حركة الحسين نحو مكة

110 4 3
                                    

خرج الحسين ليلة الثامن والعشرين من رجب [36] وفي رواية أخرى خرج في الثالث من شعبان سنة ستين للهجرة[37] مع اثنين وثمانين من أهل بيته وأصحابه بما فيهم النساء والاطفال من المدينة متوجها صوب مكة.[38] ومعه بنوه وإخوته وبنو أخيه وجلّ أهل بيته إلا محمد بن الحنفية[39] فسار بإخوته وأخواته وأبنائه وسائر أهل بيته[40] يرافقه 21 من أصحابه وأنصاره.[41] ولزم الطريق الأعظم، فقال له أهل بيته: «لو تنكّبت الطريق كما فعل ابن الزّبير لكيلا يلحقك الطلبُ»، قال: «لا والله لا أُفارقه حتّى يقضي الله ما هو قاض».[42] فلقيه عبد الله بن مطيع وكان من أشراف العرب فقال له: «جُعلت فداك أين تريد؟» قال: «أمّا الآن فمكّة...». وبعد خمسة أيام وصلت قافلة الحسين إلى مكة وكان ذلك في الثالث من شعبان من سنة ستين للهجرة.[43] فاستقبلته الجماهير وحجاج بيت الله الحرام.[44] وأهل مكة ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق يختلفون إليه ويجتمعون عنده.

كتب الكوفيين ودعوة الحسين للثورة

وصلت أنباء رفض الحسين بن علي مبايعة يزيد واعتصامه في مكة إلى الكوفة التي كانت أحد معاقل القوة لشيعة علي بن أبي طالب وبرزت تيارات في الكوفة تؤمن أن الفرصة قد حانت لأن يتولى الخلافة الحسين بن علي واتفقوا على أن يكتبوا للحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر، ويبايعوه بالخلافة. فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل الصحابي سليمان بن صرد[45]... فكتبوا إليه: «إنه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق. ثم سرحوا الكتاب مع عبد الله بن مسمع الهمداني وعبد الله بن وال»[46] فخرجا مسرعين حتى قدما على الحسين بمكة لعشر مضين من شهر رمضان.[47] و لبث أهل الكوفة يومين بعد تسريحهم بالكتاب السابق وأنفذوا قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي وعمارة بن عُبيد السلولي ومعهم نحو من مائة وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والأربعة.[48] ثم لبثوا يومين آخرين وسرحوا إليه هانئ بن هانئ السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي وكتبوا إليه: «أما بعد فحي هلا فإن الناس ينتظرونك لا رأي لهم غيرك فالعجل العجل ثم العجل العجل والسلام».[49] والغريب في الأمر أن شبث بن ربعي الذي يعد من الموالين للحكم الأموي، كتب هو الآخر مع حجار بن أبجر ويزيد بن الحارث بن رويم وعروة بن قيس وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمرو التميمي: «أما بعد فقد أخضر الجناب وأينعت الثمار فإذا شئت فأقدم على جند لك مجند والسلام».[50] مجمعين على ضرورة قدومه إلى الكوفة.[51] ومع ذلك بقي الإمام يتأمل في كتب القوم ولم يكتب في جوابها شيئا حتى وصل إليه في يوم واحد ستمائة كتاب من الكوفيين[52] ثم توالت عليه الكتب والرسائل من سائر الكوفيين حتى بلغ عدد الكتب اثني عشر ألف كتاب.[52] وعندئذ كتب مع هانئ بن هانئ وسعيد بن عبد الله الحنفي[53] وكانا آخر الرسل: «من الحسين بن علي إلى الملأ من المسلمين والمؤمنين أما بعد فإن هانئا وسعيدا قدما عليّ بكتبكم وكانا آخر من قدم علي من رسلكم... وإني باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي فإن كتب إلي أنه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله».[54] فجعل الإمام ذهابه إلى الكوفة منوطا بما يصله من سفيره مسلم بن عقيل.

معركة كربلاءWhere stories live. Discover now