الرحلة التي غيرتنا

105 10 7
                                    

أتذكر جيداً اليوم الذي غيرنا أنا و عمي، فأنا كنت في ذلك العمر الصغير الذي حملت فيه مسؤولية لم أكن مطالب بها، كنت لا طفل و لا شاب ما بين و بين! عقلي كان قد بدء يصقل و لكن روحي انشغلت باللهو! مع ذلك بقيت اتساءل لا أدري ان كان كل هذا بسبب الكتب ام لأ...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

أتذكر جيداً اليوم الذي غيرنا أنا و عمي، فأنا كنت في ذلك العمر الصغير الذي حملت فيه مسؤولية لم أكن مطالب بها، كنت لا طفل و لا شاب ما بين و بين! عقلي كان قد بدء يصقل و لكن روحي انشغلت باللهو! مع ذلك بقيت اتساءل لا أدري ان كان كل هذا بسبب الكتب ام لأنني خرجت للعالم الخارجي و لكن في داخلي كان هناك شئ! و هذه الرحلة هذ التي زرعت ذلك الشئ فيني!

كنا نهم بالعودة لكرووتيلان، كان الصمت سيدنا، مشاعر مبعثرة من غضب وعدم فهم و كأننا صدمنا بواقعنا! كنت من طرف عيني أراقب عمي الذي كان يسير و خطواته تضرب الأرض بقسوة، يتنفس بصعوبة، اما أنا فبعدها لم أعد أعرف كيف أفكر، فقد انتهت مهمتنا بسهولة لقد وعدنا يومها الأمير انه سيحل مشكلة الكرووتلانديين في تلك الحدود، أنا لم أحضر كل الإجتماع فقط حضرت جزء منه، فقد انشغلت بالتجول في قصر الأمير الملون! كان مبهراً ألواناً لم أعرفها من قبل، لوح و تماثيل متقنة، كنت أعمل ان العالم يحمل الكثير من المفاجئات المبهرة لنا، انتهى عمي من ذلك الإجتماع و خرج و لكن ه خرج كشخص آخر صامتاً أكثر من ذي قبل بالرغم من نجاحنا في المهمة! و لكن صمته الغريب ذاك علق في ذهني و تركني محتاراً!

"يجب ان نسرع للعودة لكرووتيلان" قال عمي بإنزعاج واضح، لم أناقش كثيراً تعجلنا للعودة، فقد قرأت في الجو إضطراباً و تشويشاً حتى على عمي كالدويل الذي غاب في تفكير عميق
كنا بالكاد نرتاح، كنت أشعر بتعب شديد من المشي المتواصل لدرجة ان قدمي كنت لا أشعر بها، أتذكر اننا مررنا من احدى المدن و التي لم أتوقع ان أرى حالها هكذا كان الفقر قد أكلها أكلاً، كان هناك شئ في الأجواء، فقر و بؤس لم تعتد عليه المملكة و لم أره في القرى والمدن السابقة، و لكن لم أفهم هذا الا حينما وقعت عيني على الطفلة التي مدت يدها لي و هي تطلب المال، كانت متسخة مهترئة الملابس، ابتلعت ريقي مليون مرة و أنا أراها سرت رعشة في أوصالي و انا أرى طفلة بهذا العمر تطلب المال، كرهت هذا الذل، لم أرد ان اراه في عين اي أحد، وجدت والدتها تركض ناحيتها بفزع و هي تصيح:" لا تطلبي المال من ابن الهمج"

نظرت لها بإستغراب فهذا كان مسمى جديد اكنى به! "الهمج"، فهمت انها لم تختصني فيه لوحدي فقد لاحظت من قبل نظرات الناس لي، و لكني كنت معتاد على هذه النظرات اساساً، أكملنا طريقنا و هناك و بين بسطات الباعة وقف الجنود، جنود الملك مور، بملابسهم الثمينة و كبريائهم وجدت عمي يطلب مني ان أغطي رأسي بقلنسوتي، وجدتة يحاول ان يختلط بالحشود! لم أعلم سبب هذا التخفي المفاجئ
"لماذا يا عم؟" سألت و أنا أحاول ان آخذ نفسي من بين الناس
"ليس الآن يا بلاك" قال عمي بإنزعاج
وقفنا في زقاق نراقب الأوضاع، بينما عمي وقف بثبات هناك، وجدت الجنود تجمعوا على عجوز وهم يصيحون فيها:" هيا أيتها البائسة لقد وعدتي ان تدفعي ضريبة المحل"
"و لكنني دفعته المرة الماضية" قالت العجوز التي جلست بضعف أمام بسطتها المتواضعة تترجاهم
" أين الدليل على ذلك؟" قال الجندي بإبتسامة حقيرة، و هو يعرف الحقيقة و لمن حقارته كانت بلا دواء
"أرجوك لا تلعب معي هذه اللعبة أنا أم لبنات و يجب ان أعود للمنزل بطعام لهن، لي ابنة مريضة" قالت بضعف
"هذا لطيف بنات؟" قال أحد الجنود
"قدمي لنا احداهن بدل الضريبة" قال الآخر بسخرية. و غابت هذه المجموعة الحقيرة في الضحك و الهرج
"أرجوك لا تختبرني في صغيراتي و أعطني مهلة" قالت باستسلام
"و لكن يجب ان نكون عادلين ان عقاب من لا يدفع الضريبة هو الجلد" قال الجندي بحقارة
كانت هناك شهقات خافته و لكن لم يتحرك أحد، استفزني صمت الحشود الذين كانوا يتفرجون على كل ما يحدث و كأنه مسرحية سينسونها في الغد
"أرجوك ارأف بي "قالت بضعف
"اصمتي" صاح الجندي ، رفع يده لها و التي خطت على وجهها المتعب بقوة، ضربها! خرجت مني صرخة خفيفة، قفزت من مكاني أردت ان القن الملاعين درساً و لكنني وجدت عمي، يمسكني و هو يشيح بنظره، كانت نظراته شاخصة و هو يتنفس بصعوبة

