الفَصل الثاني

192 16 1
                                    

عُتُوَّ مُنصِف.
الفَصل الثَاني.
"بائِسة"
.
دَلفَت دَاخِل مَنزلها بعدما عادت من تلك المُقابلة.
نَزعَت حِذائها بآلية شَدِيدة، حَتى لم تَضعه مكانه في تِلك الخزَانة الخاصة.
ولم تكترث لصَياح زوجة أبيها، بسبب ذَلك. بَل تركتها وأتجهِت نَحو غرفتها.
فهي مُعتَادَة عَلى تِلكَ الحَياة البائِسة.
تَفتقِر الأهتمام والدعم ،لم تَكن فَكرة إحباطها شَئ جَديِد عَليها ، فأصبحت تتكَيف عَليه.
تتفق على مَقُولة الشيئ التي لا تستطيع تغيره، أعتاد عليه.
فهي بالفعل تتكَيف مع كل شئ سَلبي حولها.
وكلما يتثَاقلِون عَليهَا ويخبرونَها بمَدىَ فَشَلها فَقط لأنهَا لَم تَتَزَوَج حَتى الآن، وأن سنهَا أصبَحَ كَبيِر رَغم أنها لم تُنهىَ عَقدهَا العشريِن بعد.
وزوجة أبيها هِي أمرَآة سَليِطة اللَسَانة دائماً تخبَرهَا بأن خطيبها لَم يَطيق الأستمرار مَعها بسبب بؤسَها الدائِم لذَلك تَركها.
وتَطلق عليها هَذه الكَلمة دائماً  "بُومَة" .
ولَم يتحملها أحد بسبب كَثرة عيوبهَا، والشخص التي هَي أرتبطَت بِه لَم يَقِل دنَائة عَن زَوجة أبيها، فأيضاً حَطمهَا من جَهة العاطِفية.
الشيئ الذي يؤذيها أيضاً أنها تشعر نفسها عَبئ على عَائلتها لذَلك بحَثت عن عَمل فـكَان مَن الصَعب أن تَجد شيئ يُناسِبها لذَلك فضَلت أن تَفتَح لذاتها مَشروع خَاص بها.
تحَاوَل مسَاعدَتهُم فِي مَصاريِف البَيِت بَعدَما أصبَحت الحَياةُ صَعبة في الأسعَار. لَكن بالكَاد مَشروعهَا الصَغِير يُلبي أحتياجَتها هَي فَقط. لذَلك الوَضع أيضاً صَعب..
شَرعت في نَزع ثيابها، جاء وجهها عند المرآه.
تنظر لأنعاكَسهَا الحَزيِن، تَشعَر بسبب حُزنهَا كَبرَت لأعوَام فَوق عُمرَها.
برغم ملامحها الشَبَابَية الجَمِيَلة.
أقتربَت أكثَر من المِرآه لتَوضَح بشرتها القمحاوية الصَافية التي تَخلو من أي عِيوب، رموشها كَثيفَة بفطرتها. تَذكرت والدتها رحمها الله عندما كانت تتجَمل فيهما.
لتَقنع ذاتها أن هيئتها مَقبولة، وتحبها. ولَم تهتم لكلام أحد.
رَغم أن تَغير الكَثير فيها بسبب حَدِيث الأخَرِين ومَنهم الأقربَاء مَنها وكَان ذَلك أكثَر وَجعَاً، لكن أختفي نقاءهَا الداخِلي
كُل مَدى تَشعَر بنقطة سَوداء تزدَاد دَاخلها فَهَي حَتى عُمرها الآن لم تَذكْر إن العَالَم قَد نَصَفها فِي شيئ.
وجَاء ذَلِك الشَخص بَكْل برود يريد أخذ ماتبقى من عمرها.
يُريد ألغَاء أجمَل لَحظَة تنتظِرهَا وهو الأرتبَاط بشَخص سَوي نَفسياً. وتعيش في رَاحة مَعه.
رَفضِت أن يَتم سَرق سَنة مِن عُمرَها بهذا الشكل.
فَاقت من شرودها الطويل بصَوت زَوجة أبيها وهي تَصيح أن تنهي بَعض الأعمَال.
أستجَابت سَريعَاً بكلمة وَاضِحة "حاضر".
ذَهبت للمَطبخ وقامت بمُهمة تنظيفه.
مَازال عقلَها شَارد. أنه يبدو شَاب في مُنتَصَف الثلاثيِن مَن يراهُ لَم ينكِر وسامته، وثيابه الأنيق مختَار بعنَاية شَديَدة ليبقى لائقاً به ويُعجب النَاظريِن.

هدأت مِن فَعل غَسل الصحُون وسَرحَت بخيالها قائلة:
-طب أنا بعد سنة لما أبقى هنا أيه اللي هيتغير؟.

أبدَت سُؤال مُهِم للغَاية تتسائل حقاً. وتَبحث عن إجابة
تُفكر بشِدة وكأن حيَاتهَا واقِفة عَلى إجَابة هَذا السُؤال.
هل ستبقَى كما هِي.
تعافِر أن يَمُر اليُوم بسَلام!
أتَى بَصِيص نور يَأمل دَاخِلها بأن سَتكُون حيَاتهَا أفضَل، وأكَدَت بتَمَني داخلها أن سيَأتي شَخص يشعرهَا بأهميتهَا وقيمتهَا.!
لكن مَاذا أن لَم يَحدُث.
وظَلت كَمَا هِي، تتقبل مُعَاملَة مَشِينة مِن زوجة أبيها، والدها التي لم يسمعها ولم يصدقها ويتركها في عِناية زوجته لأنه فقط غِير مُهتم.
لم يَكن لديها أصدقاء، فقط صديقة واحِدة.
ماذا لو ظَلِت حيَاتها كَما هِي بَعد سَنة.
السنة التي وَعدها بها ذَلك المعتوه بأنها ستتغَير وستكون مُستقله بَحياتها ،وستسَافِر معه.
وكأن أتت لها الإجابة على تساؤلاتها، صِيَاح زوجة أبيها التي تخبرها بعدم أكتمال التنظيف.
أدركت بالفعل أنها سارحة وَقت طَويل ولم تُنهى ما طُلب مِنها.
تَحَول الصيَاح إلى شَتم وسَب سكتت لها "چود" في البداية، لكن لم تتحمل الكثير من السَب والإهانات.
على غير عادة تنفعل عليها "چود" وكأن توضح مَدى تشوشها.  وطَاقتها السلبية التي خرجت عن طريق عصَبية المُفرطة.
دلفت داخل غرفتها  سَقطت دموعها دون شعور أثناء عصبيتها، ليشعرها بمدى ضعفها.
وسألت ذاتها لماذا مُضطَرة عَلى عَيش هَذه الحَياة!؟
.
.
لم يعرف لمَاذا أرَاد فَعل ذلك وشَعر أيضاً بأنانيته. فِي الحَديِث مَعها.
لَكنه أيضاً يُخبر دَاخله أنه لَم يَكذب عَليها.!
لكنها رَفَضت وجعلته يَنسى فِكرة الأنتقَام التي جَاءت على تفكِيره في وَقت عَصِيب. فقط.
وقَرر أنه سيعود للدَولة الأجنَبية التي يقيم فيها مَع زَوجَته.
جَاء له اتصَال أثنَاء تَشَوش عَقله، وَضعَه عَلى أذنَيه دون النظر لمن المُتصل ورد بـ:
-ألو.
وكان مازال شَارِد بـعينيه بعيداً، لكن ما سَمعه جعله ينتبه ويُراجع عن ما قيل في عَقله.
كان صوت إنثوي يظهر من الجهة الأخرى وهو يقول بهدوء خافت:
-أنا موافقة إني أتجوزك..

.
.
نهاية الفصل

رواية "عُتُوَّ مُنصِف" Where stories live. Discover now