الفصل الخامس: لما نأخر الوصال!

435 61 75
                                    

أنخرطت فى بكاء مرير لم تعرف له نهاية، لتشعر بيد أمسكتها و أدخلتها لأحضانها لتسمع صوت صاحب اليد تقول: أنا أسفة حقك عليا، حقك عليا يا ريدو، إنتِ دايمًا كنتِ فى نظري شئ كبير بسعى أكون زيه، كنت ببص عليكِ بحسك حاجة كبيرة، على طول كنت ببقى حابة أوصلك، أتضح أننا كنا بنجري و مكناش عارفين مين بيسابق التاني، كنا فى سباق ملهوش لازمة، لا أنا كان عاجبني حالك و إنتِ أنجبرتِ تدخليه، سيبنا الغيرة يسرق مننا حياتنا، محدش كان عارف أن دي النسخة الحلوة منا، ربنا شايفها كدا و خالقها كدا، حقك عليا من اللي أهلك عملوه فينا، حقك عليا من إني كنت سبب أنك تحسِ بنقص.

بادلتها تغريد العناق بألم و قالت: لحد أخر لحظة بتغلبيني يا أسماء، لحد أخر ثانية بتغلبيني، بس أنا خلاص تعبت من الجري و مليش خلق و مفيش طاقة و مفيش من العمر اللي ضيعته عمر تاني علشان أفضل أجري فيه وراكِ و أسبقك، خلاص يا أسماء تعبت.

ظلا هكذا و قد تجمع إسلام و فريد و تالين أيضًا، أما أسماء و تغريد فظلا بأحضان بعضهما البعض يبكيان، و أما صهيب فكان يطالعها بحزن و ألم عليها و على ما حل بها، لم يتخيل أن وراء تغريد هذه الفتاة، ليحمل ألمها بجوار ألمه داخل قلبه، يتذكر تلك الفتاة التى خدعته و جعلته يخسر ما أمتلكه بحياته، رجع لذكرياته بأيام الجامعة عندما أعجب برفيقته هدير، فتاة جميلة و خلوقة و لطيفة_أو هكذا أدعت_ أحبها و تقدم لخطبتها، ليذوق معها أسود أيام حياته، دائمة التذمر و المقارنة،تحكم من سعيه و من قلبه و من هداياه، تذكر عندما قدم لها وردة جميلة كيف ألقتها هى بوجه معايرة إياه بفقره الذى لا يد فيه، ليعود منزله غاضبًا و كرامته مثارة، عاد يفكر مرة أخرى، ما الذي يجبره على تحمل كل هذا؟!، لماذا عليه تحملها؟!، فجمالها مصطنع و طيبتها المزعومة لم توجد من الأساس؟!، لما عليه دائمًا الإنحناء و الرضوخ لها؟!، لما عليه أن يضغط نفسه بهذا الشكل المهين؟!، هل من خلقها لم يخلق غيرها؟!، و إن لم يكن الله قد فعل، فلماذا يتحملها؟!، أين كرامته و كبرياؤه كرجل؟!، لماذا يأذي نفسه و قلبه و كرامته جوارها؟!، لماذا يفعل؟!، حقًا لا يدري؟!، ألم يحن الوقت لأن يكف عن إذلال نفسه؟!، و ما المانع؟!، فليوقفها و ينتهي كل شئ.

ليذهب لها فى اليوم التالي و يرمي لها دبلتها فى وجهها بدون أن يتكلم حتى و قد هاتف والدها و أعتذر عن الإكمال فى تمثيل أحمق كان يفعله، شعر و كأنه ولد من جديد، و لكن جرح كرامته لا يزال غائر، نعم تحرر و لكن لا يزال هناك ردود و ندبات تذكره بأخطاء ماضيه، يحمد الله انه لم يتمادى و لم يسترسل بعلاقتهم أكثر و لكنه الألم كان أكبر من تحمله، فهذا هو ألم الكرامة يا عزيزي.

ليراها فى يوم فيخفق قلبه لها، لا ينكر انه حاول، بل حارب و لكن هل للقلب سلطان على الهوى؟!، ناضل كما لم يناضل أحد من قبل،كفلسطيني سائر ذا دم حر، و لكن إحتلال الحب ليس كباقي الإحتلالات، فهذا الإحتلال الوحيد هو من يحرر، من يحرر القلب من حزنه و من اعباؤه و من وحدته و برودته، ليقع و يغوض بأعماق حبها مرحبًا بحبها كصديق طال إنتظاره، تعب و أنتظر و راقب ليكافى بها هى، و هى كذلك و لكن هل ستقبل هى بحبه كما قبل هو به؟!.

ما تبتغيه الأنفس (مكتملة)Where stories live. Discover now