((البارت الأول))

553 19 40
                                    

يجلس مكانه منذ نصف ساعة تقريباً . يحاول أستيعاب ما حدث لحفيدته . لم يحسب حساب كل هذا . لقد ظن أن كل شيء سيسير كما خطط له لكن الأمور أخذت منحنى آخر . لقد بقى مكانه علي هذه الحالة منذ أن غادر رامي وعائلته تاركين وعداً بالعودة في وقتٍ لاحق لمساعدته بالبحث عن سما . بعدها أمر شاكر بأخذ زوجته وابنه للمشفى ليطمئن عليهم وذهب سيف وعمر معهم . تنفس بعمق دافناً رأسه بين كفيه مستنداً علي ركبتيه يحاول أن يفكر في أي شيء يقوده لحفيدته لكن عليه أن يهدأ أولاً حتى يستطيع التفكير . وعلى الناحية الأخرى كانت جميع الفتيات يبكين بحزن علي صديقتهن واختهن والتي لا تكاد تخرج من مصيبة حتى تدخل في أخرى . حاولت روجينا مسح دموعها التي لا تريد التوقف تحاول التماسك لتُهدأ باقي الفتيات فالبكاء لا يساعد في شيء ولكنها لا تستطيع التوقف فـ فكرة أن شقيقتها قد اختطفت مجدداً تقتلها بحق . شعرت بيد تربت عليها بحنان لتعلم من ذلك الشخص دون النظر حتى . رفعت نظرها ببطء إليه ليرمقها بحنان وهو يقول بحب : مفيش داعي للعياط يا روجي.......المرة دي سما كبيرة وكلنا كبار وهنعرف نوصلها إن شاء الله......خليكي قوية وامسحي دموعك . قالت ببكاء قطع نياط قلب ذلك المسكين : مش قادره يا وليد مش قادره.......خايفة عليها اوي.........وبالأخص أنها عندها الربو ونفسها بيضيق اما تخاف او حاجة........مش قادره اتخيل ممكن يحصلها اي . ضمها وليد إلي صدره مربتاً علي ظهرها بحنان يردد بشرود : إن شاء الله هتبقى كويسة يا روجي...... إن شاء الله . وجوار روجينا كانت ملاك تضم حور أثناء بكائها تحاول أن تهدأها متناسية أنها تريد من يهدأها وجوارهما تالا التي تنظر للأمام بشرود ودموعها أخذت مجراها علي وجنتيها بصمت . نظر أدهم إليها بحزن يتنهد بعمق شاعراً بالعجز لعدم استطاعته فعل اي شيء حيالها وفجأة خطرت له فكرة تردد قليلاً لكنه حسم امره وقرر ان ينفذها. نهض من مكانه ثم تقدم نحوها ممسكاً برسغها ساحباً اياها للحديقة الخلفية اما عنها فلم تعترض او تتشاجر معه لإمساكه بيدها بل على العكس سارت معه بكل هدوء. رمقه آدم بهدوء فهو يعلم ان أدهم من المستحيل ان يؤذي شقيقته فهو يعرف أدهم حق المعرفة ولذلك من المستحيل ان يؤذيها او اي شيء من هذا القبيل بل هو يثق بأنه سوف يخرجها من تلك الحالة بطريقته الخاصة. خرج أدهم للحديقة ساحباً تالا خلفه ثم اجلسها علي مقعد الأرجوحة وجلس هو علي المقعد الآخر. بقى الصمت مخيف عليهما لفترة وتالا مازالت جالسة كما هي ناظرة امامها بشرود ودموعها تتساقط علي وجنتيها ببطء. وأخيراً تحدث أدهم بهدوء: عارفه يا تالا.........أنا حاسس بيكي........احساس إنك تخسري حد بتحبيه فجأة.......ان حياتك تتغير مرو واحدة من غير ان انذار.........حاسس بيكي عشان جربته قبل كده بس.......بس علي اوسع شوية. قال جملته الاخيرة بسخرية وحزن مبطن. التفتت إليه ببطء تستمع لما يقول بهدوء شديد دون قول اي كلمة وقد توقفت دموعها عن السقوط. أكمل أدهم بهدوء يخفي خلفه الكثير والكثير: اللي انتي متعرفهوش اني يتيم يا تالا. علت الصدمة ملامح تالا لا تصدق ان ذلك الشاب الذي يتضح عليه الثراء ان يكون يتيماً . لقد ظنت ان والده من الرجال الأغنياء ولذلك قد حرص علي ان يعلمه هو واخوته جيداً لكن ما لم تتوقعه ان يكون يتيماً  . أكمل أدهم وهو يحاول تمالك نفسه: وكمان انا عندي تلت أخوات تانيين.........آسر وطبعاً انتي عرفتيه......ومالك توأمه........ودانة اصغرنا..........  . صمت قليلاً يتنهد بعمق قبل ان يكمل قائلاً: زمان.....جدي اجبر امي انها تتجوز ابن عمها واللي هو بالمناسبة بابا عشان كانت بتحب ابن عدوه........جدي أساساً كان صاحب شركات الجارحي وكان عنده منافسين واعداء كتير بس كان في واحد معين عاوز يدمر الشركات دي وحوارات يعني.......وبالصدفة امي حبت ابن الراجل ده وفضلت مصممة عليه لكن جدي رفض طبعاً وعشان تسكت جوزها ابن عمها اللي هو بابا بالغصب........وبابا كان عارف كل حاجه طبعاً وكان متحكم فيها اوي.......وتعدي السنين لغاية اما ماما خلفتنا احنا الأربعة........بس للأسف عشان جدي جوزها غصب فــ............  . ابتلع ريقه يحاول تهدأ نفسه ثم اكمل: فمكانتش بتحبنا خالص.......وكانت علطول بتضربنا بس مش جامد يعني وكانت بتزعقلنا بسبب وبدون.........وآسر هو اللي كان بيتصدى ليها كل ده عشان كان بيحس بالمسؤلية نحونا.......ده غير انها كانت كل شوية تختفي من القصر وترجع متأخر واللي ساعدها في كده ان بابا كان بيسافر كتيير عشان صفقاته واسهمه وكده يعني........ولغاية دلوقتي معرفش كانت بتروح فين لكن اظن آسر عارف........ . نظر امامه بشرود يتذكر تلك الحادثة التي قلبت حياتهم بشكلٍ كبير: وفي يوم كنا كلنا قاعدين في اوضة آسر بنلعب مع بعض وهو نزل يجبلنا اكل من المطبخ.......وجت هي دخلت وقعدت تزعق لمالك عشان ضايقها تقريباً.......حاولت افهمها وقتها انه مش قصده بس هي قعدت تزعق وتضرب وطبعاً اخد تصيبي من الضرب رغم انها مكانتش بتضرب جامد وده اللي كان محيرني.........ودانة قعدت تعيط من الخوف عشان كانت صغيرة وقتها........طبعاً آسر جه علي الصوت وبعدها عننا وقعد يزعق ويقولها انتي علطول كده؟؟؟ كل شوية تضربينا من غير سبب!!؟ ابعدي عننا وسبينا في حالنا مش عاوزين منك اكتر من كده..........وبعدين اخدنا في حضنه وقعد يهدينا ويمسحلنا دموعنا اما هي فضلت واقفة مكانها من غير ما تتحرك خطوة واحدة.....فضلت واقفة بتراقبنا وفجأة لقيناها بدأت تعيط وقعدت علي الأرض وهي بتقول انا غلطانة بس ده غصب عني!!! كله بسبب ابويا!!! كان زماني دلوقتي عندي عيلة وعايشين مع بعضينا في سعادة وبعدين بصتلنا وقالت انا آسفة اوي انا آسفة!!!!! انتم مش ذنبكم حاجه انا اللي غلطانة.........وبعدين قربت مننا وحضنتنا........  . صمت قليلاً ثم قال بنبرة تقطر ألماً: كانت أول مرة تحضنا فيها يا تالا. تألم قلب تالا لأجل ذلك المسكين وقد أدركت للتو أنه عاش طفولة قاسية بحق لكنها لا تعلم ان هذا لا شيء من ما حدث فيما بعد. أكمل وهو يشعر بالألم ينخر قلبه يحاول إمساك دموعه امامها: وكانت آخر مرة برضو........المهم لقيناها بتقولنا انا هعوضكم عن كل اللي فات وهنعيش حياة حلوة مع بعض.......وبعدين قالت تعالوا نروح الملاهي وبعدين نتعشا في المطعم.......طبعاً انبسطنا كلنا ورحنا عشان نلبس ونجهز وهي فضلت مع آسر في اوضته بس معرفش لي.........وفجأة سمعنا صوت طلقات مسدس.......وفيما بعد عرفت ان.......ان بابا جه وقتل ماما قدام آسر. شهقت تالا بفزع لا تصدق ما قاله للتو. همست بخفوت ومعالم الصدمة مازالت مرتسمة علي وجهها: لي!!؟؟؟؟؟. هز أدهم كتفيه بعدم معرفة وهو يتنهد بعمق يشعر انه علي حافة الانهيار ثم اكمل بصوت مختنق: معرفش لي معرفش.......آسر مش راضي يقول لي وانا معنديش الشجاعة اعرف. نظرت له تالا بشفقة تدرك انه يحاول يتماسك امامها. قربت يدها منه بتردد تربت علي كتفه في محاولة بائسة لتواسيه.ابتلع أدهم تلك الخصة التي تجاهد للخروج ثم اكمل بصوت مختنق: وقتها انا كنت بساعد دانة عشان تلبس ومالك كان قاعد معانا مستني نخلص وفجأة سمعنا صوت الرصاص فـ طبيعي اننا نخاف وفجأة لقينا ناس غريبة داخلة علينا وخدرونا وبعدين خطفونا وخطفوا آسر وبابا كمان. مسح تلك الدمعة المتمردة التي سقطت علي وجنته ثم اكمل وهو ينظر أرضاً: وبعدين اما صحينا لقينا نفسنا في مكان غريب وبابا كان متعلق في الحيط بسلاسل حديد وكان في راجل واقف قدامه.......كان.......كان اسمه صابر.....واللي بالمناسبة الكل بيسميه الأسيوطي. فتحت عيناها تحاول ترجمة كل تلك المعلومات الجديدة عليها ثم قالت أثناء محاولتها لفهم كل هذا: يعني هو يبقى جد رامي وأبو أسامة اللي جم يطلبوا ايد سما صح!!!؟. أومأ لها أدهم بخفوت وقال: ايوة هو......وهو كمان اللي بدأ الحرب دي........عشان هو خلى امي تحب ابنه أسامة بكل غباء عشان ينتقم من جدي ويدمرله شركاته كلها.........وقبل ما يخطفنا كان خطف جدي وقتله........وبعدين خطفنا وقعد يعذب في بابا قدامنا.......بس......بس آسر منعنا اننا نشوف اللي بيحصل عشان كان عارف اننا هنخاف........آسر كان طول السنين دي بيهتم بينا وبيعاملنا بكل حب رغم انه يبان من برة قاسي وبارد بس هو من جوا حاجه تانية خالص وكان بيحاول يعوضنا عن كل اللي فات..........بعدها الأسيوطي فضل يعذب في بابا بأبشع الطرق اللي ممكن تتخيليها لغاية اما مات في ايده........وكان عاوز يكمل علينا عشان يخلص من عيلة الجارحي كلها........بس فجأة البوليس جه في اللحظة الأخيرة وأنقذنا منه واخدونا علي المستشفى عشان يعالجونا واخدوه هو علي السجن.........