6|| ابتسامة

447 32 6
                                    

يجلسون بقلق أمام سرير الفتى الذي بقي نائما لليوم الرابع حتى فتح الأخير عينيه مرهقا للغاية لينتبه لوجودهم معا فاستجمع شجاعته ليسأل بصوته المرهق "مـ.. ـاذا!! .... حـ.. ـدث؟!"

ضمته عمته بقوة بالغة ليئن متألما و يثبت مكانه متعبا دون أن يملك طاقة للمقاومة أو الارتعاش كعادته ...

مسحت المعنية دموع الألم عن عينيه لتسأله بحزن "كيف فتح جرحك صغيري؟! هل تشعر ببعض التحسن الآن؟!"

تأملت بانكسار تعبه و عجزه عن الإجابة و كيف يدير بصره مستنجدا بعمه الذي ساعده على الشرب و أجلسه مستندا عليه فابتسمت لابتسامته التي ظهرت بمجرد أن استعاد طاقته و أجابها بصوته اللطيف الهادئ "لقد ركضت و لم أعلم أن جرحي فُتِح حتى رأيت الدم و أنا ألعب!!"

قبّلت جبينه برفق ليبتسم و يبحث بعينيه عن ابن عمه ليجده يبكي و يمسح دموعه ثم يعود للبكاء فضحك عليه بتعب و أراح رأسه على صدر عمه سائلا بتعب "عمي هل كنت سأشعر بنفس الشعور لو كان بابا من يسندني هكذا!!"

تقلصت تعابيرهم بألم كئيبين فهو في نظرهم لم يزر قبري والديه من جنازتهما لكنه فقط مشتاق للتسلل هناك و الشكوى لتلك القبور الفارغة و في داخله أمل بسيط أن اختفاء الجثث يشير لاحتمال و لو ضئيل أنه لم يفقدهما بعد ...

تأملهم بشرود متذكرا أيام مرضه في السابق عندما كان يتلقى الضرب إن تكاسل و لو قليلا و كيف كان يُرغم على تحضير مشروباته الدافئة لهم أيضا فقط كي يجعلوه يشرب ما يبقى في الإبريق أو الكؤوس بعد فراغهم فتنهد هامسا بحزن 'لقد سامحتكم و أتمنى حقا ألا تخذلوني!! لا أريد تكرار تجربة المرض في السابق عمي'

سمعه الأخير ليمسح على شعره مجيبا بنفس الهمس "أعدك أنني لن أسبب لك أي ألم مجددا بني!!"

ودع الصغير طبيبه بقبلة لطيفة ليعودوا إلى البيت و يستلقي على فراشه بعد أن نام في السيارة من شدة الإرهاق و ابن عمه يلازمه طوال الوقت بأعينه الخزامية الدامعة ...

مضت بهما الأيام حتى عاد في مرة له من زيارة لجيرانهم ليجد الغذاء جاهزا فيتقدم نحو الطاولة يأكل معهم ببرائة فعمه يرمقه بنظرات غريبة و هو محرج من السؤال حقا ...

ناداه عمه بابتسامة لطيفة ليرتبك و يلتفت له فيكمل "عليك أن تبدأ التعلم في المدرسة صغيري! لقد وجدت معلمين جاهزين لتعليمك من الصفر و ... إذا لم تكن مستعدا فأنا لن أجبرك صغيري!!"

نهض الصبي بسرعة و قد ملأه التفاجؤ لتهتز حدقتاه فهل حقا سيدخلونه المدرسة و لن يحرموه منها كما توقع ... ساقته قدماه نحوه بسرعة يتشبث بقميصه بقوة قبل أن يسأل بشيء من الصعوبة "حقا.. هل ... هل ستدخلني حقا عمي؟! هل حقا سأحصل على فرصة لأتعلم و لن أضطر لاختلاس النظر إلى كوتارو و هو يدرس؟! ... أ أنا!!"

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Aug 18, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

بقايا روح || Remains of a soul Where stories live. Discover now