حين أمطرت في الكلية

36 11 11
                                    

أكثر ما يعجبني في أوقات الأزمات، هو أنك تحصل على يد العون حتى من الغرباء، و للحظات فقط، تشعر بأن هذا الشخص - رغم أنك لا تربطك به علاقة قوية أو لا تعرفه من الأساس- يهتم بك و بسلامتك كفرد من عائلته.

بالأمس كنا في وسط إحدى المحاضرات حين أمطرت السماء بغزارة، كانت الخامسة مساءًا، و ظللنا عالقين حتى خفتت الأمطار، ثم خرجنا لنتفاجأ بساحة الكلية التي ابتلت قليلاً ، و بالشارع أمام الكلية الذي صار مثل النهر. خلع الجميع أحذيتهم و شمروا عن ثيابهم بدأنا في الخوض. لا أعلم هل السبب هو أنني هزيل و منعدم اللياقة، أم لأنني لم أتناول شيئًا منذ الصباح بسبب المحاضرات الكثيرة و تجهيزي و تقديمي لإحدى السمنارات، لكنني فجأة شعرت بأن الماء سيجرفني، و أن كل موجة تكاد تسقطني.
تقدم علي رفاقي فناديتهم، و مددت يدي، تأخر صديقي ليمسك بيدي و ساعدني للحاق بالبقية، و حين افترق منا للذهاب ناحية حافلته، أمسك آخر بيدي، و سألني عن الحافلة التي أستقلها لمنزلي. و سرنا سوية حتى وصل هو لحافلته، و واصلت طريقي. رغم أنه كان من زملائي و حسب، و لم نتحدث من قبل كثيرًا، لكنني شعرت للحظات بأننا نعرف بعضنا منذ وقت بعيد جداً.

الآن، أحترم زميلي ذاك أكثر من أي وقت مضى، وكلما تشاجرت مع صديقي -في شجاراتنا الكثيرة هذه الفترة بسبب بحث التخرج- وفكرت جديا في قطع علاقتي معه، أتذكر حين لم يتردد للإمساك بيدي، والأشياء الأخرى التي فعلها من أجلي، وأذهب أولا لمصالحته.
أعتقد بأن الشخص لا ينسى شيئا، سواء سيئة أو حسنة، لكن بالنسبة للأشياء الجيدة مثل هذه حتى لو كانت مجرد شيء صغير لأحدهم ككلمة طيبة أو لفتة حانية، بالنسبة لنا قد تكون شيئا كبيرا ودافئا نتذكره في كل أوقات الأزمات والأحزان ليذكرنا بأن الحياة ليست بذلك السوء.

°°°°

هل مررت من قبل بموقف من شخص قريب/غريب جعلك تشعر بالإمتنان نحوه؟

ابكِني نهراً Where stories live. Discover now