٨

77 9 71
                                    

١٠:٠٠ صباحًا في غرفةِ فيليب الواسعة، كان يجلس على مقعدهِ يراقص أصابعهُ على مفاتيح البيانو وأشعةُ الشمس كانت مُنعكسةً على عينيهِ المشابهةِ للونِ السماء وحاجبها التي كان عاقداهُما بأنزعاجٍ لعدم قدرتهِ على العزف كما يريد ليضغط بأصابعهِ على الآلةِ بنفاذِ صبر ثم تنهد بتعب مرخيًا ذراعاه،

حول ناظريهِ بعدها إلى طاولتهِ التي تجاور سريره وبقي نظرهُ معلقًا بها حتى إستقام من مكانهِ ومشي نحوها،
كان ظرفًا يحوي على رسالةٍ إلى مَعشوقتهِ، وكان يُفترضُ أن يُرسل قبل أربع ساعات، لَم يُقلقهُ تأخر وصول ماكتبه، بل أقلقهُ تأخرُ من يُرسلها!
- لم يأتي جوزيف اليوم..
تحدث بشرود، لقد إعتاد على لُقياهُ كل يوم حتى إنه صار يفتقدهُ بشدةٍ إن غاب،
فكر بأنهُ يجب أن يكون هو من يوصلها إلى مكتب البريد اليوم، هذا أفضل من أن يجلس مكانهُ بأي حال.

حمل سترتهُ والرسالة وأخذ ينزل من السلالم ثم مرَّ بالمطبخِ ليروي عطشهُ قبل الذهاب،
- أرى أنك خارج، فيليب.
نطق بهذا صوتٌ يماثلُ عذابةَ صوتِ فيليب، وكان شعرهُ أكثر سوادًا وأقصر كذلك بشرتهُ محمرةٌ بعض الشيء ويملكُ إبتسامةً واسعةً تنتهي بحفرٍ على خديه.
كان أيضًا يمسك بجريدةٍ ويضع ساقهُ فوق الآخرى أمام الطاولةِ التي يتموضعُ عليها كوبُ قهوةٍ ساخن.

- نعم، سأتمشى.
قال فيليب بعدم إكتراث بينما يرتدي سترته
- تتمشى؟
ردد الجالس بعدهُ بأستغرابٍ جهل فيليب سببه.
- أتريد شيئًا فرانسيس؟
قال فيليب آخيرًا بنبرةٍ تنبههُ بأنه سيذهب حالًا
- لاشيء، فقط وددتُ لو إن بأمكاني أن أتمشى رفقةَ أخي الصغير.
قال منهيًا كلامهُ بأبتسامة، كان فرانسيس يكبر فيليب بثلاثة سنوات،
وبعد أن توفيت والدتهما حاول جاهدًا أن يكون الأخ الصالح وأن يقوم بتدليل شقيقهِ ورعايته، حتى إنهُ لم يتزوج إلى الآن بل تابع العمل برفقةِ والدهما.
- رُبما في يومٍ آخر.
قال فيليب بنبرةٍ معتذرة ليهم خارجًا.

عندما كان يمشي في تلك الشوارع القذرةِ والمليئةِ بالضوضاء تذكر أيامهُ عندما كانت يدهُ مشتبكةً بيد اوليفيا وبدا لهُما الشارع مليئًا بالزهور،
لم يسمع منها شيئًا مُنذ أسابيع ولم تَكُن آخرُ رسالةٍ منها تُبشر بالخير، فكان القلق يأكله ويبدو شاردًا يفكر بأسوء الأحتمالات.

سمع أصوات صراخٍ وضرب مجهولةٍ، ولم تكن من عاداتهِ أن يتدخل في هذه المواقف أبدًا، لكن ساقاهُ قادتاهُ نحو الصوت بأستغراب.
- ممنوعٌ عليكم أن تخطوا على الرصيف! أفهمت؟!
فتح فيليب عينيه على وسعهما وتجمد مكانهُ للحظات،
كان الحارس منهالًا بالضرب على جوزيف، وكان فيليب يتمنى بشدةٍ أنهُ أشتبه بشخص اخر!

كان تصدر منهُ بعض الأعتذارات بصوتٍ منخفض وفي كل مرةٍ يحاول الوقوف كان يوقعهُ أرضًا بعصاه.
جرى فيليب سريعًا وشق طريقهُ بين الناس نحو صاحبه ليسحبهُ من الأرض ويوقفهُ بجانبه، وكان جوزيف متفاجئًا أكثر من كونهِ خائفًا أو متألمًا!
- مالذي تظن نفسك فاعلًا؟!
صاح بنبرةٍ غاضبةٍ و وجهٍ حاد لم يلمحهُ جوزيف سابقًا.
- أنا أُطبق الأوامر!

مَاريونتWhere stories live. Discover now