❶❷

1.7K 111 4
                                    

وقفت مكاني على مشارف وادي النسالى يتصبب العرق من جبيني من أثر الركض .. وكأن تفكيري قد شُل لم أعرف ماذا أفعل .. ثم وجدتني أتقدم ببطء إلى داخل الوادي دون أن أكترث بما قد يحدث ... لكن دقات قلبي سرعان ما أصابها الاضطراب عندما أبصرتُ بعضا من نساء النسالى وفتيانهم وأطفالهم قد بدأوا يخرجون من جحورهم ليقفوا على جانب الطريق وعلى وجوههم ارتسمت ملامح الخوف والدهشة .. خوفٌ من هذه المرأة التي وكلت دائما بقتل أحبابهم. ودهشة من تواجدها بآخر مكان قد تكون هي به ...

واصلت طريقي الذي لم أكن أعرف له وجهةً، ومع كل خطوة كانت أعداد النسالي تتزايد على جانبي دون أن ينطق أحدهم أو يصدر له صوت، ظلوا ينظرون إلي في صمت بالغ فحسب، وأنا أتقدم أمامهم في لأشعر للمرة الأولى بأنني من يحمل العار لا هم ... خزي شديد

كنت أنظر إلى وجوههم وتتقافز الكلمات من عيني إليهم في توسل

- أريد أن أخبركم أن الخوف هو ما جعلني أفعل ذلك بسيدكم سامحوني .. أعلم أنني من اغتلتُ أحلامكم، لكني هنا الآن بينكم لطلب الغفران ...

واصلوا تحديقهم بي من غير أي ردة فعل. لكن ذلك لم يدم طويلا بعدما ارتطم برأسي فجأةً حجرٌ صغير قذفه أحدهم بقوة ليصيب حاجبي الأيسر، فسالت الدماء على وجهي ودارت بي الدنيا للحظات فتوقفت مكاني بعدما كدتُ أسقط ...

قبل أن أتمالك نفسي وأمسح بكم فستاني الدماء عن عيني وأواصل طريقي بينهم، فألقت امرأة أخرى علي قدرًا من روث الماشية فأغرقتني بها، لكني تابعتُ طريقي دون أن ألتفت إليها حتى .. كان داخلي يقول: افعلوا ما شئتم ... لن أجر أحدكم إلى منصة الإعدام ... هيا ألقوا بأحجاركم نحوي .. لا يضر الألم الموتى على كل حال، وأنا مت بالفعل منذ ثلاثة أشهر لا يتبقى لي فقط سوى مغادرة روحي التسكن جسدا آخر .. هيا ألقوا بأحجاركم ساعدوها على الرحيل ...

ثم أصابني حجر آخر .. لا أتذكر أنني تقدمت . بعده إلا بضعة خطوات، قبل أن تدور بي الدنيا وتتسارع دقات قلبي، وتخور قواي تدريجيا، وأفقد وعيي.

من إغمائني لأجدني على سرير قشي داخل جدران كوخ صغير علق بسقفه مصباح زيتي أضاء المكان من حولي .. وكان عشبا مهروسا قد وضع على حاجبي فترك أثره على سبابتي حين تحسست

جرحي . ما إن نهضت وجلست على السرير وأسقطت قدمي إلى الأرض أحاول أن أستفيق تماماً حتى فتح باب الكوخ ودلف إلى الفنى النسلي ريان وقف صامتًا أمامي كأنه يستجمع ما سيقوله، ثم قال

- تركك الجميع بالطريق فاقدة للوعي تسيل دماؤك ...

وأصدر إيماءة وهو يقول:

- لا أعلم لماذا لم أتركك مثلهم .

وأكمل:

- وخفتُ أن أعود بك إلى جويدا في حالتك هذه، فيظنون أنني من فعلت ذلك بك فيعتقلونني .. فجئتُ بك إلى هنا .. إلى كوخ

LAWS OF JARTIN ( قٌوُآعٍدِ جٍآرٍتين )Where stories live. Discover now