9

168 5 4
                                    

يحاول جاهداً التركيز بمحاضراته لكن بأساً ، مهما حاول يستمر عقله بالشرود و تركيزه بالتشتت ، ليخرج لإستشاق بعض الهواء متخطياً باقي اليوم من المحاضرات ، جالساً بذات البقعة المعتادة ، يأخذ ببعض الحجارة أرضاً ليرميها بتمللٍ و خفة لإحدى الأشجار المقابلة ،
بينما أشقر اللطيف جالسٌ وحده بمكانهم المعتاد بتناول الغداء منتظراً شريكه الغارق بشروده لوحده ، ليستقيم بعد إنتهاء الوقت المخصص للغداء و يتجه لبقاي محاضراته ،
إنتهى اليوم بطوله دون لقاء ، عدا عن أنه حاول جاهداً عدم الذهاب ناحية قسمه إلا انه حتى و بالصدفة لم يلتقيا أبداً و كأن الحياة تخبره أنه الصواب ، ليُحبط أكثر و يعود للمنزل ،
بزاويةٍ ما بقلبه كان يتمنى حقاً أن يصطدما و يلتقيا ، او أن يأتي إليه بعشبيتيه التي تستمر بالرمش و التحديق بالفراغ ، و يديه المتشابكة دوماً ، إلا أن عقله يستمر بالقول أنه هذا هو الأنسب ، الإبتعاد و إخماد هذا الحب الشبه مستحيل ...
مرت الأيام بطولها و لم يحدث أي معجزة تجعلهما يلتقيان و لو صدفة ، مما زاد من إحباطه أكثر ، رغم أن هذا قراره و رغبته لكنه بكل يومٍ يمضي ، تمضحل طاقته و سعادته أكثر فأكثر ،
جاء موعد إستلام نتائج الإختبارات نصف السنة ، يحدق بصمتٍ و إحباطٍ شديد بمعدله ، لتجتمع كل التفاصيل المؤلمة و تنفجر مرةً واحدة ، يذرف دموعه بغزارةٍ شديدة ، كل هذا الضغط بالنسبة له قاتل ، هو وعد نفسه أنه سينجح و سيُحقق هدفه و يُصبح جراحاً ليُساعد والده للسير مجدداً ، و أيضاً أراد بشدة و منذ طفولته أن يكون برفقة من يكنّ له مشاعر قوية و صافية ، هو فقط يأس و تعب جداً من فشله بجميع محاولاته ، التخلي عن ما يحبه حقاً لأجل فعل الصواب ، معاناته بالدراسة الصعبة جداً و إجبار ذاته لحبها ، تجاهل إيان له و عدم إستيعاب مشاعره و حبه ، قراره الذي إتخذه بعناءٍ و صعوبة ، بالإبتعاد و التخلي عن حبه الذي لن ينجح مهما حاول ، يشعر بالإختناق و الذعر ، وحيداً بمكانه يجلس أرضاً و يجهش بالبكاء مفرغاً طاقته و مشاعره بأكملها ، يفرغ ضغوطاته

" ... لا بأس ... البكاء مفيد و مريح ... لكن أتعلم ما يريح أكثر ... "

ديلان بين شهقاته : ... ز زاك ؟! ...

زاك : ... أن تبكي على كتف أحدهم و تتحدث عن ما يحبطك و يحزنك ...

يجلس بجواره بهدوء بينما الآخر يحاول كبح شهقاته التي تسبب بإزدياد إرتجاف جسده و إنتفاض رئتيه ، إهتزاز حنجرته و إنعقاد وجهه المحمر ، بهدوء و بطئ يحاوط الأكبر أحد ذراعيه كتفي الآخر الذي يراقب ذلك بصمت ، يجذبه لصدره واضعاً رأسه على كتفه ، و الذي بدوره إنهار تماماً مكملاً إنهياره بأريحيةٍ أكبر ...
بعد مدةٍ ليس بقصيرة من تفريغ مشاعره المتراكمة بقلبه الرقيق ، لايزال يُكئ رأسه على كتف الآخر الذي شاركه قليلاً ببضع دمعاتٍ لطيفة و صامتة

زاك : ... هممم ... أفضل ؟! ...

ليبتعد الأصغر بعد هدوئه يمسح عينيه بأكمامه و يعدل هيئته و تعابيره

صفر : بداية النهايات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن