الفصل الثالث

71 18 6
                                    

-نعم، نعم، سيكون لقاؤنا بعد العاشرة صباحًا، كما اتفقنا بإذن الله، لا، لا تقلق سأقوم بإكمال الطلبية في غضون أسبوع، حسنًا كما اتفقنا، بأمان الله.

أغلق هاتفه ورماه على طاولة المكتب ثم تناول كوب قهوته يرتشف منه القليل، سبع شهور مضت منذ افتتاح شركتهم الغذائية، كما أن باب الرزق قد انفتح أمامهم، وتكاثرت أموالهم، ونمت أعمالهم لتقوى وينتشر اسمهم داخل السوق التجاري، آمال كبيرة، وطموحات قد تفجرت في جسد حكمت وباتت تشق طريقها لتصبح حقيقة، كان كل شيء يسير على خير ما يرام، شقيقاه يعملان بجد، وقد تركوا له إدارة الشركة نظرًا لأنه كبيرهم، وقد راقته هذه المهمة كثيرًا، على الأقل انسلخ من تحت رحمة الناس وبات مستقلًا لا ظروف تحكمه

الوفق رزق يسوقه الله ويبارك فيه، ومن شرار الفتن زواله وحلول لعنة النزاع والحقد التي تخنقها الكراهية العمياء

كانت حياتهم مملوءة بنجاحات كبيرة، أحب العمل وبذل الغالي والنفيس في سبيل توطيدها، لم يكن متساهلًا، وقد ظهرت رصانته وحرصه على عدم التواني، والسعي من أجل إعادة الحقوق لأصحابها منذ البداية، كما أن القرض الذي اقترضه شقيقه كان ينام ويستيقظ معه لكأنه هو الذي أخذه، حتى إنه وضع كل ما ادخره من أجل تأمين حياته وزواجه في هذه الشركة لتقوى أكثر ويزداد ربحها، ببساطة ومن أجل الازدهار فضل الحياة العملية على حياته الشخصية، تكفل أخاه بجلب البضائع كونه صاحب خبرة فيها، فالشركة الغذائية التي افتتحها نسخة مصغرة عن أعماله تحت رحمة العباد، ولكون حكمت لا يفقهها ترك الأمر له ووثق به ثقةً عمياء.

ثمة أمر يدغدغ طموحاته اللامتناهية، كان على الدوام يرسم آفاقًا تقودهم للعلو والنجاح أكثر فأكثر، وأول شيء قرر فعله هو تعلم لغة ثانية، الطموح في إشهار شركتهم ووصولها للخارج يدفعه للسعي دون راحة، لذا عهد للتسجيل في إحدى معاهد اللغة الانجليزية، سيتسلح بلغتهم ويمسك خيط حلمه الكبير بغية الوصول إليه، وكل أرباحه من الشركة يضعها فيها بغية توسعتها وتقويتها أكثر فأكثر.

بينما شقيقاه مع كل ربح يخرج إليهم من الشركة ويتم تقاسمه على ثلاثة؛ ينفردا به، هم رأوا الاكتفاء بما تنتجه شركتهم يكفيهم، فعمدوا إلى تغيير وضعهم الحالي، بدلوا أساس المنزل، وطمع كل واحد منهما بشراء سيارة فاخرة، لذا كان الركض خلف مسعاهم لا يستدعي التوقف على الإطلاق.

"************************

-كل شيء قد انتهى، الحمدلله على سلامتك يا كريم، في المرة القادمة كن حذرًا يابني

-لم ينتهي بعد، فورة أبناء عمي لم تخمد ولن يحدث ذلك مالم يثأرون يا أبي

-مالنا ولهم، يا ابني ابقى بعيدًا عن ثأر الدم، يكفي بأن آباءهم قد تقبلوا الحقيقة

-أية حقيقة يا أبي، إنها مطموسة بمدعي العمى

-اسمعني جيدًا، عمتك ليست هينة، كما نخشى على أقرباء عوض من الأذى، ماذنبهم ليذهبوا ضحية غضب أعمى

دعائم هشةWhere stories live. Discover now