وقعدوا يستجوبوا آسر ومالك وبعدين اخدونا و ودونا ملجأ. لم يستطع التحكم في نفسه اكثر من ذلك وهو يتذكر كل ما حدث في ذلك الملجأ لذلك اخذت دموعه بالسقوط كالشلال. لا يستطيع التماسك أكثر من هذا فذلك الألم الذي ينخر في صدره يجعله لا يستطيع التوقف. أكمل أدهم من بين شهقاته: والمشكلة إن اللي حصل بعد كده كان اسوأ.  صمت لكن دموعه لم تصمت وتالا ترمقه بألم حقيقي تود لو تضمه الآن وتخبره ان كل شيء سيكون بخير لكن كيف.  وكل ما استطاعت فعله انها امسكت بكفه تضغط عليه بقوة لتشجعه علي الإكمال وإخراج كل ما بداخله. أكمل أدهم سرد قصته أثناء بكائه: اما رحنا الملجأ دانة كانت بتتصرف بطريقة غريبة وعرفنا فيما بعد انها عندها انفصام في الشخصية بسبب اللي اتعرضتله وكانت بتصحى من النوم وبتقعد تضرب اي حد قدامها ومديرة الملجأ كانت بتبقى عاوزة تضربها وتعاقبها بس كنا بندافع عنها وبنتعاقب احنا وبالأخص آسر عشان هو اللي دايما يقولها تعاقبه هو بدالها ومكانش بيوافق اننا نتعاقب برضو وطبعاً مش محتاج اقولك العقاب بيبقى ازاي لدرجة ان آسر جه عليه فترة مكانش بيقدر يحرك صباعه حتى.............حاولنا نسيطر عليها وآسر اتعود يفضل صاحي عشان يمنعها ويهديها.......وجينا في يوم كانت دانة نايمة في حضن آسر زي العادة وهو صحي علي صوت عياطها وقعد يسألها لغاية اما قالتله انها سمعت مديرة الملجأ بتتفق مع حد عشان يتبناها او بمعني تاني يشتريها........طبعاً كلنا اتصدمنا ومكناش موافقين بس المديرة مهتمتش وعشان كده آسر قرر اننا لازم نهرب.......قعد يخطط مع مالك واتفقوا هنعمل اي وبعد كام يوم آسر راح مع مالك عشان يجيبوا المفتاح ونهرب وانا فضلت مع دانة مستنيين آسر ومالك اما ييجوا وفجأة لقينا مالك جاي بيقولنا يلا بسرعه عشان نهرب ولقيته شال دانة علي ضهره واخدنا بعضنا وهربنا حقيقي من الملجأ بس آسر كان بيتصرف بتطريقة غريبة اكنه مصدوم من حاجه ولحد دلوقتي مش راضي يحكي كل التفاصيل. صمت قليلاً يمسح دموعه بكف والكف الآخر حبيس بين يدي تالا التي ترفض ان تتركها وهي تطالعه بألم يعتصر قلبها. صدقاً هي لم تتوقع ان يمر بكل هذا فهو لا يظهر عليه اي شيء. أحياناً يمر الأشخاص بأصعب المواقف وأحياناً تُكسر قلوبهم دون شعور ولكن فوق هذا يظلون صامدين ولا يظهر عليهم اي شيء ولكن ان نظرت لقلوبهم سوف تعلم ان من امامك بطلاً بحق لتحمله لكل ما مر به. ملست تالا علي كفه برفق وقالت ودموعها قد سقطت مجدداً لكن تلك المرة ليس علي سما بل عليه هو: كمل.......اي اللي حصل بعدها!!!!؟. هز أدهم كتفيه بلامبالاة ثم قال: عادي.......فضلنا ماشيين فترة طويلة لغاية اما بعدنا عن الملجأ وبعدين آسر قال نقعد نستريح شوية وقعدنا تحت شجرة وهو اخد دانة علي رجله اللي كانت في سابع نومة واحنا كل واحد فينا قعد جنبه من النحيتين وهو اخدنا في حضنه.........وبعدين لقينا ست جت قربت منا بس كان شكلها طيب وقالت..............  .

عشق تخطى الزمن (عشق منذ الطفولة ج2)Où les histoires vivent. Découvrez maintenant