وبرغم البُعد مفيش بينا مسافات♥

76 11 0
                                    

-صباح الخير يا جاري إنت في حالك وأنا في حالي.
-أنا في حالِك وإنتِ في حالي!
-أيوه...
لفيتله بسرعة وكملت:
-لا إنت عكستها.
-اتعلمتي الكلام ده منين؟
رفعت كتافي لفوق بطفولية، قعدت على سلمة من درجات السلم ورديت:
-كنت بسمعها من ماما كتير.
قفل باب شقتهم وجه قعد جنبي وسأل:
-مين ضايقك؟
مطيت شفايفي بحزن، أخدت نفس طويل حسسني إني سحبت الهوا من المكان كله، رجعت بضهري لورا ورديت:
-هنسافر عند جدي بكرة، وهنرجع بعد أسبوع.
-زعلانة عشان هتسافري؟
-لا، عشان هلعب مع قرايبي هناك ولما أرجع هتحبس في البيت تاني.
-ابقي تعالي العبي معايا.
قمت من جنبه وأنا بنفض لبسي من أثر التراب، لفيتله ضهري عشان أدخل البيت ورديت:
-لا، ماما قالتلي ماينفعش آجي عندكو تاني؛ عشان إحنا كبرنا.
قفلت الباب وقعدت وراه وأنا ببص لشرابي المخطط، رفعت عيني لأشعة الشمس اللي تسللت من تحت فتحات الشباك الضيقة وابتسمت، عديت من واحد لعشرة وقمت فتحت الباب بسرعة، لقيته لسه قاعد مكانه ضهره ليا وبيفرك في صوابع إيديه، فقلت بصوت يوصله وأنا بضحك:
-إنت صاحبي الوحيد.
لفلي بعينيه وابتسم، قام وقف قصادي ورد..
-وإنتِ كمان صاحبتي الوحيدة.
بص في الأرض وبعدها رفع عينيه وقال..
-لما أكبر هحبك ونتجوز.
حطيت إيدي على وشي وأنا بضحك:
-ماشي.
سكتنا ورجعنا قعدنا على السلم من تاني، كنا باصين لاللاشيء، بصيتله عشان أتكلم لكن لقيت ماما طالعة على السلم ومتعصبية، بلعت ريقي بصعوبة، تخطتني وفتحت باب الشقة وبعدها ندهت عليا بصوت مخنوق ويبان عليه العصبية:
-سما، تعالي.
وقفت قصادها وعيوني للأرض، خايفة أبصلها وخايفة أتكلم أو حتى أرد عليها، فضلنا ساكتين أكتر من دقيقتين، هي بتبصلي وأنا ببص للأرض ولحركات رجليها، قطعت الصمت بصوت عصبي يغلبه نبرة آمرة:
-ادخلي أوضتك وجهزي هدومك عشان هنسافر عند جدك النهارده، يلا.
جسمي اتنفض من الخضة وجريت من قدامها بسرعة وكإن كلامها كان طوق نجاة ليا من وقفتي قصادها والخوف قابع جوه عيوني، فتحت الدولاب بتنهيدة:
-يارب يبقى عندي صحاب، ويارب ماما ماتفضلش تعاملني كده أنا تعبت!
خلصت شنطتي وقعدت على السرير جنبها، حطيت دماغي عليها وأنا بعيط بحزن وكإني في عمر العشرين مش لسه طفلة عندها تسع سنين!
-بسبس.
بصيت للشباك بخضة فلقيته واقف في شباك أوضة باباه ونص جسمه لبره، جريت عليه بسرعة وأنا بمسح عيوني من الدموع:
-بتعمل إيه لو ماما شافتك هتزعقلي وهتقول لباباك.
حدفلي ورقة مكرمشة جواها مشبك عشان تبقى حركتها لعندي سهلة ورد:
-ماتزعليش، واتبسطي هناك.
-طب ادخل بسرعة يا ساجد.
-هدخل بس ابقي افتحي الورقة قبل ما تمشي.
هزيت دماغي بآه ورجعت لورا وأنا بقفل الشباك، فتحتها وقعدت على السرير:
-أنا وإنتِ هنفضل صحاب طول العمر ولحد ما نتجوز، ماتزعليش يا سما بس مامتك بتخاف عليكي، بصي أنا وإنتِ كبرنا هي معاها حق، بس برضو هنفضل صحاب حتى لو ماتكملناش، اتفقنا؟ ماتعيطيش بقى حقك عليا أنا.
بصيت في آخر الورقة لقيته راسم قلب وكاتب عليه اسمي واسمه، ابتسمت وطبقتها وحطيتها جوه دولابي بحرص، قطع صمتي الخارجي صوت ماما وهي بتنده عليا:
-سما، خلصتي؟
خرجت دماغي بره الدولاب ورديت:
-أيوه يا ماما وجايه أهو.
دخلت أوضتي وقعدت السرير، اتنهدت وهي بتبص للشنطة وقالت:
-هدومك كلها يا سما، حطيهم كلهم.
-ليه؟
-مش هنرجع هنا تاني، هنقعد هناك سنين يمكن تكون كتير.
قلبي ارتجف وحسيت برعشة احتلت جسمي، لساني عجز عن الرد وكل ذكرياتي هنا بدإت تحتل عقلي بالتدريج، شدتني من إيدي قعدتني جنبها وكملت:
-باباكي مسافر كام سنة، وإنتِ عارفة إن ملناش حد هنا وكلهم مجرد جيران، لكن هناك كلهم قرايبنا وبتحبيهم كمان، كام سنة وهنرجع تاني، وعد.
-بس أنا...
صوتي وقف من العياط، فمسحت دموعي بسرعة وكملت وحروفي مقطعة:
-أنا مش عايزه أروح هناك.
- ماعندكيش صحاب هنا.
وقفت بسرعة وأنا بعيط ورديت:
-عشان مابتخلونيش أتكلم مع حد ولا أروح في مكان، وطول الوقت بتسأليني عن أي حد كلمته حتى لو حد سألني على عنوان وأنا راجعة من المدرسة، حتى الثواني بتحسبوهالي ولو اتأخرت دقيقة ببقى خايفة يا ماما.
-احنا بنخاف عليكي.
قالتها وهي بتكمل باقي لبسي وتحطه في الشنطة، بصيت لحركة إيديها بخوف من إنها تشوف رسالة ساجد ورديت بانفعال:
-طيب، سيبيهم أنا هحطهم.
-لا، روحي إنتِ خدي دش عشان شوية وهنمشي.
-وقفت قصادها وقدام الدولاب عشان أحجب عنها الرؤية ورديت:
-طيب، هاخد لبس.
رجعت لورا وحطت اللي في إيديها في الشنطة وضهرها ليا، استغليت الفرصة وسحبت الورقة تحت هدومي ومشيت للحمام وأنا حاسة بمرارة في حلقي أثرها مش هيزول دلوقتي بسبب الحزن اللي احتلني.
هقوله إزاي إني يمكن مارجعش تاني ولو رجعت هبقى كبيرة عن كده بكتير! نفخت بضيق وأنا بلمس الورقة اللي حدفهالي وبحطها بحرص ورا صورتي في البرواز الصغير، دخلِت عليا وسألت:
-يلا؟
-يلا يا ماما.

اسكريبتات Where stories live. Discover now