44

93 5 0
                                    

-بعد أسبوع، محل العّم سيف-
أبتسم العّم سيف وعيونه على عبدالله المُنغمس بتعلم الكتابة : عبدالله عندي تساؤل بسيط
تركت ملاذ الي بيدها وهي تستمع لهم بفضول، رفع راسه والقلم بيده وهو يمسكه بطريقة خاطئة أساسًا ومعظم المكتوب مليء بالأخطاء الواضحه ، ناظر العّم سيف وهو يصغي له، كمّل العّم سيف بإبتسامته : ليه عندك إصرار تتعلم وأنت بهالعمر الحين؟
نزّل راسه للورقة وكمّل يحرّك القلم بصعوبة محاوًلا الكتابة : محمّد -وسكت لثواني بسيطة- محمّد قال لي أنه بيكون فخور فيني مرّه لو كمّلت دراستي
تلاشّت إبتسامة العّم سيف وعينه ما أنزاحت عن عبدالله الي مركّز بشكل كبير على الكتابة، تساءلت ملاذ بفضول : مين محمّد ؟
كشّر العّم سيف وناظرها يحاول ينبهها أن سؤالها سيء ولكن أوقفه عبدالله الي أبتسم بإتساع من سمع اسمه ورفع راسه من جديد وناظرها وملامحه توحي على الحب والحماس على عكس الي شافته ملاذ فيه بالأيام السابقه وتكلّم بنبرة سعيدة : محمّد أخوي الكبير، توأمي أنا، صح ماقد شفتيه بس مايحتاج لأنه توأمي يعني زي وجهي وزي شخصيتي كل شي نفسي، محمّد أنا بس نسخة ثانيه -تلاشّى كل الحماس والسعادة والمشاعر اللطيفة من وجهه بسرعة كبيرة ورجع يناظر الورقه وهو يهمس- بس هو بمكان بعيد الحين
فهمَت ملاذ من كلامه الأخير أن محمّد مات، ما زال ببالها اسئلة عديدة ولكنّها فضلت السكوت بهالوقت، تقدّمت بإصرار وسحبت القلم من يده وميّلت الورقة بإتجاهها : أنا بعلمك كل شي !
أعترض بسرعة وحاول يستعيد القلم ولكن ملاذ كانت مصرّه بشكل أجبره على الإنصات بسكوت، بقى العّم سيف جالس بمكانه ويراقبهم وهو مبتسم ..
بعد أيام من تعليم ملاذ لعبدالله ..
وقّف بتردد وهو يناظر ملاذ وبين يدينه ورقة صغيرة، التفتت له من أنتبهت لوجوده وأبتسمت : شفيك تناظرني كذا؟ تبي شي؟
شتت نظراته بسرعة ومد الورقة وبإرتباك : اءء كتبت وابيك تعلميني إذا فيه أخطاء أو لا
أخذت الورقة مباشرة وجلست على الطاولة الي بينهم وفتحت الورقة بحمَاس لرؤية نتائج تعليمها، ثواني من التدقيق وسكّرت الورقة بهدوء تكلّم عبدالله بحزن وهو يشوف ابتسامتها أنزاحت : فيه أخطاء صح؟
هزّت راسها بالنفي وهي تمد له الورقه : لا بالعكس كل شي صحيح ورسمك للحروف تحسّن كثير، بس ليه ما تحاول تكتب شي ثاني؟ ليه بكل مره تكتب أسم أخوك وبس؟
أخذ الورقة وأعادها لجيبه وهو مبتسم براحه وجلس على الكرسي قدامها : لأن هذا الشي الوحيد الي يستاهل أني أكتب عنه
تكلّمت بفضول وهي تشوف ابتسامته : طيّب وش التاريخ الي كتبته؟
سحب نفس عميق وهو يجاوبها : وليه تسألين ؟
نزلت من فوق الطاولة وسحبت وحده من الأدراج وهي تطلّع صفحة من جريده قديمة وتناظره : لأنك دايم تكتب هالتاريخ ولأني شفت هالتاريخ أكثر من مره بأدراج العّم سيف وأنا أرتب المكان
ناظر الجريده بإستغراب ورفع نظره لملاذ : وريني طيب؟؟
حطت صفحة الجريده قدّام عبدالله الي تغيّرت ملامحه للخوف وسحب الورقة بعجله وهو يناظر بالخبر القديم والي يخص مقتل أخوه، كشّر بغضب وهو يشوف صورته موجودة كونه المتهم الأول بهالجريمة ، حاول ضبط أنفاسه ورجع للهدوء الي بداخله ، حط الورقة بينهم على الطاولة وأشر على صورته وهو بعمر الـ 18 : هذا أنا
مسكت وجهه وهي ترفعه لها وبإستغراب بَان عليها : ما تشبه نفسك!
مسك يدها الي على وجهه ونزلها بهدوء : لأن الحياه أنسحبت مني بهذاك اليوم -شد على يدها بدون إنتباه وعيونه تناظر عيونها بثبات- تدرين يا ملاذ -وسكت لثواني- الحياه مكان قذر جدًا ! تسحب منّك كل شي تحبينه وتاخذه منّك وكأنها تعاقبك على سوء أفعالك
أستمرت تستمع له بإهتمام شّديد ، كمّل كلامه وبداخله الكثير : عشان كذا لا تحبين ايّ شي أو ايّ شخص بشكل مبالغ فيه محّد بيبقى أبدًا ، الكل بيروح بيوم
أنتبه ليدها وتركها بسرعة وبخجل : أسف ما أنتبهت !
تبسّمت بهدوء وما زال بداخلها فضول عشان تكتشف أسرار هالشخص الواقف أمامها : طيّب ممكن تقول لي وش هالتاريخ؟
هز راسه بالإيجاب وهو يناظر الجريده : مثل ماهو مكتوب، قضية قتل
عقدت حواجبها بتفكير وهي تحاول تربط المواضيع : وليه صورتك موجودة ؟
ضحك عبدالله بتكرار وضرب جبينها بسبابته : غبيّه! لأني المتهم شفيك ما تعرفين تفكرين ؟؟
تسلل الخوف لها وشبكت أصابعها ببعض : يعني أنت قاتل؟
رجع يضحك وهو يقوم قدامها ويحاول يخيفها أكثر : ايه أنا قاتل وهارب من السجن ، وجاي أتخبى عند العّم سيف لأنه رئيس عصابتي! ماتشوفين الجرح الي بيد العّم سيف؟ ترا من الجرائم
أوقفه العم سيف الي ضرب راسه بعصاته بخفيف ووبّخه : عبدالله وش قاعد تقول !
مسح مكان الضربة وهو ما زال يضحك ويحاول يرفّه عن نفسه ، هز العّم سيف راسه بيأس : رجعت لتصرفاتك الطايشه ذي! -وناظر ملاذ الي تنتظر تفسير لكلام عبدالله- لا تصدقينه بولا شي يقوله تراه كذّاب! الجرح الي بيدي أثر قدييم ، لما كنت أشتغل بمحل خشب جرحني المنشار لأني ما كنت أعرف أستخدمه
رفعت ملاذ الجريده وبنفس الخوف والفضول : طيب وهذا ؟؟
أخذ العّم سيف الجريده منها وتنهّد من أنتبه لنظرات عبدالله والي توقفت ضحكاته تمامًا، تقدّم عبدالله وسحب الجريده وهو يشقّقها لأجزاء صغيره جدًا ويرميها بالأرض ويدعس عليها بتكرار وناظر ملاذ بغضب حاول يكتمه : هذا يوم مقتل أخوي محمّد يكفي اسئلة
عم الصمت لدقيقة كامله ومشى عبدالله لبرا المحل، أبتعد خطوات بسيطة وجلس على الرصيف وهو يحاول يتمالك أعصابه ، مشى العّم سيف بدون ما يعلّق على الي صار واتجه لبرا ورا عبدالله ، تحركت ملاذ والندم يملاها على سؤالها وبدت تشيل الأجزء الصغيرة من الأرض
" نهاية الدوام "
سرّعت خطواتها ورا عبدالله الي طلع ورفعت صوتها : عبدالله ممكن توصلني لبيتي؟؟
استدار لها بهدوء وناظرها لثواني إلى أن وصلت قدامه مباشره وكرَرت طلبها بأدب : ممكن تمشي معي لبيتي؟
رفع معصمه وأشر لها على ساعة يده : الوقت مو خطير تونا بدري تقدرين ترجعين مشي لوحدك
شبكت أصابعها ببعض وبداخلها شويّة إرتباك : لا لا ما خفت من اني أرجع لحالي بس ودّي أنك تجي معي إذا فاضي يعني
هز راسه بالنفي وهو يرفض طلبها : مشغول عندي إرتباطات الحين
كشّرت وهي تحس بكذبه عليها : وش عندك؟
حط يدينه بجيوبه ومشى قدامها : مالك شغل خليني بحالي خلاص
سحبت نفس عميق ورفعت صوتها : كنت بعتذر منك بس!
وقّف وهو منزل راسه للأرض وتذكّر الموقف الي صار، وقفت قدامه وابتسمت ويدها مسكّره : مد يدك؟
طلّع يده اليمنى من جيبه من شاف إصرارها وحماسها ومدها بهدوء، قدّمت يدها المُغلقة وتركت قطعة تشوكليت صغيرة براحة يده وناظرته وهي مبتسمه : أسفه على الي صار وهذي كإعتذار لك
أبتسم وهو يعيد يده لجيبه : ما كان فيه داعي للإعتذار ما حصل الا الخير ، شكرًا على التشوكليت!
زفرت براحه من بعد كلامه وبدت تمشي بإتجاه عودتها : عفوًا ، أشوفك بكرا
لحقها بخطواته الهادية ورفع صوته : بجي معك
ضحكت وهي تنتظره وتبدا تمشي بجنبه : وش غيّر رايك؟ توك تقول أن الوقت بدري وعادي لو رجعت لحالي!
كشّر وأحمرّت ملامحه شوي : لأنه بكيفي أنا الي أقرر إذا بجي معك أو لا !
أستمرت تضحك وهي تتقدّم عليه بالمشي بخطوات بسيطة، خَرج شخص من مطعم قدامهم وأتجه لملاذ بعجله وبغضب : وينك جيت بيتك الليل وما رديتي علي! تبين أفضحك؟؟
تراجعت بخوف وأصتدم جسدها بعبدالله الواقف خلفها، مسكها من كتوفها ووقف قدامها : مين أنت؟
تكلّم شِهاب بتهجُم : أنت الي مين ووش تبي فيها؟؟
تشبّثت ملاذ بكم عبدالله وهي تهمس بصوت مرتجف : تكفى لا تخليني
سكّت لثواني ورفع صوته بعصبيّه : أنا أخوها الكبير ! يلا قول لي مين أنت؟
أنخفض صوت شِهاب وتراجع خطوات لورا : أسف
التفت عبدالله لملاذ الي بدت تبكي وراه وبإستغراب : وش السالفه؟
أستمرت تبكي بدون رد عليه، حسّ بهبوب الرياح الباردة والي حرّكت شعر ملاذ عن وجهها وبانت ملامحها الباكية بسبب الهواء .. نزّل جكيته الأسود وحطّه على كتوفها ومد يده لها : لا تبكين قدام الناس هالشي غلط، مراح اخليك لوحدك بس امشي معي
تمسكت بيده بتردد وبدت تمشي وراه وراسها متجه لتحت ودموعها تنزل بغزاره، بدا يتجه لبيتها .. صحيح جاه لمرّه وحده ولكن قدرته على الحفظ عالية جدًا ، أستمروا يمشون لفتره الى أن وقف عبدالله وناظرها بهدوء : وصلنا لبيتك
تركت يده ورفعت راسها ناحيته بصمت، دخل يده بجيبه وسحب مجموعة مناديل ومدها لها : امسحي دموعك لا تبكين