"و لكن؟" صحت بعنف، لم أعلم ان دموعي قد نزلت وقتها كانت دموع غضب، حاولت ان اهرب من قبضته، فوجدته يحملني و يترك المكان، لم أفهم لماذا عمي كان صامتاً عن هذا الظلم ، شعرت بقلة الحيلة و القهر كان شعور بشع جداً، و لكني وجدت عمي يتسلق احدى البنايات و من فوقها كنا نستطيع ان نرى المنظر جيداً! هل هذا درس جديد؟ هل يحاول ان يعاقبني؟ لم أفهم؟
"انظر" قال عمي ببرود
أشحت بنظري بعناد لا أريد ان ارى الضعيفة التي لم أستطع انقاذها تعذب! فجأة سمعت صوت سهم يخترق الأجواء، التفت وجدت عمي يطلق الأسهم على أيادي الجنود! نظرت له بصدمة، انتهى من مهمته بكل برود و بسرعة، و تحرك و هو يرمي ببقية الأسهم ارضاً
"يجب ان تقوم بما يريح ضميرك و لكن بذكاء" قال عمي بهدوء
"و لكن هذه الأسهم انها ليست كرووتلاندية" قلت بصدمة
"هذا صحيح لقد وجدتها في طريقي لهنا، انهم لن يستطيعون حمل السيف لبقية حياتهم" قال عمي و هو يسير أمامي، لحقت به و وجهي عبارة عن علامة استفهام، وجدته يقول لي:" سأشرح لك عندما نصل لبر أمان"
كنا نسير بلا توقف هذه المرة شعرت انني لا أريد ان اتوقف ابداً، كانت هناك أمور غامضة تحصل من حولي، لا أدري متى سقطت أرضاً، كان هذا كثير على ابن ال ١٢
وجدت عمي يلتفت لي بهدوء، جاء ناحيتي و ساعدني على الوقوف و قال :" لقد حل الليل يجب ان ننال قسط من الراحة"
"لقد قلت اننا يجب ان نعود بسرعة" قلت و انا ألهث
وجدت ملامحه تتجعد و قال بإنزعاج:"لم يكن يجب علي ان أصطحبك معي لا زلت صغيراً على مثل هذه الأمور"
بالطبع اطعت الأمر نصبنا جلستنا و نارنا و جلسنا، كان لإنعكاس النار على وجوهنا و الشرار المتطاير هيبته كل واحد منا كان قد غاب في عالمه، أصوات الغابة و هذا الهدوء، عقلي كان  مشوش الكثير من الأفكار ملأته، فكرة تنطح أختها، الكثير من الأسئلة!
"لا أفهم شئ يا عمي" قلت بغضب واضح
"لا تكن مستاءً من جهلك ليس من واجبك ان تفهم كل هذه الفوضى انها اكبر منك" قال و هو يضع يديه أسفل ذقنه ماداً نظره للفراغ
"و لكن يا عم ماذا حصل في قصر الأمير، الم يقل انه سيساعدنا"
"على مهلك يا ولد" قال عمي بهدوء
"و لكني أريد ان أفهم أكره ان ابقى جاهلاً هكذا" قلت يإصرار
"حسناً أصغي جيداً" قال بدأ عمي كلامه بعد تنهيدة طويلة، و أكمل:" اننا على وجه عصر جديد "
نظرت له بإستغراب لم أفهم
"كما ترى الملك مور يعاني مع رجاله! لقد أخبرني الأمير ان نحذر من القادم، ان الملك لم يعد يعرف كيف يسيطر على رجاله و قد وصله اننا ننوي مقابلة بروم رولف و على ما يبدو ان هذا لم يعجبه، فقد وصل لمسامع الأمير انه يتوعد كرووتيلان و اننا لا يجب ان نحلم بأراضينا"
"و لكن هذه مجرد شائعات" قلت ببعض الأمل
"قد تكون كذلك و لكن قال انه سيقبض على الكرووتلانديين!" قال عمي، و أكمل:" لهذا طلبت منك ان تخفي نفسك عن أعين الجنود علينا ان نكون اكثر حذراً من الآن فصاعداً"
"و لكن لا يوجد ما يضرنا حتى الآن"
"نعم و لكن لا نعلم ما هو الخطر القادم " قال بإنزعاج و فجأة وجدته ينظر لي و قال:" و لكن تصرفك اليوم في المدينة ألهمني"
"ألهمك لفعل ماذا؟" سألت بإستغراب
"أمر لصالح كرووتيلان، سأخبرك به لاحقاً" قال بأمل
كان الحديث كله أكبر مني و لكن عمي بدى مهموماً

الغراب أزرق العينينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن