ ومنهُ مُتَجِهًا لِمَنزِله.

جريمةٌ بَعد مُنتصَفِ الليلِ والجَميعُ نِيام،مَمرٌ ضيقٌ يستخدمهُ سُكانُ المَنطقةِ كَمِكبٍ للنِفايات،لا تَمرُ العَربةُ إِلا فِي نِهايةِ الإِسبوع،حيثُ جثتهُ تِلكَ ستَتعفنُ تحتَ كومةٍ مِن الأَوساخِ إِن لم يكتشِفهُ أحد.

----------

يَرمِي المَفاتِيحَ عَلى طاولتهِ بِثقل بعدَ أن دَلف صافِعًا البَابَ خَلفه.

عَيناهُ إِعتَادتا البَريقَ بإِشراق لِكنهُما ذابِلاتان الآن فَحسب،يُفكرُ مِرارًا وتِكرارًا،ما كَان سَيحدُث لو أَنها إِستمعت لهُ فقط؟،لما آلتِ الأمُور إِلى مَا هي عَليه الآن عَلى الأرجَح.

جَلس مُتكِئًا عَلى بابِ منزِله فِيمَا وضعَ كَفهُ أعلى جَبينه وطَفِق يَبكي!.

بُومِقيو لَم يبكِ يَومها!،لقدْ كَان مُتصنِمًا فقَط،مِن هولِ ما رأى لم يَستطعِ التَصديق وهو للمرةِ الأولَى بعدَ أشهُرٍ من وفاتِها أجهَش بالبُكاء في حِرقة.

من فرطِ الضِيق بدأَ بلكمِ الأرضِ،أن يَسلُب أحدُهم خَيطَ سعادَتِك الأَخير؟،أليسَ هذا مُبالغًا فيه؟،أليس فيهِ ما يَكفيهِ بالفِعل؟.

"أنتَ فاشِل"،تمتمَ بضعفٍ يُشيرُ لذاتِه،لم يستطِع حِمايتها وتَركها بِسهُولة لتواجِه الموت،أكانَ حقًا غَبيًا لتلكَ الدرجةِ ليترُكها بِمُفردها وهو يَعلمُ أنها تَحتَ الخَطر؟!.

بُومِقيو كانَ غافِلًا عن ما يُسمى بالقَدر،هو لم يَكُن بِوسعهِ إِنقاذها مَهما حَاول لأن مَصِيرها خُطَّ بالفِعل بناءً عَلى ما إِختارتهُ بمحضِ إِرادَتِها.

سارَ بخطواتٍ مُتثَاقِلة إلى دَاخلِ غُرفَتِه، الفَجْرُ يكادُ يَبزُغ يَنقشِعُ على إِثره ما خَلفهُ الليلُ مِن سُكونٍ وظَلام.

ومَع أولِ خَيطٍ أَضاءَ فِي السَّماءِ أَضاء قَلبهُ، تِلكَ الشُعلة البَيضاءُ فِي قَلبِه شَرعَت بالنُمو.

مُـنـهَك.Where stories live. Discover now