الفصل الثالث

165 14 2
                                    

عُتُوَّ مُنصِف
الفصل الثالث.
"إغاثَة"
.
.
جَلست معه في تِلك الكافتيريا للمرة الثَانِية، والثَالثَة في لقَاءهما.
حَيث وضَحت في بِدايَة الحَدِيث أن لديها شَرطَين أو طَلبين لكَي يتم الزواج.

أخبرته بأول طَلب لديها أن يتم الزواج بشكل طبيعي أمام أهلها ولم تكن لديها مشكلة إذا أراد أتمام الزواج بصورة سريعة. وعَلقِت عند ذلك أثناء حَديثها:
-متقلقش من موضوع أنك عايز تكتب الكتاب بعد شهر ده، لأنهم أما يصدقه أصلاً أن الموضوع هيجي بسرعة.

لَمَح بَسمة سُخرية يكاد يراها؛ بينما هي لَم يَخلو حَديثها مِن الجِدية.
أبعَدت عيناها بعدما تطلع إليها بصَمت، تَخشى أن يرى نظرة الحزن لديها، لم تعرف لماذا شعرت أنه بالفعل يفهمها!.
سَرحت في مَنظر النيل أمامها بشرود تام، حتى أفاقها سؤاله المُبالي.
تِلك الثوَاني البَسِيطة التي مَرت عليهـم بـصَمت، لم يهتم لشِئ حَوله سوَاها، شَعر حقاً أنـه مُهتَـم بهـا.
لم يَعـرف هَل لأنهـا ستصبَـح زوجته فـيثير ذلك فُضُوله لكَي يفهمهَا.

وفي وقت قَريب جداً سيصبح أسمها مُرتبطاً به، يُريد التأكد من أنه لم يُخطئ في الأختيار مثلما أخطَئ في المَرَة الأولى.
-أيه هو شَرطِك التَاني؟!.
قالت بقوة يشُوبها الجَدية، بَعدما أعـادت نظرها لـه:
-مش هيحصل بينا حاجة في فَترة الجَواز.
برَغم تحجرها من الخَارج لَكِن حِينَ يـتطلَّع إلى عينيـها، يَـرى نَظَرة غير مفهومـه.
تلك المَرَة لم تَهتز عينيها أو تَبتَعد بَعدَما طَال صَمته.
لَم تَعرف تحلِيل رَدة فَعله، لكن تملكه الغُموض وبعد عَشرةّ ثوانِي تَقريباً أصتَنع اللامُبالاة:
-ماشـي.
أخفَت شعور الحزن التي أحتَل عينَاها بـبَراعة، لكَنه بشَكل دَقيق شَعر بها.
أظهَر السُخرِية الشَدِيدة حِين هَتف بـبطئ، وكـأنه يُعَاقِـبها كَـرد فَعل طَبيعـي:
-هو دَه اللي هَيحصَل فـعلاً.
لم يَخلو من السُخرية واللامُبَالاه، أجابت بثبات:
-كده أنا موافقة.

ستخبر والدها بوجُود شَخص يريد التقَدم لها وبالفعل بَعدَما أخبرَته رَحَب بشِدة ثم تَحدث مع "شرف"وأدرَك أنه شَخص خَلاَّق وسَعد بشِدة حِين أخذ مُوافقة أبنَتَه.

لم تشعر "چود" بالفرح مُطلقاً، بل زاد تفكِيرها وخُوفها.

مَرت الأيام سَريعاً ثُمَ أقتَرب مَوعِد عَقد القرَآن.

بعد مُرُور ثَلاثُون يَوماً.
الحَدِيث بينهما شبه مُنعَدِم. وإذا حَدَث بينهما إتصَال هَاتِفي لَم يَخلو من جِديَتها و تنتَهي المكالمة سريعاً.
حَتى ذَات مَرة صَرحِت زَوجَة أبيها بـقَول أنـه لم يَطِيق مُحَادثتها طَويـلاً. لكِنها لَم تُبالـي.

فـهذه كَلِمات زَوجة أبيها الخَفيفَة.
صَدِيقتها مَعاها في ذَلِك اليَوم تَـخبرها عَن مَدى جمَـالها بفُستَانها الأبيـض البَسيط وشَعرها مَحجوب بوشَاح مُتقن.
كان المَكان في إحدَى سواحل البحر المتوسط يظهر على أكمل وجه ويليق بَهما.

رواية "عُتُوَّ مُنصِف" Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz