الفصل التاسع والعشرون

77.7K 5.9K 1.7K
                                    

”لو رُزِق العبد الدُّنيا وما فيها ثمَّ قال الحمدُ للّٰه، لكان إلهام اللّٰه له بالحمدِ أعظم نِعمة من إعطائه الدُّنيا؛ ﻷن نعيم الدُّنيا يَزول وثَواب الحمدِ يَبقى.“

- ابن القيّم.

صلوا على نبي الرحمة..

_________________

كانت نظراته تحوم حولها، وهي فقط تنظر له منتظرة أن يفعل ما تريد دون حتى أن تنطق، تثق في قدرة صلاح على معرفة ما تفكر به، وهو كان على قدر كبير من الثقة إذ فهم ما تريد ...

حلم طفولي قديم عاشت تتمناه، رغبة مجنونة طمرتها داخل قلبها في انتظار أن تفصح عنها، لكن التجربة السابقة لم تكتفي بأن محت تلك الرغبة، بل دفنتها ودهستها أسفل اقدام الظلم .

ابتسم صلاح يتذكر جملتها التي أفصحت عنها في لحظة صراحة معتادة بينهما، كانا يجلسان على إحدى العتبات في الشوارع جوار سيارة صلاح يتناولان بعض الطعام قبل استكمال رحلتهما وفجأة قطع صلاح كل ذلك :

" ميمو هي ايه كانت احلامك عن الجواز قبل كده ؟! حابب أخد فكرة عن تفكيرك "

صمت يقضم من شطيرته قائلًا بنبرة هادئة بعض الشيء :

" قصدي يعني قبل ما تتشرسي بالشكل ده "

أطلقت ميمو ضحكات مرتفعة وهي تضع يديها على معدتها من نظراته لها، ذلك الرجل لن ينسى ما قصته على مسامعه، توقفت وهي تنظر بترقب لسؤاله غير المتوقع، لكنها رغم ذلك ابتسمت بسمة واسعة ومنحت لنفسها الإشارة الخضراء للحلم مرة أخرى بعدما سُلبت ذلك الحق :

" هو أنا تقريبا قولتلك قبل كده، موضوع البلاليين اللي فشل ده، وانك تيجي تتقدم ليا وأنا اعمل نفسي مكسوفة وده نلغيه عشان أنا مش مكسوفة منك، بس انا اكتر حاجة نفسي فيها بقى وعشت عمري احلم بيها هي أن..."

صمتت تنظر له تستكشف ردات فعله، وصلاح فقط يتابع بفضول شديد يسجل داخل عقله كل رغباتها، يود فقط أن تعيش التجربة معه كأنها مرتها الاولى، يتمنى أن يمحو كل ما سبق لها من فشل في أمر العلاقات والزواج، وربما يستطيع ذلك بمساعدة منها .

تركت ميمو شطيرتها على الحقيبة الخاصة بها ونهضت بحماس تقول :

" نفسي اللي يجي يطلب ايدي يقف في ميدان مثلا او مش شرط ميدان، يعني قدام الناس وخلاص، ميتكسفش أنه يركع قدامي ويمد أيده ليا وهو ماسك خاتم ويقول بكل حب ...."

كانت تنفذ كل ما تنطق به، إذ جلست على ركبتها أمامه تنظر له ببسمة وتمد يديه قائلة ما تود سماعه في مثل تلك اللحظات :

" ميمو تقبلي تكوني حياتي ومراتي وحبيبتي وكل ما ليا ؟؟؟"

ابتسم صلاح لها، ثم وضع شطيرتها في يدها الممدودة يقول بعبث :

ما بين الألف وكوز الذرة (مكتملة )Where stories live. Discover now