مـديـنـة المـوتـى

804 68 11
                                    

عاد الجني إلى موضع مهران بعد ما يقرب من ساعة بتوقيت البشر، فوجد هذا الأخير جالسا على الأرض بجانب فرسه، بعد أن ردم موضع الحفر الذي أنشأه منذ قليل .
بوجه متخشب نظر مهران إلى الجني قائلا :

"يفضل بعد كل تلك الغبية أن أعرف كل شيء"

انتبه الجني في وقفته كأنه بدأ يحترم مهران لا إراديا، وقال :

"في تلك البقعة خرج على مروى ويونس بعض قطاع الطريق . . استولوا على جِمال كان يجرها يونس، قاومهم فقتلوه، واغتصبوا مروی قبل قتلها هي الأخرى"

انتظر الجني ثوان كأنه يتوقع أي ردة فعل أو تعبير على وجه مهران، ثم أكمل بعد أن وجد الجمود على وجهه كما كان :

"بعد دفن جثتهما ساقوا الجمال إلى قرية قريبة"

"غيبتك الطويلة تدل أنك توصلت لأكثر مما تقول"

قالها مهران فرد الجني بتلقائية:

"استجوبت العشرات من الجن المحيطين حتى وصلت للقرية وعرفت من دخل بمواصفات قطاع الطريق إليه، وعرفت أسماءهم: أحمد بن یزید،
أحمد بن إبراهيم بن محمد، ويوسف العطار، يهابهم أهل القرية والقرى المجاورة"

"أرشدني لطريق هذه القرية"

"لم لا أرى قرينك؟"

"أرشدني وستعرف كل شيء"

أشار بيده لأحد الاتجاهات وهو يقول:

"سر من هنا بحصانك حتى ترى سبيل ماء فقير، هناك تجد القرية"

نظر مهران للاتجاه الذي أشار له الجني، فقال هذا الأخير:

-"هل تفكر بأنني اكذب عليك؟"

نہض مهران وسار حتى توقف أمام الجني تماما وقال:

"أثق في صدقك .. هل تعرف لماذا؟"

لم يَردّ الجني وهو ينظر لوجه مهران بقلق، فاكمل هذا الأخير قائلا:

"سأشعر لو كذبت عليّ لأننا من نفس الجنس، فأنا جني مثلك!"
بعدما انتهى من جملته مد يده ناحية الجني فجأة.

************

دخل مهران سوق القرية ممتطيا فرسه، يسير بين الدكاكين والباعة مفترشي الأرض وهو ينظر يمينا ويسارا بوجه جامد.

توقف بعض الناس في السوق ينظرون بقلق لهذا الشاب؛ الذي يرتدي تلك الملابس الفاخرة التي تعلق بها بعض الغبار فبدا مظہرہ متناقضا.
وتعلقت عيونهم بالسرج المزخرف الموضوع على فرسه القوي.

تهادي الفرس وسط الناس حتى وصل إلى مقهى امتلأ بأقفاص وضعت خارجه؛ ليجلس عليها الزبائن . هبط مهران عن صهوة فرسه وهو يلقي التحية على الجالسين ، رد الجميع السلام بحفاوة متأثرين بهیئته وملابسه الغالية التي تختلف عن ملابسهم جميعا .

العائد  للكاتب : حسن الجنديWhere stories live. Discover now