أخذت منديل منهم وبدت تمسح دموعها وهي واقفه قدامه ، نزلت يدينها بعد ما أنتهت وتقدّمت للباب، فتحته والتفتت لعبدالله : تفضل
رفع حواجبه بخفيف أثرًا لإستغرابه ولكنّه مشى وراها لداخل البيت البسيط بدون ما يتكلّم ، قادته للمجلس ونزّلت جكيته بعد ما جلس ومدته له : شكرًا لوقفتك معي، وش تشرب؟
أبتسم وهو يترك الجكيت بجنبه : مابي شي شكرًا
جلست قدامه وناظرته بتردد : الولد الي كان بالشارع -وسكتت وهي تتماسك وتحاول ماتبكي-
أستمر يناظرها وهو مستمع بإهتمام وينتظر كلامها عنّه بفضول
كمّلت كلامها والغصّه تمنعها عن بعض الكلمات : هذا اسمه شِهاب وهو طالب معي بالجامعة، قبل أشتغل عند العّم سيف كنت أنظف بيوت الناس عشان أكسب فلوس أكل وأشرب فيها مع أني اداوم بالجامعة لكن بعد دوامي أستمر أشتغل طول اليوم عشان أقدر أعيش ، مره من المرات طلبتني وحده أنظف بيتها وكان بيت أم شِهاب  وما كنت أعرف اصلًا لكنّه صورني وأنا أنظف دورة المياه بدون ما أنتبه وصار يطلب مني أشياء كثير ويهددني إذا ما سويت الي يبيه بأنه يرسل الصور لكل طلاب شعبتنا !
هز راسه بهدوء وهو يبيّن إصغاءه لها : معليك أنا بتصرف وافكّك منه، عندك محادثات معه؟
طلعت جوالها بعجله وفتحت على محادثتها مع شِهاب ومدت الجوال له ، أخذ جوالها وبدا يقرا وسرعان ما بان الغضب بملامحه، سكّر الجوال ومده لها وبعصبية : وليه ساكته وقاعده تطيعينه كذا؟؟
اخذت الجوال وبداخلها خوف من ملامح عبدالله : مدري كيف أتصرف معه وصراحه خايفه منه
تأفف والغضب بداخله يزداد كل ما تذكّر وجه شهاب : وإذا أرسل الصور للطلاب يعني؟؟ الشغل ماهو عيب يكفي أنك تشتغلين عشان ما تطلبين من أحد
رجعت تبكي وهي تترك الجوال بجنبها : لا تكلمني كذا ياخي
سُرعان ما تغيّرت ملامحه وهدا غضبه من شافها تبكي : أسف ما كنت أقصد أعصّب عليك، بعطيك رقمي أرسلي لي المحادثات كلها وأنا بتصرف -وقف وأخذ جكيته- لو أرسل لك لا تردين ولو جاك مره ثانيه للبيت أتصلي علي وأنا بتصرف ، أهم شي لا تخافين أبدًا ولا تسمعين له نهائيًا ! وعلميني لو ضرك من جديد طيّب؟
هزت راسها وناظرته بعد ما سجلت رقمه عندها : وش بتسوي؟
مشى بإتجاه الباب : خلي كل شي علي ومعليك انتِ
" بيت مُلهِم وفِراس "
شرَب عبدالله من كوب المويه إلى أن ارتوى وناظر فِراس : أسمع تذكر تميم صاحب روّاف أخوي؟
هز راسه بعد ما سكّر جواله وناظره بإهتمام : ايه أذكره، شفيه؟
شد قبضة يده من تذكّر وجه ملاذ وهي تبكي : ابي مكان شغله أو بيته اي شي يخصه إذا عندك
-إنتهى-

تُهمَةٌ مُميتةWhere stories live. Discover now