النهاية

2.5K 289 62
                                    

الخاتمة

أحاطت ألسنة اللهب جاسر الذى بدأ يفقد المزيد من عقله وهو يصرخ مطالباً نارا بالظهور وكلما تأخر ظهورها كلما زاد جنونه ونفث بهذا الجهاز المزيد من النيران.

دخلت سيارة الإطفاء ليفسح لها الجميع ومحمد قد تملك منه قلقه
_ اتصرف يا زين قول لهم يدورا على البنت
_ اصبر يا محمد مفيش دليل أنها جوه اصلا، مفيش حد هيقعد فى حريق بالشكل ده ويسكت
_ لما هى مش جوه المجنون اللى بيصرخ ده بيصرخ ليه؟ اكيد محتجزة فى مكان ومش قادرة تستنجد أو تتحرك، مين عارف يمكن كتفوها ولا محبوسة
_ لو كلامك صحيح كان هيعرف مكانها هو بيدور عليها يعنى وارد تكون هربت، انت مش قولت هربت قبل كده!

هز محمد رأسه بأسف وهو يتقدم نحو المنزل الذى بدأ يعلن عن عدم صموده أمام النيران.

كثافة شديدة من المياة بدأت تتحكم في جزء من احتراق المنزل خاصة مع تحول صرخات جاسر إلى صرخات متألمة وبدأ بعض الرجال يدخلون للمنزل عبر الشرفة التى أخمدت نيرانها تقريبا .

تعلقت الأعين بالشرفة ليظهر أحدهم بعد دقائق يحمل نارا وآخر يشير لزملائه فيتحرك الدرج ويلتقط المنقذ نارا من زميليه .

اسرع محمد إلى السيارة وقد وصل بها المنقذ للأرض
_ كانت مغمى عليها في الدولاب وفى قتيل في الأوضة وواحد حالته صعبة في الممر هنحاول ننزله .

تقدم رجال الإسعاف الذين كانوا في حالة تأهب منذ اندلع الحريق، بدأ فحص نارا ليسرع أحدهم ويحيط وجهها بقناع
_ كويسة بس الأكسجين قليل اكيد من الدخان هتبقى كويسة

إلتقط محمد أنفاسه أخيرا وتحرك بلا تردد ملازماً للفراش الذى ترقد فوقه وقد أنهى مهمته وكل ما يدور فى هذا المنزل بعد خروجها لا يعنيه.

...........

فتحت نارا عينيها ولم تدرك كم غابت لتجد نفسها بمحيط مختلف تماماً فآخر ما تذكره أنها كانت تختبئ داخل الخزانة بغرفة أبيها، سمعت صوت صراخ جاسر وطلقات نارية لكن غلفها الظلام بعدها مباشرة.

تحركت عينيها لترى أمها بملامح باكية وبجوارها محمد وقد اعتلى الهم ملامحه وعلى مقربة جلست إيثار حزينة وبجوارها فهد يلتزم الصمت المريب.

بحثت عن صوتها فلم تتمكن من الحديث وشعرت بإنهاك تام يسيطر عليها.

تحركت أناملها فى محاولة للفت انتباههم وقد التقطت أمها تلك الحركة الطفيفة لتنتفض نحوها
_ فاقت!! نارا فاقت يا محمد فاقت

تلك الدموع التى تعبر عن سعادتها بعودتها أثلجت صدرها وهى تراها تهرول هنا وهناك وقد أفقدتها الفرحة منطقية التفكير .

دخل الطبيب مهرولا بعد العديد من طرقات الإنذار التى أطلقتها نوارة لتصرخ بمجرد ظهوره
_ فاقت يا دكتور

بدأ الطبيب فحصها ليعلن أنها بخير فقط تحتاج للمزيد من الراحة ولم يعترض أي منهم على منحها هذه الراحة .

