الغراب أزرق العينين

الإرث

أبنائي الأعزاء، ان وقعت مذكراتي هذه بين أيديكم، هذا يعني ان المنية قد وافتني و انني قد لحقت بوالدتكم العزيزة، كالدويل، إيليوس و إيلا، ان مذكراتي هذه هي ارثي و ارثكم، حكايتي وحكاية والدتكم، لا أعرف لماذا تخونني العبرات و انا أكتب هذه الكلمات ربما لأنها تأخذني للماضي، للزمن الصعب بحلوه و مره، و لكني أريد ان أترك لكم هذه الحكايات لتعرفوا ان الرخاء الذي تعيشونه الآن كان نتيجة تضحيات كثيرة قدمها الكثيرين من حولنا ونحن كنا من المحظوظين الذين نجونا، و لكن نجاتنا هذه كلفتنا الكثير فاحفظوا كلماتي وافهموها جيداً

ولدت في ليلة صيفية حارة في قرية نائية قريبة من غابة تسمى الغابة الحمراء، للأب هامون كروتيلان و الأم إيلا وايت، و لكن بعد شهر من ولادتي كان ميلادي الحقيقي حينما وجدوني أهلي في الغابة الحمراء نائماً بسلام في أحضان والدتي الميته بجانبها والدي الغارق في دمائه، أخبروني أنها كانت طعنة خنجر، يوم فتحت عيني لهم استقبلتهم الصدمة كروتيلاني بأعين زرقاء! و هذا جعل وضعي مختلف عن بقية أقراني، فقد كبرت في كنف مجتمع كروتيلان الفخور جداً منبوذاً، بالرغم من انني كنت حفيد حاكمهم، و لكن لم تشفع لي دمائي الكروتلانية، لماذا؟ لأنني بدوت مختلفاً، لأن والدي ارتكب خطيئة في نظرهم، كنت دوماً وحيداً و لكن لم أمانع هذه الوحدة بل لم أشعر بها،فقد تربيت على يد الخدم في القصر الكبير، و الذين بالكاد اعتنوا بي فقد خافوا من لمسي او النظر في عيني مع ذلك اشفقوا على اليتيم ، كنت أميراً و لكن كنت أميراً غير مرغوب به، قضيت طفولتي الأولى مهملاً في الغرف الخلفية للخدم أمامي بعض الألعاب ليشغلوني، لم أفهم يوماً مفهوم العائلة، الأب و الأم الا حينما بلغت الخامسة و كان هذا في جلسة عائلية قضيناها في القاعة الرئيسية، حيث جلست مهملاً أرى محيطي، لفت نظري ضحك ماك و الذي كان يصغرني بعام، انتبهت للعب و الزحضان التي كانت يتلقيها من والدته، و من هنا بدأت مأساتي،لم أفهم و لكنني بحثت عن شئ مشابه، فتوجهت ناحيتها أردت مشاركتهم باللعب فأنا كنت أبحث عن الرفقة و لكن لم أجد منها سوى البرود

"ابتعد يا ابن الغريبة"

كانت هذه الجملة التي غيرت حياتي و لم يفهمها عقل الطفل ذو الخمسة أعوام، و لكني من يومها انتبهت لوحدتي و تجاهل الجميع لي و الذي لم يقتصر الأمر على زوجة عمي، و لكن عمي نايجل و عمي دوقال و حتى جدي سيقار، جميعهم تجاهلوني، الخدم و أهل القرية، الوحيد الذي بدي لي مختلفاً كان عمي كالدويل، لم يتحدث معي ولكنه كان ينظر في عيني نظرته كانت خالية من اي خوف او حقد. مع ان جدي سامح والذي و سمح له بالعودة لكروتيلان مع والدتي و لكنه بقي غاضباً و اننتقل هذا الغضب لي و الذي بطبيعة الحال تحول لتجاهل!