وجبة ٌ لم تؤكل ،

81 18 4
                                    

- هاك، أشرب قهوه .

فكرت في المرة الاولى ،التي قابلت فيها بران
كان يعرج ، وسقط عصاه
الآن سقطت عصاه مجدداً ، لكنه لم ينحني لأخذها
بل مشى حتى جلس على الأريكة ثم بكى .

كنا وحدنا في المنزل ، كنت واقفاً احدّق بذهول فيه ، غير مصدق

مشيت حتى وقفت بجانبه وقلت ؛ براندون؟ هل تريد عصاك؟
لم يجب ، ظل يبكي

كان قد عاد من الخارج للتو ، ولم أفهم مايبكيه
جلست بجانبه ومسحت على ظهره ، كان يخفي وجهه في كفيّه ويبكي ، دون حتى أن يتوقف لأخذ نفس وبصوت مرتفع

لا أعرف كيف أخفف عن شخص حزين؟ لم أتعلم ذلك قط
لذلك جلست هناك صامتاً ( وهي طريقتي في التعبير عن حزني كذلك) كأنني متخشّب.

بعد وقت طويل قال بران :
( وكان قد هدأ منذ وقت لكنه ظل مخفياً وجهه )
- خالتي ماتت

- حقا؟
كنت مصدوما ، لا من موت المرأة الذي توقعته منذ كان يمدّني بأخبارها وأخبار صحتها المتذبذبه منذ فترة ، فقد كان واضحاً أنها جثةٌ قيد التحضير
بل كنت مصدومًا من الحزن العميق في صوته ،  شعرت بأنه قد فقد أهله كلهم دفعة واحدةً من وراء هذا الحزن الكامن فيه

جاء يايا بعد ساعة وكنت قد حضرت قهوة لبران ، قد بردت ولم يشربها .
سحب سيجارة وأشعلها بطريقة مدخّنٍ يتوق ليهدّأ النيكوتين تشنجاته ، ويخدر تعب يومه .
ثم نظر نحو بران ، ولما رآه على حاله الحزين مخبأ وجهه في كفيه نظر نحوي يستفهم عن الوضع ، حاولت أن اشرح له بالحركات ولما لم يجدي مع فهمه البطيء قلت ( توفيت خالة بران)
هز رأسه وأكمل شفط سيجارته كمن لا يُعنى بالخبر

لم يكن جايمي أكثر مبالاةً من السافل يايا ، لكنه تحلى بالكياسة على الأقل وحاول مواساة بران
شعرت بمزيج من الشفقة والحزن على براندون الصامت ، منذ توقف عن البكاء وأنقطع صوته وحاله يقلقني
من حين لآخر تمسح يده دموعاً تنسكب على صفحة وجهه ثم تعود لتستر وجهه عن الجميع ، وعندما عدت للجلوس بجانبه رأيت دموعه تسقط على الأرض
خانه صوته من النحيب لكن دموعه ترفض التوقف .

مسحت على كتفيه ، حاولت مواساته ، قلت له بأن البكاء لا يجدي ، المرأة رحلت
مارأيك أن تستجمع قوتك لتدفنها وتودعها بشكل لائق ؟ براندون يا اخي .. كلنا سنموت
جاء جايمي بالطعام فرجوته أن يأكل ، لا يحرك ساكناً
قلت له ؛ مارأيك أن تستعد ، سنسافر أنا وأنت لندفن الخاله..هيا ، سأحزم حقيبتي وحقيبتك

قال جايمي متطوعاً ؛ سأحزم أنا حقيبة براندون

نهضت لأستعد للسفر ، مع رجل حزين ، مشكوك به ، يرثي وفاة المرأة الأخيره المتبقية من أسرته
ولم أكن أدري بأنه سيكون اسوأ قرار أتخذته في حياتي.

Dinner table. Where stories live. Discover now