بعد مسيرة طويلة من الصحراء لمركز المدينة ،امتدت من الظهيرة حتي وقت الغروب؛ وصل الراعي الصغير أخيرًا ، وجد الكثير من البيوت .
كان يتناول الافيون؛ حتى لا يشعر بالتعب أثناء الأعمال الشاقة ، و بدأ يفكر بإمكانية أن يصبح المرء قوي البدن و العقل .توجهت خطواته صوب منزل ، شعر بوجود أناس فيه ، فحدثه قلبه قائلاً :
لا تثق في البشر ؛ هم كائنات مفترسة بالفطرة
ثم رد علي خواطره السوداء :
بداخل كل منا أهورامازدا و أهريمان فلا صلاح لنا بدون الأخيراِقتَرَبَ من باب المنزل و ردد النداء عدة مرات :
يا قوم ، أنا عابر .
حتي فُتِح له الباب ليدخل ، لم يلقي أي مظهر من مظاهر الترحيب ، لم يرى سوى نظرات الإحتقار .
فقط سُمِحَ له بالجلوس ، أمامه ثلاثة رجال ، أدركهم المشيخ قبل أن يبلغوه ، وجوه تعيسة تملك لحية طويلة ، لحظات صمت مريبة ؛ تمهد لقدوم العاصفة ، علي أحدهم أن يأخذ خطوة ، علي أحدهم أن يمسك بزمام الأمور .
"كينير " و " أدونيس " ، و "ديمتري" ؛ هكذا كانت أسماء ثلاثي الڤايكنج البائس .تدافعت أسئلة أدونيس نحو الراعي الصغير بلا هوادة أو شفقة
من أين أتيت ؟
- صحراء فيجا
كيف أتيت ؟
سيراً علي الأقدام
تعجب أدونيس و أجابه في ضحك :
لك من الثيران القوة ، أيها الشاب
سأله مجدداً :
هل أنت واعظ أو كاهن ؟
لا ، سيدي
رد عليه أدونيس :
جيد ، أكره الكهنة و الرهبان
أخبرني ، أيها الشاب هل أنت منافق ؟ تنطق بخلاف ما تبطن ؟
لا ، سيدي
هل تمارس السحر الأسود ؟
لا ، سيدي
قديمًا كان الحرق هو مصير السحرة ، هل تخشي الموت حرقاً ؟
لا ، سيدي
هل تخشي الموت علي وجه العموم ؟
لا ، سيدي
لما قدمت كل هذه المسافة ؟ ما هدفك ؟ لا يوجد شئ لتقوم به ، لا توجد حرب لتخوضها ، و لا أشخاص حتي لتعطيهم الخلاص
ماذا تفعل هنا ؟صاحب الغاية وحده من يفهمها
غضب كثيراً و قام بوضع البندقية مباشرة أمام جبهة الراعي الصغير لكن لم يرتعد خوفاً من الأسئلة أو من الأسلحة حتي
العنف ليس الحل المناسب ، أليس كذلك أيها الشاب ؟
قالها في سخرية شديدة .ثم سأله مرة آخري :
كيف ينهي المرء بؤسه ؟فقط يقرأ ليري ألمه ذات قيمة و كم هو جميل
الأدرينالين يتوهج بالتدريج حتي بلغ قمته . تعجب أدونيس و قال له :
هل تمجد الحياة
نعم ، و بشدة
إبتهج يا فتي ؛ الغد مسقط الطاغية الأعظم ، مسقط ما نلقبه بالعالم ، ما نلقبه بالوجود ، الغد مصرع الألم ، الملل ، الفوضي ، المرض ، الفقر ، الشقاء .
أما اليوم سنحتفل ، و سيطول حفلنا حتي نري هذا النصر يتحقق أمام أعيننا .توقف الصراع قليلاً ، بدأ الإحتفال ، الشواء مع القليل من الرقص ، الكثير من الغناء القديم ، وجوه صافية عدا وجهين ؛ وراءهم البغضاء و الحقد . يُقال أن الشياطين من عالم آخر لكنها متأصلة بعالمنا