الفصل السابع والثلاثون

186 12 33
                                    

تنظر للمرآة في حزن تفننت بإخفاءه تحت ابتسامتها الرقيقة، عيناها ذات اللون الأصفر النادر، والتي تدفنه دوما تحت عدساتها الزرقاء، لأن أمها لا تحب ذلك اللون، شعرها البني الفاتح يختبئ باستحياء تحت صبغة شقراء، رموشها الطويلة تتحرك بسرعة محاولة كبت دموعها.

همست بألم،
"كل شيء مزور."

انتفضت بفزع إثر طرقات الباب العنيفة، أخفت دموعها سريعا، لتنظر للمرآة بابتسامة هامسة
"أنت قوية يونا، تستطيعين فعلها."

ذهبت لتفتح الباب، تنظر إلى المرأة ذات التجاعيد التي لازالت تحاول إخفاءها بعمليات التجميل، بشعرها الأسود، وملامحها المختلفة عنها، هي تتساءل أحيانا إن كانت ابنتها حقا، فلا هي تشبه من أمامها ولا هي تشبه والدها.

"صباح الخير أمي."

"أريد أن أذهب للتسوق، رافقيني."

توترت الأخرى لتتكلم متلعثمة
"هل أستطيع التحدث معك قليلا؟"

عقدت والدتها حاجبيها بانزعاج لتومئ موافقة. دخلا الغرفة لتجلسا على السرير، بينما نبضات قلبها تكاد تسمع من شدة توترها،
"حسنا.. أنا.. أريد طلب الطلاق."

توسعت عيناها باندهاش، لتمسك بوجنتي ابنتها،
"لماذا يا حبيبتي؟ ما الذي قد يدفعك لهذا؟"

توترت أكثر لأنها تعلم أن والدتها ليست بهذا اللطف، مما يعني أن القادم أسوء،
"أنا لا ألتقيه إلا نادرا. وحسنا بت أريد عائلة أمي، زوجا يهتم لأمري وأطفالا يحبونني."

اكفهر وجه والدتها، لتقول بغضب،
"لما قد تريدين أطفالا؟ أخبرتك سابقا أنت لا تحتاجين لهم، ستهتمين بهم وسيرمونك في دار العجزة عندما تكبرين. ولم تريدين اهتماما من زوج بينما أمواله تكفيك؟"

"لكن يا أمي، أنا أريد خوض تجربة العناية بأطفالي، أنا حتى لا أعرف أسماءهم..."

قاطعتها وقد انفجرت غضبا
"هل تعارضين كلامي الآن؟"

ارتجف جسد يونا لتحرك رأسها نفيا، استقامت والدتها خارجة بعدما قائلة،
"سأتركك الآن، وإياك وأن تفكري في الأمر حتى."

أغلقت باب الغرفة بعنف، مما جعل الأخرى تعانق جسدها محاولة تخفيف ارتجافه، ارتمت على السرير سامحة لدموعها بالنزول، كانت أول مرة تحاول إبداء رأيها في شيء، وكانت فاشلة للغاية.

كانت في الثامنة والثلاثين من عمرها بالفعل لكنها لازالت تخاف من والديها بشدة، أي شخص سيسخر منها في هذه الحالة، لكن ليس لو علم كيف أمضت حياتها منذ الطفولة وإلى الآن، وليس لو علم ما يفعله والدها لمعاقبتها. وكيف يحبسها في غرفة مظلمة مملوءة بالثعابين، أو كيف يجعلها تفقد وعيها من شدة الرعب بالتفنن بابتكار طرق جديدة لتعذيبها، كيف يجعلها تقترب من الموت ويسحبها منه كل مرة.

الجانب المخفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن