خاص || مخمور بالحب

494 66 86
                                    

جلستُ إلى الطاولة الّتي قادني إليها النادل أنزعُ عني معطفي الأسود الثخين أعطيه إيّاه وَأخذتُ أراقبُ شوارع المدينة من الواجهة الزجاجيّة أتفقدُ الوقت في ساعتي الفضيّة بين الحين والٱخر بِقلّة صبر

الثلوج الّتي بدأت في التساقط جذبت إنتباه العديد مِن رواد المطعم مِمّا زاد من الضوضاء بينما جذب العديد هواتفهم يلتقطون صورا لتساقط الثلج الأوّل بهذه السنة وعكسهم لم أكن مهتما بما يحدثُ حولي حاليّا، كما لم أكن مهتما بهذا الموعد المدبر الّذي أصرّ والدايا أن ٱتيه

ليس أوّل موعد يرسلانني له، لا أفهم لمَ لم يفقدا الأمل في بعد، أنا أرضٌ قاحلة لن تنموَ بداخلها زهرة ودّ لإحداهن، مجيئي هنا مضيعة للوقت

طوال سنواتي الثماني والعشرين كانت مرّة وحيدة الّتي لان فيها قلبي لإحداهن، مرّة وحيدة أدفأت فيها إبتسامة خافقي، مرّة صارت فيها أيامي أشبه بحلم يقظة جميل وددتُ لو لا ينتهي

لكنني إستيقظتُ منه، حين إنتهت السنة الجامعية، وَوجدتني أعود لِواقعي مع تخرجي أَلتهي بمسؤولية شركة والدي الّتي لم أكن حملا لها بعد، لكن، وَبسبب كبره في السنّ، اظطررتُ لِلعمل بجدّ حتى أتلّقن الأساسيات في وقتٍ وجيز، وَإلتهيتُ عن الكلّ حتى نفسي

ما أزالُ أتلقى تدريبا مكثّفا يستولي على أغلبِ وقتي منذ أنني سَأستلمُ إدارة الشركة هذه السنة لكن ذلكَ لم يمنعني عن التفكير فيها أحيانا، وَككل مرّة تمردت عليَّ إبتسامة لا أدركُ سببها

لكن إبتسامتي إختفت حين سمعتُ وقعَ خطواتٍ تنتهي عندَ طاولتي، وَتوقف الوقت لوهلة حين أدرتُ رأسي أراقبُ الهيأة المألوفة أمامي

نبضي إختلَّ وَعصفَ سوادُ عينيها بخفقاتي دون رحمة، من المفروض أنني راكدُ الدواخل إذا ما سرّ هذا الهيجان بداخلي؟

راقبتها، هي من نزعت عنها معطفها الرمليّ تمدّه للنادل تظلُّ بفستانها الأبيض الناصع الطويل وَمن ثمّ تلتفتُ نحوي، كانت ثوانيّ طويلة الوقع عليَّ وَكأنّ عقلي رفضَ إستيعاب أنها هي، أتراها شبيهتها أم أنني أتخيّل كلّ هذا؟

لكن شكوكي تلكَ بددتها هي عندما إنحنت بأدبٍ تعرّفُ عن نفسها "تشوي إيرينا"

تشوي إيرينا؟ أَهذا معقول حتى؟ هل إستمع الكون لصدى إسمها المتردّد بداخلي فأرسلها من أجلي؟ أتُراها هدية القدر لي؟

إنتبهتُ لكوني شردتُ بعض الشيء، وبتوتر وقفتُ من مجلسي أمدُّ يدي نحوها "كيم جونغ ان"

كفّها عانق خاصتي لثوانٍ قبل أن تسحبه مني وَبِنبرة جاهدتُ أحافظُ عليها متزنة أشرتُ على الكرسيّ المقابل لي "تفضلي بالجلوس"

أومأت شاكرة تجلسُ مقابلا لي، عينايَّ راقبتها بقلّة تصديق، لا أظنني كنتُ بهذا القرب منها سابقا، لا أظنها لاحظتني سابقا كما الٱن، وَحين رفعت عينيها نحوي أَشحتُ ببصري بتوتر أعيده للثلج المتساقط خارجا، لونه يماثلُ فستانها، يذكرني فيها، كل شيء يذكرني فيها، حتى وهي أمامي...

أبلق: الهلاك في عينيهWhere stories live. Discover now