خطاب الخلاص

27 4 0
                                    

بينما كان الجميع يمرح ؛ بدأ الراعي الصغير يشعر بالتوعك . قال له أدونيس مازحاً :
تمتع بوقتك ولا تقض مضاجعنا يا ذبابة الخيل
ثم أعطاه زجاجة النبيذ ؛ شربها الراعي الصغير في رشفة واحدة ، بسلوك غير متزن يعطي تنبأ عن انهيار قادم . بدأ يترنح و اتجه نحو الطاولة ليلتهم من الطعام ما يشاء ؛ في حالة جنون مما أثار قلق الجميع . واصل خطواته ناحية الباب لكنه لم يكن موصدًا ، و قاوم السقوط حتي وصل للفناء الخلفي ؛ يتبعه الرجال الثلاثة .

وقف ديمتري مذهولاً  ؛لا يعرف ما يجري حوله ، بينما أدونيس كان يترقب ما سيحدث ، أما كينير صرخ في حنق :
لا يمكننا الوثوق في هذا الشدياق اللعين ! لا يمكننا الوثوق في هذا المسيخ الدجال !

توقع الجميع عدم صموده ؛ لكنه نهض و  بخطى متباطئة وصل لمنطقة مرتفعة بعض الشئ . ترنح قليلاً و سرعان ما انتفض ؛ حالما سمع صوت الأعاصير و ضربات الرعد ، شعر الجميع بالذعر عدا هو ؛ فإنه لم يُخلِّق ليسقط بل خُلِقَ لكل مجد عظيم . أعطته جرعات السموم التي يشربها بشكل يومي ؛ من أجل تفادي ضرر لدغات الأفاعي المميتة .
ثم قال عباراته التي حطمت جميع الأوثان :

الويل لكم ! الويل لكم ! أنتم قتلة بلا قدرة علي الخلق .. أنتم صخر أصم بلا عقل
لقد مات عالمكم منذ أمد طويل لقد تخليتم عنه قبل أن يتخلى عنكم . كل تلك القيم البالية الضعيفة كافية لقتل الحياة بكافة أشكالها .
أيها المدمرون لأجسادكم ؛ تتذمرون من الوهن و الخراب قد نجم عن ما ارتكبته أيديكم . لقد ترك لنا القدامى الخرافات و أجيال بوحشية الرومان . أنا لا أسألكم الإيمان بل أخاطبكم بلغة السوط . اليوم لا تُخيفني نصالكم  . تقولون أن مع وفاة الكبرياء تنتعش الروح ! تباً لكم ! أيها الغبار المنتظر لقدوم رياح عاتية تمحو وجوده .
ثم ارتفع صوته بحدة شديدة :
يا لكم من حمقى ! يا لكم من حمقى ! لا يمكنكم قتلي ! أنا بوذا و بونابرت و كونفشيوس و زيوس و أودين ! أنا الرايخ الأعظم ! لست مثلكم ؛ أنا أواصل العيش حتي يحين وقت الرحيل ولا أحد يعلم متي يفنى الوجود .
انحنى ثم حفر بيده و وضع بضعة بذور و ردمها . وقف مرة أخرى و أشاح بوجهه للسماء و رأي بزوغ الفجر ، لا كوارث ولا نيران عارمة تبتلع الكون بجوفها ؛ فقط نسمات من الهواء تداعب وجوه الجميع .
قال عبارته الأخيرة :
" لقد عاد كل شئ لطبيعته "
تزاحمت الطلقات من بنادق "أدونيس " و " كينير" ؛ لتخترق جسده بلا رحمة حتي سقط قتيلاً . لم يشعر أحد منهم بالذنب بل غرقوا في الفخر ؛ بمثابة مواساة لوضاعتهم ، وحده "ديمتري" من استمر في النحيب من أجل العابر المسكين .

ميتافيزيقا الابوكاليبس Where stories live. Discover now