فى الصباح التالي كان الجو أكثر هدوءا وكانت نارا أفضل حالاً ويمكنها أن تجلس بشكل جزئى لتستغل خروج أمها من الغرفة وتنظر إلى محمد
_ حصل إيه ؟

تنهد بأسف وهو يقترب من فراشها وكأنه ينتظر هذا السؤال
_ زى ما توقعت هيحاولوا يمشوا ورايا ويخطفوا إيثار تانى بس إحنا كنا مستعدين وفهد منسق مع البوليس اللى زيفوا الحادثة بس الرجالة اتمسكوا منهم واحد قدم رسم تفصيلى منه قدر البوليس يدخل القصر بسهولة وكان فى بث مباشر بيقتلوا واحدة اسمها هلا
_ دى مرات بابا
_ هى الحمدلله انفذوها بس إصابتها شديدة وسياف كمان اتصاب برصاصتين لأنه كان مصر يقتلها
_ وجاسر؟؟
_ ولع فى القصر وهو بيدور عليك ومصاب بحروق خطيرة ومحبوس تحت الحراسة من يومها فى عذاب محدش يتحمله والدكتور بيقول مفيش أمل ومن تلت أيام متوقعين موته بس هو لسه عايش.
_ وبابا؟؟
_ للاسف لقيوه مقتول وبعد التشريح اتضح أنه كان واخد سم للأعصاب بيموته ببطء
_ هو انا غبت كتير اوى كده؟
_ بقا لك اربع أيام من يوم الحادثة

اغمضت عينيها ليصمت فهو يعلم أن كل تلك الحقائق مؤلمة فتلك الفتاة تحمل جزءًا من روح زوجته التى لا تتحمل هذا الألم عليه أن يقدر مشاعرها .

دخلت نوارة للغرفة تحمل عبوة من الحليب
_ اخيرا اللبن بتاعك وصل، انا مش فاهمة ازاى مستشفى مش فيها لبن؟
_ فيها يا نوارة اللبن العادى بلاش تحامل

ابتسمت مع قول زوجها وهى تفرغ بعضا من محتويات العبوة فى كوب
_ اشربى يا حبيبتي علشان نخرج من هنا بقا
_هو سراج فين؟
_ إيثار هتجيبه النهاردة هو قالب دماغها عاوز يشوفك بس انا اللى كنت خايفة عليك من شقاوته. على فكرة دكتور يامن جاى النهاردة.


........

ظل سراج مستقرا بجوار نارا رغم تواجد يامن منذ دقائق ينتظر مغادرته لتربت فوق خصلات شعره المجعدة
_ سراج حبيبي روح لماما هات عصير للدكتور
_ لا، انا هقعد معاكم وماما هتجيب العصير لوحدها
_ انا عارف انك عاوز تقعد مع طنط نارا علشان خايف عليها بس انا الدكتور بتاعها ولازم اتكلم معاها لوحدنا
_ ولو زعلتها؟؟
_ يبقى من حقك تزعلنى

اتسعت عينا نارا وهى تشهد على هذا الحوار غير المتوقع برأيها بينما أشار لها سراج محذرا
_ انا هقعد جمب الباب لو زعلك نادى عليا

ابتسمت نارا حيث لم يساعدها عقلها فى العثور على رد ملائم لشجاعة هذا الصغير الذى اتجه للخارج بصمت بعد تشبثه بها.

نظرت إلى يامن لتتسع ابتسامته
_ طفل واعى ما شاء الله ماينفعش نستهون بعقله ونقلل من ثقته في نفسه، انت حاسة بايه دلوقتى ؟

استرخت نارا مع نهدة طويلة وكأنها تشعر بتخلصها من حمل ثقل على قلبها تحمله
_ على قد ما أنا مرتاحة انى خلصت من كابوس حياتى على قد ما أنا حزينة على النهاية اللى وصلوا ليها.
_ بس النهاية دى ناتجة عن خيارات حياتهم اللى كلها غلط
_ بس هم كمان كانوا ضحايا
_لا

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jul 21, 2022 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

الضحية بقلم قسمة الشبيني Where stories live. Discover now