خربوشة 27

35 6 13
                                    

خربشات

في قصر عريق و فاخر سارت سيدة شابة جملية من ممر الى اخر بينما كانت مأسورة بأفكارها ...

' هل فكرت السيدة الصغيرة في حياة الماركيزة ؟!'

' ما الذي سيحدث اليها اذا فقدت اهتمام الماركيز و عاطفته الضئيلة ؟!'

' الماركيزة ستبدأ بترك الطعام و تفقد شهيتها ، لن تستطيع ان تنام ليلا و ستنتظر الماركيز الذي لن يأتي اليها !'

' سترتجف و تعض اصابعها خوفا اذا رأت خادمة جميلة في القصر !'

تذكرت السيدة الصغيرة لماركيز ايڤرغاردن كلمات الفارس المرافق لوالدتها ..

كان شعرها الاسود مبعثرا و بدت عيونها الزمردية مليئة بالمخاوف ، كانت اخيرا قد فكرت في والدتها الماركيزة بجدية ..

وصلت بيرسيلا الى غرفة خادمة والدتها المقربة ، و التي كانت خرجت من غرفتها بدهشة عندما سمعت صوت طرق الباب ..

" آنا ، انا اريد ان اسألك .." سألت بيرسيلا الخادمة بقلب مضطرب

" انا في خدمتك سيدتي الصغيرة !" ردت آنا بهدوء

" امي .. كيف عاشت في ايڤرغاردن ؟!" كان لسان بيرسيلا غير معتادا على مناداة الماركيزة ك ام لها

" هل السيدة الصغيرة تهتم بالماركيزة اخيرا ؟! " كان صوت آنا التي شهدت معاناة سيدتها طوال الخمسة عشر عاما الماضية ساخرًا

"....." كانت بيرسيلا عاجزة عن الرد و كانت تشعر بالكثير من الاضطراب ولكنها ارادت سماع الحقيقة

والدتها الجميلة التي بدت كشخص لم يعاني في حياته مطلقًا..

ما الذي قد تكون عاشته ؟!

في حين إنها أنبل سيدات الامبراطورية بعد الامبراطورة التي تكون اختها !

" لم تكن سيدتي في موضع ترحيب مطلقا في ايڤرغاردن ، لا زلت اتذكر العيون التي كانت تترصد حركاتها و تراقبها كما لو كانت دخيلة ..

فسيدتي لم يتم الاعتراف بها كماركيزة هنا مطلقًا!

ولم تملك اي احد لتعتمد عليه بخلاف الماركيز ، كانت وحيدة دائما لذلك لم يكن بوسعها سوا ان تتمسك به و تثق به و ترضيه ..

ولكنه تخلى عنها و ذهب الى الحرب بمجرد ان سمع انها تحملك في احشاءها ، لذلك عانت السيدة من اكتئاب حاد للغاية ...

لم يحاول احد الاستماع اليها عندما كانت تحاول المساعدة في غياب زوجها و لم تملك حرية او سلطة لتفعل ما ترغب به حقا ...

حتى انه عم الماركيز اتى و حاول الاستيلاء على القصر في غياب الماركيز ، ولكن الماركيز الذي عاد بشكل مفاجئ قتل عمه تحت قدميها ..

لذلك بقيت سيدتي ترى الكوابيس و لا تستطيع ان تنام بهدوء لفترة طويلة ، كما ان علاقتها بالماركيز لم تعد كالسابق ، بل و بدا انها تضع حاجزا يفصلها عنه ..

السيدة كانت كثيرة البكاء بعد انجابك ، لانها كانت تشعر بالضغط دائما لكونها غير قادرة على فعل اي شيء او قول شيء عندما ارادت ..

كانت الدموع تجري بحرارة على خدها الابيض الشاحب في حال سقط كأس او وقع اي شيء ، وبالرغم من انها لم تكن مذنبة الا انها كانت تعتذر باستمرار ...

سيدتي حاولت كثيرا ان تحبك ، هي لم تقم بلومك ابدا على اي شيء فهي كانت تدرك ان ما يحدث هو خيارها تماما ، ولكنها كانت عاجزة في النهاية عن التعبير عن حبها لك و اكتفت بمراقبتك من بعيد !"

كانت عيون بيرسيلا ترتعش و بدا جسدها الصغير يرتجف و يهتز ، قبل ان تومأ للخادمة و ترحل من مهجع الخادمات ..

والدتها الجميلة ، بشعر احمر حريري ذو نهايات مموجه بدت كشخص يملك الهيبة و السلطة ، وكانت عيونها الزمردية تبدو واثقة و هادئة دائما ، حتى بالرغم من انها كانت تملك ابنه في الخامسة عشرة الا انها كانت تحافظ على جسدها جيدا ...

الام الجميلة عوملت مثل كناري في قفص ذهبي من قبل والدها الذي كان يرى انها الطريقة الاصح لحمايتها من العالم ...

كانت والدتها تشعر بالفراغ دائما واختفى حبها لكل شيء مع مرور الوقت ..

" امي !" صرخت بيرسيلا وهي تجري نحو والدتها التي لم تكن في وعيها عندما كانت تبكي وهي على وشك الوقوع في البحيرة

كانت بيرسيلا تعانق خصر والدتها بإحكام عندما سقطت على العشب بقوة بعد ان استطاعت منعها من السقوط في البحيرة ...

هذه الام ..

لقد كرهتها كثيرا !

لقد تجاهلتها دائما ولم تعرها الاهتمام و كانت تذهب الى الحفلات في الوقت الذي كان يجب عليها ان تعتني بابنتها بها ...

لقد اعطتها ظهرها و بدت في غاية القسوة و الجفاء معها دائما ..

بالرغم من كل محاولاتها السابقة في الحصول على حبها و اهتمامها ..

لقد تعلمت فن ادارة حفلات الشاب و صنعه و اتقنت فن الايتيكيت و الرقص بأنواعه ..

ولكن والدتها لم تعرها اي نظرة !

وقد فهمتها اخيرا ..

" انا اسفة امي !" سحبت بيرسيلا سيلان انفها و حاولت كبح الدموع التي ذرفتها بحرارة و بدت كطفلة صغيرة

" لا بأس حبيبتي ، سيكون كل شيء على ما يرام !" ابتسمت الماركيزة بلطف ولكنها في النهاية لم تكن في وعيها بعد ..

بينما احتضنت بيرسيلا والدتها و استمرت في البكاء لوقت طويل بندم شديد ..

في مكان ما في قلبها ارادت ان تحصل على حب هذه الام و اهتمامها ..

لذلك قررت ان تسمح لوالدتها التي تحاول التقرب اليها بعد كل ذلك الوقت بالبقاء معها من جديد ..

هي احبت والدتها بصدق !

خرابيش ريجينا Where stories live. Discover now