جزء 25

2.2K 158 11
                                    


           الجلسة الثانيه

ظهرا اتصلت بالحاج سعيد النداف ، واخبرته  اني اود حضور جلسة الليلة ومعي صديق ارغب باصطحابه معي فقال : اهلا وسهلا بكما.....
بعد ان تناولنا العشاء ببيتنا انطلقت انا وعمار الى دار الحاج النداف وكان عمار متحمسا جدا لرؤية هذه الارواح النقيه بعد ان كلمته عن بعض احوالهم ، واخلاقهم ، وايمانهم… .
وصلنا الى دار الحاج  وقد فتحها بنفسه ورحب بنا ولكنه سلم على عمار بطريقة عجيبة وكأنه يعرفه منذ سنوات مع ابتسامة حانية وقد عانقه وحياه….
دخلنا الى صالة الاستقبال التي كانت شبه ممتلئة بالحاضرين وما ان دخلت حتى وقعت عيني على إنسان عيني  الشيخ اليقظان  - ولم اكن اعلم بمجيئه - فعانقته بحرارة وهو كذلك وقال لي : مشتاقين ، فقلت له : بويه واني أكثر .
وما ان جلسنا وطاب بنا المقام علمنا ان الحديث كان قد ابتدأ وكان المتحدث شيخنا اليقظان فاسترسل مباشرة بقوله : - الله متانيك ،  ليش تأخرت ؟؟؟!!!!!
وهنا ارتفع صوت احد الشباب بالبكاء ، ووقعت عيني مباشرة على عمار الذي تسمرت عيناه على الشيخ وكأن هذه الكلمة وقعت كالصاعقة على رأسه ، وحتى لا أشعره بشيء
طأطأت رأسي ، واصغيت بقلبي لهذا الصوت الرباني الذي جعله الله هاديا بأبسط  الكلمات وأعذبها !!!
- نعم الله متانيك ، ليش تأخرت ؟؟!!
ان الله ينتظر مجيئ العبد - كلا بحسبه - العاصي والمؤمن والمريد والسالك والعارف والولي كل واحد ليه رجوع بحسبه…….  حدثني عن نفسك أي أي انت ، ليش تأخرت ؟! مو كافي جفاء ، مو كافي ابتعاد ، الى متى شارد… . قال الشيخ اليقظان هذه العبارات  وسالت دموعه على خديه وقال : الهي اجعلني كقاسم !!
هل سمعتم بقصة قاسم ؟؟؟!!!!
في النجف الأشرف كان هناك شاب من العصاة والاشقياء ولم تكن له علاقة جيدة مع الله تعالى ولكنه كان يحب ويحترم العارف الكبير السيد علي القاضي ( قدس سره الشريف ) ويساعده بحمل بعض اغراضه أحيانا ، وفي يوم من الايام قال له السيد القاضي : أريد ان اطلبك. طلبا بسيطا وأرجوا ان لاتردني…
قال له قاسم : انا أفديك بروحي يا سيد!!  
فقال له السيد : اريد منك ان تصلي صلاة الليل هذه الليلة !
وهنا استغرب قاسم وقال للسيد : سيدنا انا أتسكع لأواخر الليل مع أصدقائي ثم انام ولا استيقظ الا متأخرا ..
فطلب منه السيد ان يفعل ذلك وأصر عليه وقال له سأوقضك من بعيد هذه الليلة بطريقة خاصة…
يقول قاسم : رجعت الى البيت ، ونمت على أمل الاستيقاظ وفي حدود الساعه الثانية ليلا نهضت فجأة من النوم وكأن أحدا أيقظني وقد اتجهت الى الماء وبمجرد ان وقعت عيني على الماء تغير حالي وشعرت بجذبة حقانية نحو الله تعالى فتوجهت الى الله تعالى وقلت : ( الهي : لقد تأخرت في المجيئ ، ولكني اريد البقاء ، فشدني اليك )
اني اجيت بس ماأريد أرجع !!
بعد هذه الكلمة صار قاسم من صلحاء النجف ومؤمنيها …
فعلى من جاء ان لايرجع  - ووقع بصره على عمار !!
شعرت في وقتها ان قلب عمار سينفجر  من الحسرة ، وبمجرد ان وقعت عيني بعينه سالت دموعه وعلم ان هذا الشيخ الملكوتي يقصده بكلامه ، وبينما نحن كذلك قال الشيخ اليقظان : ( وليس فقط ينتظرك انما يشتاق اليك ) !!!!!
نعم احبائي ان الله تعالى يشتاق لوصال خلقه ، ولرجوعهم اليه ولذا ورد ( لو علم المدبرون عني عن مدى شوقي اليهم لماتوا شوقا ) .
الأن انتقل الأمر الا ماهو ابعد من الانتظار تعدى الى الشوق وتخيل ماذا سيكون حال المشتاق لو رجع اليه الغائب!!!
وهنا علت صرخات المحبين  وبين اصواتهم صرخ عمار : يارب يارب يارب…
فكفكف الشيخ اليقظان دموعه وسكت وكأنه  كان ينتظر هذه الصرخه القلبيه ليحلق هذا الطائر الجديد في سماء الملكوت  فيما انطلق صوت صديقي عمار بالبكاء والنحيب…
* واذا جرت دمعة الندم على الخدود ،  حفرت انهار التوفيق في طريق التائب ، وسقت نبتة المحبة في القلب ، وكم تشبه هذه الدمعة قطر السماء ، وعين الماء ، فاغتنمها ايها النادم العازم على ترك الخطايا ، وهجر معبد الأوثان .
ساد صمت رهيب في الجلسة بعد هذا الحال الروحاني الذي غطى المكان ، والكل قد طأطأ برأسه ، وخشع لربه ، وبينما نحن وسط هذا الصمت الجميل تخلل الاسماع صوت الحاج سعيد النداف قائلا : (شيخنا : يقال ان لكل صحابي من صحابة رسول الله الصادقين ، واصحاب الأئمة المعصومين أحوال خاصة ، واشارات ربانيه عظيمة تنفع المريدين والسالكين في طريقهم فأتمنى ان تحدثنا ولو بقدر بسيط على بعض احوال الصحابي العظيم عمار بن ياسر !!!!!
* سبق وان قلت لك يارفيقي : ان اهل الله موفقون في كل شيئ ، في كلامهم ،  وافعالهم ، ومقاصدهم ، فهم بتوفيق الله يضعون العلاج للمرض ولا يرمون سهما في الهواء ابدا ، ان الله يجعل في كل تصرفاتهم عنايته وتوفيقه وتسديده… .
استغرب صاحبي عمار من السؤال مع ان الجميع لايعرف قصة صديقي عمار ولا حتى اسمه… ..
قال الشيخ اليقظان:  حسب علمي ان جلستكم منذ ليال تدور رحاها حول اركان طريق الله تعالى واعتقد ان كلامي والسؤال خارجان عن تخصص  الجلسة ، ولكن مع ذلك لا ارد لك طلبا ، ولا ارفض لك قولا… .
( عمار اسمه من عمر اي بناء  العمران ، فمن اسمه عمار عليه ان ينطلق بعمران قلبه ، ولعل من اعظم الدروس في حياة هذا الرجل الإلهي هي انه ضحى بأهله من اجل طريق الله تعالى فقد رأهم يستشهدون امامه ولم يترك العبوديه الحقه لله تعالى ، وقد عمل بالتقية التي هي دين الله الحق ، ولاتنسى انه استشهد  مع حضرة الامام الحق مولانا امير المؤمنين ( عليه السلام ) ثم شرع ببيان بعض الأحوال الخاصة به ( رضوان الله عليه )
الى ان قاربت الساعة العاشرة والنصف فقال : استأذنكم وقام وبقيامه قمنا جميعا وانفض المجلس ورجعنا انا وعمار وكان مصابا بالذهول ، والتعجب ، والحيرة ، وأول ماصعدنا السيارة قال لي بدهشة : ولك حسن ذولة شنو من بشر ؟؟!!
معقولة أكو هيچي ناس ؟!
ليش چنت ضامهم عني ؟!
يابه ذولة ملائكة مو بشر !!!!
كان مصدوما جدا ومستغربا ، ومدهوشا ، من كلامهم وكيف جاء وكأنه عنه فقط ..

يتبببببببع…

رحلة عشقWhere stories live. Discover now