١..عرض لا يخطر على البال

6.2K 107 86
                                    

تطل شمس النهار الذهبية صباحا و تلقي أشعتها الدافئة على مدينة الأنوار..مدينة العشاق و مدينة الحب باريس..فتتعالى الأصوات..و تزدحم الشوارع..و تفتح الحياة ذراعيها أمام يوم جديد مليء بالمغامرات و التحديات..بالأفراح و ربما بالمصائب أيضا..لا أحد يدري مالذي تخفيه لنا الحياة و مالمصاعب التي علينا تجاوزها في كل يوم نعيشه..
في شقتها الصغيرة التي تتشاركها مع صديقتها الفرنسية إيميلي..تفتح هزان عيونها و تستيقظ على مهل من نومها العميق الذي استمتعت به في الليلة الماضية..تمطّت في سريرها بكسل قبل أن تغادره و تعدّ لنفسها قهوة..أرسلت الرسالة الصباحية المعتادة لأختها زينب ثم ارتدت ملابسها التي كانت عبارة عن فستان أبيض قصير معرق بخطوط فضية و حذاء رياضي بلون رمادي و حملت القهوة معها و ذهبت الى العمل..هزان فتاة تركية تبلغ من العمر خمسا و عشرين سنة..بشرتها صافية..عيونها سوداء..شفاهها ممتلئة..شعرها كستنائي متوسط الطول..ترتسم على وجهها ابتسامة جميلة

تعمل كمحاسبة في معرض فخم للمجوهرات اسمه "la charmante" يتشارك في ملكيته رجل فرنسي خمسيني العمر اسمه جيريمي

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

..تعمل كمحاسبة في معرض فخم للمجوهرات اسمه "la charmante" يتشارك في ملكيته رجل فرنسي خمسيني العمر اسمه جيريمي..و آخر تركي تجهل اسمه و لم تر وجهه طيلة الأشهر الخمس التي قضتها تعمل في المعرض..تعيش في فرنسا منذ سن العاشرة بعد أن توفي والدها أمين بمرض مزمن و أبعدتها زوجة أبيها فضيلة الى فرنسا لتعيش مع عمتها المسنّة و التي توفيت هي الأخرى منذ سنة تقريبا..لها أخت وحيدة غير شقيقة اسمها زينب

كانت تحبها كثيرا رغم أنهما لا تتشاركان سوى في اسم الأب

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

..كانت تحبها كثيرا رغم أنهما لا تتشاركان سوى في اسم الأب..أما أمهاتهما فمختلفتان..أمين تزوج فضيلة و هو على علاقة حب بصباحات والدة هزان..و عندما ماتت صباحات اضطر أمين أن يحضر ابنته ذات الخمس سنوات لكي تعيش مع فضيلة و ابنتها الرضيعة..فضيلة تكره هزان و تعتبرها عبئا عليها..لم تعاملها يوما بطريقة جيدة..و لم تعطف عليها رغم صغر سنها..و حاولت جاهدة أن تفرق بينها و بين أختها لكنها لم تنجح في ذلك..و ظلت الأختان على تواصل و نمت المحبة بينهما بشكل كبير..و لم تنس يوما بأن والدها كان يوصيها دائما أن تعتني بأختها و أن تحبها و ألا تسمح لأي شيء بأن يفرق بينهما..كانت هزان تشعر بأنها مسؤولة عن أختها و عن تلبية احتياجاتها و توفير ما يلزم لها لكي تنهي دراستها و تصبح محامية كما كانت تحلم دائما..فكانت تعمل بجدّ و اجتهاد لكي ترسل اليها مبلغا شهريا من المال يكفيها و يزيد..و لا تنسى بأن تشتري لها فساتينا و عطورا و مستحضرات تجميل تشحنها عبر البريد..فضيلة كانت تقبع في المنزل و تكتفي بمقدار المال الذي يوفره راتب أمين الذي تقلص الى النصف بعد وفاته فتدفع ايجار المنزل المهترئ الذي يعيشون فيه و توفر بعض المستلزمات..أما زينب فتتركها لأختها لكي تنفق عليها..و لو كان الأمر بيدها لاستغلت جمال ابنتها الصارخ لكي تزوجها لأحد الأغنياء فتضمن مستقبلها و تؤمن لنفسها حياة بذخ لطالما حلمت بها..لكن زينب كانت تريد أن تنهي دراستها و أن تقوم بالعمل الذي تريده..و مادامت هزان هي المسؤولة عن الانفاق عليها فهذا لوحده كفيل بأن يمنع فضيلة من التدخل فيها و الضغط عليها..
وصلت هزان الى المعرض الواقع في شارع الشانزليزي..فتحت الباب و دخلت..حيّت زملاءها بفرنسية سلسة ثم اتجهت الى مكتبها في قسم المحاسبة..شعرت بحركية غريبة في المعرض و بنشاط غير مسبوق و كأن شخصية مهمة على وشك الوصول..رغم أن مجيء الشخصيات المهمة من فنانين و سياسيين و مشهورين أمر معتاد في المعرض الذي يتمتع بسمعة لامعة في عالم المجوهرات..لكن الأمر اليوم يبدو مختلفا..انهمكت كعادتها في عملها و راحت تدقق في فواتير الصفقات الأخيرة و تجهز ملفات مفصلة عن المداخيل الخاصة بالشهر الحالي..سمعت صوت قطرات المطر تنقر بخفة ثم بشدة على شباك مكتبها فانقبض صدرها لأنها كانت تكره المطر و تتشاءم به و لعل ما زاد من قلقها هو أنها لم تتلقى رسالة من أختها كما اعتادت أن تفعل كل صباح.. أخذت هاتفها لكي تتصل بها عندما أطل جيريمي

مِن أجل أُختيWhere stories live. Discover now