7-عودة للجحيم

198 29 8
                                    

في ليلةٍ ظلماء دق جرس الباب، فتحته الدادة، ومن خلفه رأيتُ أبشع كابوسًا.
لقد كانت أبلة أحلام! ستضربني وتعيدني للملجأ قسرًا! ساعديني يا أمي.

اختبأتُ خلف أمي وأنا أرتجف مع الرعب، وكنتُ أراقب المشادة الكلامية بين ماما وأبلة أحلام بهلعٍ وأنا أرتجف كورقة شجرة ضعيفة هزيلة في شهر ديسمبر الممطر العاصف.

سحبتني أبلة أحلام بقوة، ورأيتُ أمي تنظر للفراغ بقلة حيلة وشرود! صرختُ فيها أن تساعدني، فقالت بضعفٍ:
-سأعيدك ابنتي..سأعيدك أعدك.

وهكذا يا رِفاق، سحبتني أبلة أحلام كالذبيحة، لقد كانت أوراق الكفالة غير مكتملة، لم تكفلني ماما صابرين كليًّا، فكانت الفرصة سانحة لأبلة أحلام أن تعيدني مرة أخرى للدار رُغمًا عني، دون سابق إنذار وجدتُ حالي مُلقاة في غرفتي القميئة القديمة، بملابسي الممزقة، والصفعات قد أكلت وجههي وقَدَّت به النيران، لقد عُدتُ شريدة بلا مأوى، أجلس باكية منتحبة في إنتظار أمي لتنقذني.

لقد عانيتُ طوال سنواتي العشر، ولن أقبل أن أعاني مجددًا..

ماما صابرين قالت لي "أنا أفكر إذًا أنا موجود".
لستُ تلك الشريدة التي يتحدثون عنها، لستُ الضعيفة التي تتقبل صفعات منار بضعفٍ، ولا التي تتقبل ضربات أحلام بخنوع.

أُدعى طيف...ولن أكون يومًا مجرد سرابًا!

_______________

تسللتُ خِلسةً والجميع نيام إلى حُجرة المكتب الخاص بالمديرة هيام، ضربت أزرار الهاتف في إنتظار رد أمي، وعندما سمعت صوتها الضعيف صحتُ بصوتٍ منخفض:
-أمي، هذا أنا طيف.

-طيف؟ ابنتي؟ هل أنتِ بخير صغيرتي؟

أومأت سريعًا هاتفة:
-نعم أمي، ولكن أرجوكِ تعالي وساعديني، إنهم يعذبونني هنا.

هتفت أمي بضعفٍ وقلة حيلة:
-سآتي ابنتي، سآتي وتعودين معي.

تسللت العبرات إلى مُقلتيّ، وترجيتُها بنبرةٍ خافتة:
-أرجوكِ أمي..أنقذيني أمي..رجاءً!

سمعتها تتنفس بصعوبة بالغة وكأن هناك ما يجثم على صدرها، تشرق بأنفها وتمنع النبرة الباكية من التسلل لصوتها، ثم تطمئنني بصوتها الرقيق:
-سآتي طفلتي، أنتِ ابنتي، ولن يأخذكِ مني أحد، حتى ولو سلبكِ أعتى ملوك الأرض، لن أسمح له البتة.

فالتمعت بعيني نظرة الاطمئنان، وظهر بريق الأمل يجول ويصول بمُقلتي.

أمي ستنقذني...أنا واثقة.

______________

-استيقظي يا فأرة، أيتها الحقيرة القذرة، استيقظي يا متشردة.

استيقظتُ على صيحات "منار" وركلاتٍ متفرقة لجسدي القابع على أرض السطح الباردة أثر عقابًا صارمًا وقاسيًّا.

أنا طيف..لستُ سرابًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن