٣_《فُرْصَةٌ أُخْرَى》

95 11 15
                                    

ثم نظرت لوسيل حولها، ولاحظت كعكة الميلاد مجددا وأردفت:
-ولكن أختي... ألم يكن من المفترض أن يكون الاحتفال بيوم ميلادي بعد غد؟.

فابتسمت أسيل وأردفت:
_كنت أقوم بهذا اليوم لأني كنت أنوي الرحيل غدا، ولكن لنأكل الكعكة الآن ولنحتفل بموعده، فأنا لن أتركك وحدك حتى تعودي كما كنتِ وأفضل.

ابتسمت لها لوسيل، وغرقت في أفكارها لتتحدث بخاطرها قائلة:
_كم كنت أحتاجك يا أسيل
كم احتجت أن أستمع إلى كلمات تشجعني بالليالي التي أرجع بها خاسرة ومنكسرة، بيد تربت ظهري، وتحتضني عندما أكون بأكثر الأوقات ألماً وحزناً... بعبارة تطمئنني أو عناق دافئ يحتويني عندما أكون بأكثر الأوقات سوءا.
لا أعرف لما اخترت السير على درب الألم، وسجنت نفسي به، وعزفت حتى عن مشاركته مع أقرب شخص لي!

تحدثت الشقيقتان طويلا عن أيامهم الفائتة، ثم تناول الاثنان فقط قضمة واحدة من الكعك، كلاهما يحاول التظاهر بأنه على ما يرام، ثم خلدت أسيل للنوم بغرفتها، لتأخذ لنفسها مجالا للبكاء على حالة شقيقتها، وأما لوسيل، كانت مستيقظة تفكر في أحداث اليوم حتى صباح اليوم التالي، تصحو من نومها المتقطع، تفكر قليلاً ثم تبكي كثيراً وبالنهاية كانت تدعو الله أن يشفيها وتنام مرة وأخرى.

وبالمرة الأخيرة، أخرجت بضعة أوراق، وظرف ثم كتبت خطاباً إلى نفسها، كانت هذه عادة اكتسبتها من والدتها، كانت تكتب خطاباً لنفسها كل عشر سنوات، تكتب فيه عن حياتها الحاضرة وما تتمناه خلال العشر سنوات القادمة، مع مرور العشر سنوات، تقارن ما كتبته سابقاً بحاضرها، لتحدد أولوياتها وأهدافها الجديدة ولتعرف هل تسير على الخُطى التي تريدها، أم انحرفت عنها.

قد توقفت عن فعل هذا بعد وفاة والديها، ولكنها بعد عشرة أعوام، تفعل مجددا رغبة منها بتغيير ما تبقى من أيامها لتعيشه.

وقبل أن تنام بالأخير، أردفت بنبرة هادئة:
_أعلم أني قضيت عمري بلا معنى، فقط إن كتبت لي يا الله فرصة أخرى... فقط لكي أعوض عن ما فاتني.

هربت دمعة من عينيها، ثم وضعت مذكرتها تحت وسادتها، ثم استيقظت من نومها.
صمتت لهُنيهة تفكر وتستوعب... هل هذا حلم... لما لم تشعر بأي ألم.

ثم جالت بنظرها حولها لتجد نفسها بمنزل والديها بالمرحلة الجامعية، نفضت الفكرة سريعا لتقع عيناها على التقويم المعلق على الجدار لتجده يوم ثلاثين من ديسمبر، يوم ميلادها بالعام الذي توفى فيه والديها، ولكن بعد مرور ستة أشهر من الحادث.

لم تفهم ما الذي يحدث حولها، حتى وجدت يديها ممسكة بشيء تحت وسادتها، رفعت يديها لتجد الخطاب الذي كتبته باليوم الذي يسبق ميلادها الثلاثين في يدها، تذكرت دعوتها وهي بائسة، ثم بكت كثيراً وأردفت:
_أشكرك يا الله على فرصتي الثانية، بالرغم من تيقني بعدم استحقاقي.

إليكِ لوسيل. ✓Where stories live. Discover now