2

221 7 5
                                    

بهدوء يخطو بين الأقسام , يبحث عن قسمٍ معين ، و بيديه يحمل صندق غداءٍ لطيف ، تبسم برؤية من يبحث عنه ، ليدخل القاعة محدقاً بإنشغال مجموعةٍ من الطلاب الأكبر سناً بإنشاء نوذجاً مضخماً لمشروعهم الجديد

" ... بحذر إيان ... دعنا لا نهدم المشروع ... "

بفضولٍ يُحدق بما يفعله اللطيف و الذي بدوره مركزاً عشبيتيه بثبات بالمكان الذي يُقرب يديه منه لوضع بعض القطع الداعمة ، يتقدم بهدوء بينما يحدق بفضول ليصطدم بأحد الطلاب المتجمعين حول النموذج

ديلان : ... اوه ... عذراً ...

" لا بأس ... اممم ... أنت من قسم آخر ؟! "

ديلان : ... اهمم ... أجل ...

" ... هذه سنتك الاولى ؟ ... "

ديلان : ... اممم ... أجل ... اممم ... يبدو أن إيان مشغول ...

" ... تعرف إيان ؟!! ... "

ديلا بخجل : ... أجل ...

ليصيح الشاب للآخر

" ... هيييي ... إيان ... جاء أحدٌ لزيارتك ... "

ليتتجمع الحمرة مجدداً بوجنتيه محدقاً بالآخر الذي تلفت ناحيته لثوانٍ ليعاود الإنغماس بعمله ، تلاشت إبتسامته محدقاً بالأرض بحرج

" ... ههي ... لا بأس ... أنه هكذا دوماً ... ما أن ينغمس بأمر ، يتجاهل كل شيء ... هههه ... حتى و إن إندلع حريقٌ ما لن يخرج إلا ليكمل ما يفعله "

مميئاً الفحمي الأصغر بهدوء ليستدير عائداً أدراجه بخيبة ...
تكرر الأمر مرات عدة ، بكل مرة يرسم إبتسامةً لطيف يهم بالذهاب ليعود عابساً و خائباً لقسمه ، يفتح صندوقه ليتناول طعامه الذي أعده لكليهما ، وحده ....

...........................

" .... مساء الخير جميعاً ... أدعى ميا آسوي ... طبيبٌ و إستشاريٌّ نفسي ... بأمكانكم مناداتي ميا ... "

يتحدث بلباقةٍ جاذباً إنتباه جميع الحضور إليه ، بإبتسامةٍ لطيفة بتعابيره و بخطواتٍ واثقة يمشي بأرجاء بالمنصة أمام كمٍ هائلٍ من الطلاب المؤهلين ، يُلقي محاضرةً مُوسعةً و شاملة بشكلٍ بسيطٍ و سلسل جداً ، جاعلاً منهم جميعاً يشعرون بالتشوق و المتعة لدخول عالم النفس الذي يتحدث عنه ، تحليل الأشخاص و البيئات المحيطة ، التصرفات الصحيحة للتعامل مع مختلف أنواع الشخصيات ، قرائة التعابير و الإنفعالات ، أهمية الكلمات رغم بساطتها و خفتها إلا أنها سلاحٌ ذو حدين ، بإمكان كلمةٍ واحدة تدمير شخصٍ بأكمله و بذات الوقت بإمكانها بناء شخص صلب و متين و تحثه على النجاح ، يتحدث عن أهمية التفاصيل الدقيقة التي لا يُعيرها غالبية البشر أهمية و التي تكون سبباً أساسياً و كبيراً جداً بالتأثير على حياتهم سواء أكان بشكلٍ إيجابيٍّ أم سلبي

ميا : ... تماماً كالخلايا ... مجرد كائناتٍ دقيقة جداً يصعب رؤيته حتى بالمجهر ... إلا أن ما نحن عليه الأن ليس أكثر من مجرد تجمع لهذه الكائنات الدقيقة ... تتجمع لتنتج معجزةً ، ألا وهي الجسد البشري ...
لكن ... دعونا ننظر للجانب السلبي من الأمر ... عندما تزداد هذه الخلايا بشكلٍ غير منتظم و بعشوائية ، بالإضافة لتجمعها و إنحصارها بمكانٍ واحد ... نطلق على أمر كهذا بالأورام ... إن كنت محظوظاً و توقفت عن الإزدياد فسيكون ورماً حميداً ... و إن لا ، فحتما سيستمر التزايد و سينتشر بأرجاء الجسد و يدمر أنظمته بالتدريج ... مؤديا لأمورٍ سيئة و بشعة جداً ثم الوفاة
تفاصيل حياتنا أيضا لا تختلف عن هذه الخلايا أبداً ... مهما كانت بسيطة و سخيفة ... سيكون لها أثراً ... كل شي له وجود ... فله أثر ... لا يهم حجمه ، شكله ، مكانه ، أو أيٍّمن سماته ... فالأثر حتما سيتواجد ... كلمةً ، أم تعبيراً بالوجه أو الجسد ، ربما حركةً بسيطة ، جميع هذه الأمور تسبب آثراً علينا و على محيطنا ....

صفر : بداية النهايات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن