9-النهاية

307 40 29
                                    

وأدركت أن..العالم الخارجي نسخة مكبرة من دار الأماني..
كلاهما دار الضعيف والقوي هو المسيطر...
كلاهما التنمر فيه سمة والسخرية فيه طبع..
كلاهما يسعيان لتهشيم كل ذرة أمل بداخلك..
كلاهما يعملها بجد حتى ينغصوا حياتك..
كلاهما لا يعترف بالأماني..
كلاهما دار لتحطيم الأماني.

وهكذا يا رفاق انتهت قصتنا لليوم، أريد فقط أن أخبركم أنني...

-طيف، هيا يا كسولة ستتأخرين عن المناقشة.

حسنًا أمي..أشكركِ على حسن المعاملة أمام قرائي الأعزاء، سريعا سأخبركم، لقد انتقلت وماما إلى منزل صغير، نعيش فيه وحيدتين، أنا دخلتُ كلية هندسة، لولعي بالأرقام والرياضيات، والرسم الذي تعلمته من أمي، ثم اكتشفت أنني احببتُ القراءة، وقررت أن اكتب، وكان أول ما كتبت هو هذا الكتاب
"طيفٌ وليس سرابًا"
أليس الاسم لطيف؟! اخترعته أمي، واقترحت عليّ أن أحكي به قصتي حتى يعرفني الناس أكثر، وهكذا..مرت السنون..وأنا وأمي أعز صديقتين.

هذه صورةٌ لنا في باريس! لن أضعها في الكتاب بالطبع فلا يوجد حيز، وتلك صورتنا في نيويورك، وهذه في لندن، وهذه أمام إحدى بنايات مدينة سان فرانسيسكو.

أما اليوم فهو يوم مناقشتي لرسالة الماجستير، رسالتي عن أطفال الشوارع والأيتام؛ لأنني يومًا كنتُ منهم، لذلك قررت التحدث عنهم بكل عزيمة وعنفوان.

خرجتُ إلى أمي التي كانت جالسة على مائدة الإفطار بالحديقة الخلفية لمنزلنا الصغير، ودادة سميرة تضع آخر طبقًا، ثم تتحرك بتقاعس لتجلس، فأُقبُّل وجنتيها بشغبٍ:
-لقد هَرمتِ دادة سميرة.

لكزتني في كتفي قائلة بغيظٍ:
-ما زلتُ أتمتع بشبابي يا بنت.

قهقهتُ عاليًا ثم اتجهتُ لأمي التي كانت تتبسم بحنان، ثم قبّلتُ جبينها وكفيها وجلست جوارها على ذراع المقعد، عبثت بخصلاتي موبخة بلطف:
-تأخرنا يا ابنتي، وانتِ حتى لم ترتدي ثيابك!

زممتُ شفتاي بتذمرٍ، وقلتُ بينما التقط قطعة جبن:
-كنتُ أختم كتابي أمي!

رفعت كوب الشاي وقبل أن ترتشف منه سألتني:
-ومتى ستقدمينه إذن؟ مدير النشر أكل أذني أن متى ستقدمين الكتاب!

أومأت لها بابتسامة واسعة:
-غدًا إن شاء الله.

سرعان ما علت نبرتها وهي تدفعني برفق:
-والآن هيا، إلى غرفتكِ وارتدي ثيابكِ.

عقدت حاجبي بضيقٍ، فنهرتني بغلظة:
-طيف لا تتذمري.

نفخت وجنتاي بحنقٍ وسِرتُ للداخل أتمتم بكلماتٍ لم أفهمها أن شخصيًّا، إلا أن أمي صاحت:
-لا تتمتمي!

غمغمت بغيظٍ:
-ماذا أفعل إذن!

والآن يا رفاقي أقف أمام الجمع الغفير، خلف المُكبر، أتحدث بكل ثقة، أُناقش رسالتي عن أطفال الشوارع، أنال من التصفيق ما يُشبِع رغبتي، أتنهد بارتياح، ثم أقول:

-أخبرتني أمي أن لكل إنسانٍ حلم، وبدون الأحلام لن نكون، لذلك أشكركِ أمي؛ لأنك من أظهرتي لي حلمي، أنتِ من علَّمني معنى الحياة..ومعنى الأحلام، علّمتني معنى أن أكون امرأة قوية لا تُقهر..الفضل يرجع لكِ أمي.

أنهيتُ خطابي وأنا أسير للهبوط من على المسرح، ثم خطيتُ بسرعةٍ إلى أمي التي استقبلتني بصدرٍ رحب وذراعيها مستعدتان لإخفائي داخل أحضانها للأبد، ضمتني إليها بحنان كما اعتدتها، وهمست لي بنبرة حنون:
-أنا فخورة بكِ ابنتي، فخورة بكوني أمًا لمهندسة عظيمة مثلكِ!

فقبَّلتُ رأسها والعَبرات تنزلق من أعيننا سويًّا...

هاااه..كانت قصتي مع أمي ملحمية...ولكن لحظة..
لم ننتهي بعد.

________________

في يومٍ ما كنتُ في طريقي للمكتب الخاص بي في شركتي التي بنيتها بجدٍ..وبمساعدة أمي..بالقليل من أموال أمي بمعنى أدق!

ما إن دخلتُ الشركة حتى أوقفتني مساعدتي "لاما" وهمست لي:
-هناك من يريدكِ بالداخل.

عقدتُ حاجباي بتعجبٍ، ثم دخلتُ مكتبي فإذا بي أرى رجلًا جالسًا أمام مكتبي واضعًا ساق على أختها، وما إن رأني حتى نهض وصافحني بحماسٍ، جلستُ وأشرتُ له ليجلس، وبدأنا الحديث!

-أنا تيِّم قاصي، صاحب الشركة التي تتعاقدين معها حاليًّا.

أومأت بحبور:
-نعم نعم، مرحبًا بك في مكتبي المتواضع.

أماء لي ونظراته الغريبة تخترقني، ورغم ذلك أضاف:
-رأيتك أكثر من مرةٍ في التجمعات، وآخر بناء لمنزل أخي كان من تخطيطك، في الواقع لم آتي للعمل..أتيتُ لأجل شيءٍ آخر.

هززتُ رأسي مستفسرة، فاقترب بوجهه مني هامسًا بأعين لامعة:
-في الواقع أنا أحب ابنتي كثيرًا، وهي تريد أمًا لها وأنا أحب سماع مطالب ابنتي وتحقيقها.

ضيقت حدقتيّ بعدم فهم:
-لم أفهم!

ابتعد ووقف منتصبًا، عدّل من سترة حُلَّته وقال بعبثٍ:
-أنا وهي نبحث عن أم حنونة تحتضننا نحن الإثنين.

شعرتٕ بالضيق من تلميحاته المُبهمة، فأردفتُ بغيظٍ:
-لم أفهم أيضًا! لماذا تتحدث بالألغاز؟

ابتسم بغموض ونبرة هادئة مثيرة للريبة:
-ستفهمين فيما بعد.

فغرتُ فاهي مذهولةً، وشاهدته ينظر إلي بابتسامة جانبية خبيثة وغامضة.

ومن هنا أنظر إليكم بشك وأهمس دون أن يسمعني...
رفاق..انتهت قصتني، أو ربما...ستبدأ الآن!

/تـمـت بـحـمـد الله/

____________________________

آراء كتير جدًّا أوي خالص عشان دي أول عمل فصحى متكامل ليا وعايزة أعرف الآراء الجميلة بتاعت رِفاقي الأعزاء.🥺🤍

وما تنسوش إن دا مجرد تسخين؛ لأن اللي جاي الله المعين.😂♥

استعدوا لليوم اللي هعرض فيه بداية الرواية الجديدة.🥰

#دمتم_بخيـࢪ🕊
#تُقَىٰ_حَـامِدْ✨
القاهرة_الدقهلية_

🎉 لقد انتهيت من قراءة أنا طيف..لستُ سرابًا 🎉
أنا طيف..لستُ سرابًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن